العنزي: احترام العلماء وأهل الفتوى وتوقيرهم من الدين والاستهزاء بهم كالاستهزاء بالله وآياته ورسوله صلى الله عليه وسلم وكلاهما يكفر فاعله * الشطي: اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كل من لم يحترم العلماء فليس على الإسلام الكامل فعنده نقص في دينه وفي فهمه للإسلام من الرذائل التي يمارسها السفهاء في هذا العصر رذيلة التطاول على القمم الاسلامية، فماذا يريد المتطاولون على هؤلاء القمم الإسلامية وغيرهم من اصحاب المكانة العلمية التي لا تدانيها مكانة؟ ومن المخزي أن الذين يتطاولون على العلماء لا نصيب لهم من العلم ولا حظ لهم من المعرفة، وينطبق عليهم قول الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون) فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وما داموا كذلك فإنهم سيتعرضون لما تعرض له الأنبياء من سفاهة السفهاء. حول مكانة العلماء وحكم من يسيء إليهم كان لنا هذا الاستطلاع: فضل عظيم يبين الداعية أحمد الفلاح فضل العلم والعلماء فيقول: العلماء هم ورثة الأنبياء، وهم نجوم يهتدى بهم في الظلمات ومعالم يقتدى بهم في البيداء، أقامهم الله تعالى حماة للدين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولولاهم بتوفيق من الله لهم لطمست معالم الدين، وانتكست اعلامه بتلبيس المضلين، وتدليس الغاوين، ولهذا كان من اعظم المصائب التي تبتلى بها الأمة وتحرك النفوس موت العلماء، لأن موتهم سبب لرفع العلم النافع، وانتشار الجهل الناقع والشاعر حين قال: تعلم ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد حر يموت بموته بشر كثير قبض العلماء وأضاف ان هذا الحدث الجلل شرط من اشراط الساعة كما قال صلى الله عليه وسلم «إن من اشراط الساعة ان يرفع العلم ويثبت الجهل» والمراد برفعه هنا موت حملته، فإن العلم لا يرفع إلا بقبض العلماء، وبقبضهم يقبض العلم كما في الحديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» متفق عليه. وفي قوله تعالى (أو لم يرو أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) قال الحافظ بن كثير في تفسيره: قال ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهاءها وأهل الخير منها، وكذا قال مجاهد أيضا: هو موت العلماء. العلم وأضاف: والعلم هو الذي بدأ الله تعالى به كتابه وأول آية نزلت وأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم (اقرأ)، فإذن قضية (اقرأ) قضية العلم، خذ هذه القراءة وهي لا تكون بالجهل وانما تكون بحيازة العلم، ومن ينال هذا العلم له درجة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى ويكفي ما نوه عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضله بأن الملائكة تفرش أجنحتها لطالب العلم وأن الحيتان والأسماك في البحر تدعو لطالب العلم، وبأن الناس يكونون تبعا لمن يعلمهم العلم ويصدق فيه ولمن يوجههم الى ما فيه الخير وإلى ما فيه الصلاح، لذا فإن منزلة العالم منزلة الفقيه ومنزلة الداعية بعلمه قولا وعملا منزلة عظيمة في هذا الدين العظيم، حتى ان الله سبحانه وتعالى من خلال آيات كثيرة حث على طلب العلم (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون). موت الخير وأكد ان موت العالم موت لخير كثير يفقده الناس لأن حياته غنيمة، وموته مصيبة، فهؤلاء العلماء الذين أناروا لنا الطريق من أمثال الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وأمثالهما كثير وهؤلاء من نعمة الله علينا بأن هذه الأمة أمة ولاّدة لمثل هؤلاء الناس منتجة لمثل هؤلاء العلماء، فما نفقد واحدا الا ويأتي الله سبحانه وتعالى ويفرج علينا كمسلمين بواحد آخر وهكذا الى قيام الساعة. آداب عامة ويقول د.سعد العنزي قال تعالى: (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزّروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا)، ولما كان العلماء ورثة الأنبياء، فإن لهم نصيبا من التوقير الواجب للنبي صلى الله عليه وسلم، والتوقير هو الاحترام والإجلال والإعظام. وأخص من هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط». والاستهزاء بالعلماء والاستهانة والاستخفاف بهم يؤدي الى الاستهانة بالدين، وهو كفر لقوله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)، وسبب نزول هذه الآية هو استهزاء المنافقين بعلماء الصحابة (القراء) فجعل الاستهزاء بالعلماء كالاستهزاء بالله وآياته ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكلاهما يكفر فاعله، ولأجل سد ذرائع هذا الكفر كان التأدب مع العلماء وتوقيرهم واجبا من أجل تعظيم الدين نفسه. فعلى جموع الناس في المجتمع المسلم ان يتقيدوا بالعلماء من حيث الفتوى والعلم لأنهم ورثة الأنبياء وحملة لواء المعرفة، ولا ينبغي على البعض ان يسيروا وفق أهوائهم وأمزجتهم في اختيار الفتوى، أو أن ينتهجوا منهج الغلو والتشدد في مجال الخلاف والرأي. وأكد ان احترام العلماء وأهل الفتوى وتوقيرهم من الدين قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ويعرف لعالمنا» أي حقه. وفي احترام العلماء وأهل الفتوى قال ابن حمدان رحمه الله: «ينبغي للمستفتي التأدب مع المفتي، وأن يجله في خطابه وسؤاله ونحو ذلك، فلا يومئ بيده في وجهه، ولا يقول له: ما تحفظ في كذا وكذا؟ وما مذهب إمامك فيه؟ ولا يقول إذا أجابه: وهكذا قلت أنا، أو كذا وقع لي، ولا يقول له: أفتاني فلان أو أفتاني غيرك بكذا وكذا، ولا يقول إذا استفتي في رقعة: ان كان جوابك موافقا لمن أجاب فيها فاكتبه وإلا فلا تكتبه، ولا يسأل وهو قائم أو مستوفز أو على حالة ضجر أو همّ أو غير ذلك مما يشغل القلب». هكذا كان وقار العلماء في الماضي، وهكذا كانوا يتأدبون مع علمائهم ومشايخهم. وفي المقابل على العلماء ان يهتموا بطلبة العلم وان يضعوا لهم الاهتمام البالغ، خاصة في هذا الزمن، الذي تشتت فيه الآراء واختلفت فيه القلوب، وسار الناس حسب أهوائهم (وقليل ما هم)، فأصبح الناس في هذا الزمن يبحثون عن المخلص فلا يجدونه، ويبحثون عن المرشد فلا يرشدون اليه، بسبب الاختلاف في المناهج والمعارف والعقائد، فهنا يظهر دور العالم والفقيه ليبرز للمجتمع ويخرج الناس من ظلال الجهل الى بواطن المعرفة. احترام العلماء واجب وأكد د.بسام الشطي: للعلماء حق عظيم علينا يكفيهم ان الله استودع القرآن الكريم في صدورهم (بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وما يجحد بآياتنا الا الظالمون)، فالله تعالى هو الذي يرفعهم ويعلي قدرهم (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير)، وهم من يخشى الله (إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور) وفضلهم عظيم ورد فيه نصوص كثيرة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم وإن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت يصلون على معلم الناس الخير» وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر»، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في احترام العلماء واوجب على الناس تكريمهم وتوقيرهم وفي الحديث «ان من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط». لذلك اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم ان كل من لم يحترم العلماء فليس على الإسلام الكامل فعنده نقص في دينه وفي فهمه للإسلام كأنه يعيش خارج جماعة المسلمين وفي الحديث: «ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه» فكان من أدب السلف الصالح ذكر العلماء بالجميل من الصفات والذكر الحسن ويحذرون من التطاول عليهم او الاساءة اليهم. من كبائر الذنوب العلامة ابن عثيمين يرحمه الله تعالى حيث سئل عما يحصل من البعض من الوقوع في أعراض العلماء الربانيين والقدح فيهم وغيبتهم؟ فأجاب فضيلته بقوله: «لاشك ان الوقوع في أعراض أهل العلم المعروفين بالنصح، ونشر العلم والدعوة الى الله تعالى، من أعظم أنواع الغيبة التي هي من كبائر الذنوب».