كتب - مصطفى عبدالمنعم: واصل مهرجان الدوحة المسرحي في نسخته الثانية انطلاقته وذلك باستمرار عرض الأعمال المسرحيّة المحليّة سواء داخل المسابقة أو خارجها، وشهد مسرح قطر الوطني مساء أمس عرض مسرحيّة "وطن" من تأليف سعود علي الشمري بطولة وإخراج جاسم الأنصاري وسينوغرافيا أحمد جاسم الأنصاري، ويُشارك في البطولة الفنان أحمد عبدالله أحمد والإعلامية نورا حسن والمسرحيّة من إنتاج شركة لمسة للإنتاج الفني. وكعادته نجح الفنان جاسم في إبهار الجمهور الكبير الذي امتلأت به جنبات المسرح من خلال التقنيات الحديثة التي يحرص على استخدامها في عروضه المسرحيّة. والمسرحيّة اعتمدت رؤية جماليّة وانطلقت من خلال شخصيّتين تتداعى ذكرياتهما في لحظات نرى خلالها حالتهم الإنسانية من قوّة وضعف وجوع وعطش ولا يخلو الأمر من الإضحاك، فضلاً عن مفاجأة العرض وهي الإطلالة الأولى للمذيعة نورا حسن كممثلة ومشاركتها في مهرجان الدوحة المسرحي الثاني. وتدور أحداث مسرحية "وطن" حول رجلين يُمارسان مهام عملهما في الصحراء حيث يتناوبان على حراسة مكان ما، ويقضيان ليلهما بين السهر والسمر، يسعى أحدهما لصيد غزلان الصحراء ولا يُفكّر في شيء سوى هذا الأمر، بينما لا يُوافقه صديقه في بداية الأمر ويتجاذبان أطراف الحديث فأحدهما لا يشغله إلاّ صيد الغزلان والبحث عن وجبة طعام ساخنة ولذيذة في قلب الصحراء القاسية الخالية من أيّ مسليات، بينما الثاني واجم وعابث الوجه لديه ما يشغله الكثير ودائمًا سارح ويرفض كل أفكار زميله، ولكن الأوّل لم ييأس وحاول معه مرارًا وتكرارًا حتى أقنعه بصيد غزال واحد فقط وأثناء الطعام أغراه بشرب كأس من النبيذ ليتبدّل حالهما ويصير الأول هو العاقل الحكيم والثاني هو المتهوّر العدواني في سياق مشوّق وممتع. ونصّ مسرحية "وطن" مكثف ضمّ بين طيّاته تجربة إنسانيّة بسيطة في العناصر على الرغم من عمق مدلولاتها، حيث تتفجّر خلالها بواطن الشخصيّات وتظهر مكنوناتها على شكل حمم راكدة تحت الذكريات. ويقول الأنصاري: حرصنا منذ بداية العمل على السعي لتحقيقه بجودة عالية وحاولنا أن نُضفي عليه لمسات من الإبهار رغم ضعف الإمكانات، وحرصت على استخدام تقنية الجرافيك ثلاثيّ الأبعاد، خاصّة وإنني مهتم باستخدام تقنيّات المسرح الرقمي وعناصر الجذب الحديثة والمبهرة، وأعتبر مسرحيّة "وطن" باتجاه جديد حيث أؤمن بضرورة عدم تكرار المبدع للموضوعات ذاتها، لأن الفنان يجب أن يخوض في كل الاتجاهات.