النصيحة مطلب أساسي من متطلبات المجتمع المسلم، فضلاً عن المجتمعات المدنية والدولة المؤسساتية، وهو مبدأ شرعي دعا إليه ديننا الحنيف ورسولنا صلى الله عليه وسلم. لكن هناك فئات من الناس تفهم النقد خلافا لواقعه وأصوله، فهم يظنون أنهم إنْ هاجموا شخصا ما أو جهة ما في مقال أو زاوية أو تغريدة، ورأوا حولهم من يطبل لهم ويصفق ويؤازر بلا علم ولا تثبت، يشتد عودهم ويظنون أنهم ظفروا بالمعركة، والبعض يظن حتى يقال عنه: شجاع.. بطل... مغوار...جريء يطلق لنفسه العنان بالتهجم تارة والاستهزاء تارة وإثارة البلبلة تارة أخرى، ومن يخالفه الرأي فهو مطبل.. ملمع...متملق في تحد غريب لأصول الفكر والنقد البناء. والخطر الأعظم أن يكون من بين هؤلاء من يحسب على المفكرين والمثقفين والكتاب وأصحاب الرأي. يا سادة: للنقد شروط وأحكام نوجزها فيما يلي: قبل الشروع في النقد تمهل وليكن عندك اطلاع وعلم ودراية في المسألة المنقودة، بناء على حقائق وليس تخمينات أو مجرد وجهة نظر قد لا تستند لدليل واضح جلي، كما يجب هنا التفريق بين الانتقاد العلمي ووجهة النظر، فكم من شخص ينتقد آخراً ويكون قاصر الحجة، قليل العلم والدراية، بينما الطرف الآخر ذو حجة وعلم فلا يحتاج الموضوع إلى النقد بقدر الحاجة إلى الاستفهام والاستيضاح للمسألة المطروحة. التوازن في الطرح، فالثناء والإطراء لصاحب الفكرة أو الموضوع أو العمل واجتهاده أمر يستحق الإشادة. قال صلى الله عليه وسلم: "أنزلوا الناس منازلهم" فلا بد أن تعرف ما هو مستوى الشخص الذي تنتقده، سواء في علمه أو عمله أو ما يكتبه، فليس شرطا أنك ملم بكافة ما يعمله وقد لا تكون مطلعا على ما يقوم به في السر وما لا يظهر للعامة، وذلك أمر مهم حتى تتعامل معه بالطريقة التي تناسب منزلته. قبل النقد قم بالثناء والإطراء، فذلك أمر يمهد الطريق لنقد بناء وفعال، ويفتح الأبواب لقلب الشخص الموجه إليه الانتقاد. يتبع الأسبوع القادم كيف ننتقد؟؟ لماذا ننتقد؟؟ من ننتقد؟؟