إن صح ما تناقلته الأنباء عن حملة الجوازات لملاحقة الضيوف العاملين لدى غير كفلائهم، وما صاحبها من مداهمة للمدارس والمستشفيات الأهلية والمؤسسات الخاصة، وتمزيق للإقامات، واحتجاز لأصحابها، وتعطيل لبعض المشاريع الحكومية، وغير ذلك من قصص الفزع التي تناقلتها الألسن، فإن الواقع يقتضي أن نقر بأن هذا الجهد، على نبل غاياته ومقاصده لم يكن موفقاً، وأنه قد أخطأ السبيل إلى حل مشكلة التخلف بين ضيوفنا من الوافدين ولم يساعد كثيراً في مسألة توطين الوظائف. أقول إن صح ذلك، لأن الأجهزة الحكومية بما فيها إدارة الجوازات ومكاتب العمل، قد تنصلت من مسئولية هذه الحملة بطريقة تنبئ بأن المسئولين في تلك الأجهزة قد أدركوا خطأ ما أقدموا عليه، وباتوا يتقاذفون مسئولية التجاوزات التي صاحبته، وخاصة مسألة تمزيق الإقامات التي يصر المسئولون على أنهم لم يقدموا عليها في حين يبرز بعض الضيوف الوافدين إقامات ممزقة لا أظنهم أقدموا على إتلافها بأنفسهم.. ولقد روى البعض عن هذه الحملات أنها نفذت بطريقة فجة، ولم تراعِ حرمة الأماكن التي تمت فيها، ولم تحترم كرامة من تعرضوا لها من الضيوف الوافدين الذين تعرضوا لمساءلات استفزازية وأساليب لا تليق بسمعة هذا البلد المضياف ولا برحابة صدر أبنائه الطيبين. أود أن أصدق نفي الأجهزة الحكومية، لأن حملة كهذه كان يجب أن توجه بالدرجة الأولى نحو العمالة غير المنضبطة التي تهيم في الشوارع أو تنتشر في القفار وتبث الرعب والهلع في القرى والأرياف، أما أن توجه لأشخاص منتجين منضبطين دخلوا البلاد بصفة شرعية واستطاعوا أن يجدوا لهم عملاً مشروعاً في مؤسسات مرخص لها فإن ذلك يصبح فعلاً جهداً مهدراً في غير موضعه. قد يقول قائل ولماذا يعمل هؤلاء لدى جهات لا تكفلهم نظاماً، فنقول إن الجواب ينبغي أن يكون بتسهيل سبل عملهم في تلك المواقع، فما الضير من التحاق زوجات بعض الضيوف الوافدين للعمل في مدارس أهلية مثلاً؟ وما المشكلة في التحاق بعض الرجال الذين قدموا بصفة محارم بالعمل في جهات تحتاج إلى خدماتهم ومنهم من يحمل تأهيلاً عالياً في كثير من التخصصات التي نحتاج إليها اليوم وغداً وما زلنا نفتح الأبواب لاستقدام الألوف لها على مدار العام؟ وإذا قال أحدهم إن في ذلك تحايلاً على توطين الوظائف قلنا إن مسألة التوطين هي قضية تخص وزارة العمل وأصحاب العمل ولا ينبغي اقحام الضيوف الوافدين فيها، ووزارة العمل لم تقصر في وضع القيود والشروط والمصاريف والغرامات في سبيل تحقيق هدف التوطين. أتمنى أن يكون كل ما تناقلته وسائل الإعلام عن هذه الحملات غير صحيح، وعندئذ فإن علينا أن نحاسب المدارس التي أغلقت أبوابها لأيام بحجة « الصيانة «، وأن نعاتب المستشفيات التي أوقفت العمل في عياداتها وتركت مرضاها يحملون أسقامهم ويبحثون عن دواء لآلامهم، وأن نلوم المقاولين الذين تباطأت عجلة التنفيذ لديهم وقد قال بعضهم إن أكثر من نصف عمالهم قد تغيبوا عن العمل خشية المداهمة والحجز والترحيل. أتمنى ذلك لكي أعرف أن بلادنا التي تحتاج لكل قطرة جهد لم تهدر شيئاً من وقت المسئولين فيها جرياً وراء السراب وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. *وقفة :هذا المقال كتبته قبل يوم واحد من الاعلان عن صدور توجيه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-لوزارتي الداخلية والعمل بإعطاء فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والإقامة في المملكة لتصحيح أوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه وتطبيق النظام على من لم يقم بذلك ؛وفي هذا دليل على قرب القيادة من واقع المجتمع واحتياجاته . للتواصل: [email protected] فاكس : 02/6901502 [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain