المنامة - صادق الحلواجي أبّنت المنامة مساء أمس الأول الثلثاء (9 أبريل/ نيسان 2013) الشهيد عبدالكريم فخراوي في الذكرى الثانية لاستشهاده، إذ استذكر أقرباؤه والمحيطون به مناقب ومواقف الفقيد مع مجتمعه طوال فترة حياته. وشمل حفل التأبين كلمة لرئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري، وكذلك أخرى لرئيس قسم التبليغ بالمجلس العلمائي الشيخ علي رحمة، إلى جانب قصيدة للشاعر مجتبى التتان، ورثاء للرادود سيدأمير الموسوي. فيما حضر عدد من رجال الدين والوجهاء. وعبدالكريم فخراوي (49 عاماً) استشهد في (12 أبريل/ نيسان 2011) بالسجن بعد اختفاء أثره لفترة 9 أيام تقريباً، وهو واحد من الأشخاص الذين ذكرهم تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، بأنهم توفوا بسبب التعذيب. وكان رابع شخص يتوفى داخل التوقيف بسبب تعرضه للإيذاء النفسي والجسدي. حيث بدأت قصته - بحسب ما روته أسرته - بالتوجه في اليوم التالي من مداهمة منزله الكائن بمنطقة كرباباد وتكسير محتوياته والعبث فيه ابان فترة السلامة الوطنية، إلى مركز شرطة السنابس للاستفسار عما إن كان مطلوباً في قضية ما، وللتعرف على أسباب تكسير محتويات منزله، لكنه اختفى بعد ذلك لنحو 9 أيام حيث سلمت جثته لأسرته. وجاء في مداخلة لرئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري خلال حفل التأبين، إن «عبدالكريم فخراوي ذكرى مؤلمة، لكنها في الوقت نفسه تعطي الانسان طاقة وأملاً. وربما كانت مكالمتي له هي آخر مكالمة تسلمها قبل أن يختفي، حيث اتصلت به في ذلك اليوم العصيب (الثالث من أبريل/ نيسان 2011)، لاستعراض ما حدث في ذلك اليوم، لكن مكالمتي كانت هي آخر مكالمة يتسلمها على هاتفه قبل أن يختفي». وأضاف الجمري: «فخراوي أجاب على المكالمة بصوت متغير، وقال لي حينها أنا كنت سأغلق الهاتف قبل الرد عليك؛ لأنني بمركز شرطة المعارض (بالسنابس)، وحين استفسرت عن السبب، أجاب بأنه سيدخل على أحد الضباط لأنه في الليلة السابقة «كسروا المنزل وأحدثوا الكثير من العبث، وأريد معرفة ما إن كانوا يطلبونني وأسباب تكسير المنزل والعبث في محتوياته». ثم استدرك بأنه مضطر لأن يغلق الهاتف لانه قي صدد الدخول على الضابط المسئول في مركز الشرطة، وكان ذلك مضمون المكالمة الأخيرة معه». وزاد رئيس تحرير «الوسط» على قوله: «أنا ودعته خلال تلك المكالمة ولم أعرف كيف وماذا سيحدث له في ظل تلك الظروف، وبين ما أمرّ وأفكر فيه؛ كان هناك نوع من الألم والمعاناة المستمرة، حيث اختفى فخراوي بعد ذلك مباشرة، ولم نسمع عنه أي شيء، وخلال تلك الفترة كنت أمر بشيء مما كان يمر به شعبي». وأوضح الجمري «بعد تسعة أيام من تلك المكالمة كانت الفاجعة أن سُلم جسده إلى أهله، وأنا أعتذر لعدم قدرتي على الحضور لمقبرة المنامة آنذاك، لكنني ذهبت إلى الانترنت وتصفحت صحيفة «واشنطن بوست» التي تنقل بعض الأخبار العالمية من (اليوتيوب)، ورأيت كيف قُطِّع وعذِّب جسد عبدالكريم فخراوي». وبين رئيس تحرير «الوسط» أن «شخصية فخراوي تتميز بعدة أمور، أولها أنها شخصية معطاءة، وأي بلد أو حضارة لا تقوم إلا على المعطائين، وهناك في هذه الدنيا من يأخذ أكثر مما يعطي، لكن أثرهم لا يساوي شيئاً حين يوجد شخص واحد يواجههم، وهذا الشخص الذي يعطي من نفسه وماله وجهده أكثر مما هو مطلوب منه، فالعيش كشخص لوحدك لا يحتاج إلى أن تبذل كل هذه الجهود، لكن حين تشعر بأن المسئولية عليك أن تقدم وتشعر بالواجب وسعادة واستقرار الآخر كالعائلة والمجتمع، وأن هناك من يعتمد على مقدار ما تعطيه من نفسك، وهذا هو ما يبني المجتمعات، فالعطاء يدفع الإنسان إلى أن يكون صاحب موقف ولديه وجهة نظر، يعرف وينظر ويراقب ما يحدث في بلده ويشارك شعبه، ولديه وجهة النظر بشأن الصائب والخاطئ وكيف نخفف المظالم ونكثر من الأمور الخيرة بحيث يكون شاهداً على مجتمعه». وتابع الجمري «عبدالكريم كان معطاءً وشاهداً على مجتمعه، ويتواجد في كل مكان، فحين أسسنا صحيفة الوسط كان من أوائل الناس الذين استشرتهم، فقد كان يعطي من نفسه الكثير، وطالما كان يفكر بالآخرين، وأينما طلبته يكون في المقدمة ليس بشرط استفادته الشخصية»، مشيراً إلى أن «سخاء الفقيد على كل المؤسسات والمشروعات الخيرة كان معروفاً، لدرجة أن الناس القريبين منه بل عائلته تفاجأت بحجم محبة الناس له، لأنه كان يعطي ولا ينتظر المردود، وهو صاحب موقف وعطاء». وختم رئيس تحرير «الوسط» بأن «غداً سيكون أفضل لأنه كان لدينا كريم والكثير من أقرانه». من جانبه، ألقى رئيس قسم التبليغ بالمجلس العلمائي الشيخ علي رحمة كلمة تحدث خلالها عن التضحية النفسية لقاء مصلحة الآخرين والمجتمع ككل، واختياره سبحانه أحباءه من الناس بالحصول على مراتب رفيعة في الدنيا والآخرة. وقال: إن «كريم فخراوي كان مصداقاً واضحاً على أن من يهبه الله خصوصيات وامتيازات تجعله محبوباً ومتصلاً بالناس خفيةً وعلناً»، مضيفاً أن «المتوفين في الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد طوال العامين الماضيين دائماً مَّا يملكون المواهب والذكاء والقدرة على الكثير من الأمور، وأول دليل على ذلك هو إقدامهم على التضحية من أجل الآخرين». وبين رحمة أن الفقيد وللأسف حرم من أبسط حقوقه بعد وفاته، من خلال السعي لعدم السماح بتشييعه وإخفاء مظاهر التعذيب الجسدي التي ظهرت في الصور لمختلف وسائل الإعلام لاحقاً»، منبهاً إلى أن «من يمت في سبيل الله لا يقدم على موت بل على حياة». وختم رحمة بأن «التصرفات والإجراءات العشوائية لا تتمخض عن نتيجة إيجابية فيها منفعة لأي طرف كان، وقد لا تحقق لمن يصدرها ما يرجوه، فكيف يقنع الناس بها لاحقاً وأن يرضوا بالواقع الذي أراده لهم». السيدعبدالله الغريفي يتقدم الحضور في تأبين الشهيد كريم فخراوي في الذكرى الثانية الشاعر مجتبى التتان يلقي قصيدته جموع غفيرة تتابع برنامج الحفل - تصوير محمد المخرق رئيس التحرير متحدثاً خلال حفل التأبين صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3869 - الخميس 11 أبريل 2013م الموافق 30 جمادى الأولى 1434ه