أمس، نشرت جريدة الرياض تصريحا لمساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية تضمن إحصائيات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها (مرعبة)، حول حجم المخدرات المضبوطة خلال السنوات الست الماضية وأعداد المتورطين فيها الذين بلغوا مئات الآلاف، ولن أضيع وقتكم وأعكر مزاجكم في سرد جميع الأرقام الواردة في تلك الإحصائيات، بل سأكتفي بصنف واحد من هذه المخدرات، وهو حبوب الكبتاجون، حيث جاء في التصريح أن الضربات الاستباقية للأجهزة الأمنية والجمارك أدت إلى ضبط أكثر من 362 مليون حبة كبتاجون خلال السنوات الست الماضية.أعيد ذكر الرقم لمن لم يقرأه جيدا (أكثر من 362 مليون) حبة كبتاجون تم ضبطها خلال ست سنوات، والله وحده يعلم كم مئة مليون حبة أو كم مليار حبة أفلتت من الحواجز الأمنية والجمركية؟، وهذا يعني أننا غارقون في الكبتاجون حتى منتصف الأذنين، فلو قسمنا عدد المضبوطات على عدد السكان الراشدين لخرج كل واحد منا بحصة تكفي لأن يودع دماغه إلى الأبد!.عموما، مهما بذل رجال مكافحة المخدرات ورجال الجمارك من جهود جبارة لمكافحة هذه السموم، فإن ظهور مثل هذه الأرقام يعني فشل كل برامجنا التربوية والاجتماعية والترفيهية، فمهربو الكبتاجون ومروجوه ما كانوا ليخوضوا هذه المغامرات لولا يقينهم الراسخ بوجود أعداد هائلة من المتعاطين؛ لذلك فإن أفضل طريقة لمكافحة هذه الآفة المدمرة يجب أن تبدأ من بحث الأسباب التي تدفع الشباب للإقبال على المخدرات بهذه الصورة التي لا تتواءم أبدا مع قيم مجتمع شديد المحافظة.لم لا نكون أكثر جرأة في مواجهة أنفسنا ونقول إننا نعيش حياة متناقضة خالية من المباهج ووسائل الترفيه البرئ، ما يؤدي إلى مثل هذا الواقع المخيف؟، وهل كل ما نردده عن التماسك الأسري والتراحم الذي يتميز به مجتمعنا صحيح، أم أنها أساطير من نسج الخيال، حيث لا يعرف الأب عن أبنائه أكثر مما يعرفون عنه؟، وهل تكافح المدارس هذا الخطر المرعب، أم أنها بالكاد تؤدي عملها الموكل إليها وتحاول أن تعبئ رؤوس الطلبة بالمناهج المعلبة دون أن تدرك بأن بعض هذه الرؤوس الصغيرة مزدحمة بالكبتاجون!.لقد حرمنا الشباب من كل شيء، وضعنا العصي في كل الدواليب كي ننتج مجتمعا لا يخطئ أبدا، حاولنا أن نخبئ العالم الرحب في علبة كبريت، دافعنا عن خصوصيتنا بشراسة، وسخرنا من كل المجتمعات التي لم تحافظ على نقائها مثلنا، وكانت النتيجة ضبط 362 مليون حبة كبتاجون في ست سنوات، هذا هو ما تم ضبطه فقط.. من صنف واحد فقط.. وما زال هناك من يحذر من خطر الانحراف كلما لاحت فرصة ترفيهية تحاول إخراج الشباب من نفق الملل الذي يقودهم أحيانا للوقوع في مستنقع المخدرات[email protected]للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة