يبدو المنطق الذي يحكم جراحات إنقاص الوزن بسيطاً للغاية، ألا وهو إعادة تشكيل القناة الهضمية حتى يتسنى للمعدة أن تستوعب قدراً أقل من الطعام، وأن يتجاوز الطعام المهضوم جزءاً من الأمعاء الدقيقة، ما يتيح امتصاص الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي تتضمنها الوجبات وبناء عليه . . وداعاً للسمنة . إلا أن دراسة أجريت على حيوانات التجارب ونشرت نتائجها مؤخراً تتناقض، وهذه النظرية إذ إنها خلصت إلى أن أحد أشيع وأكثر جراحات علاج السمنة فاعلية يكون سببها ليس مجرد إنقاص الوزن عن طريق تصغير حجم المعدة كما كان يعتقد من قبل، بل من خلال تغيير أنواع البكتيريا التي تعيش في القناة الهضمية . وتقول هذه الدراسة إن جراحات إنقاص الوزن تقضي على الميكروبات المسببة للبدانة وتحل محلها أخرى تعمل على القضاء على السمنة . وإذا كان ذلك يسري على البشر أيضاً وليس مجرد حيوانات التجارب في المعامل، فإن أسلوب تغيير نوع البكتيريا نفسه الذي يتحقق من خلال إعادة تشكيل القناة الهضمية لمن يعانون السمنة يمكن إنجازه - بأقل تكلفة ومن دون خوض أي مخاطر - من دون الخضوع لمبضع الجراح . وقال فرانشيسكو روبينو من الجامعة الكاثوليكية في روما ورائد جراحات القضاء على السمنة "تبرهن هذه التجارب الرائعة على أن بإمكانك محاكاة أثر الجراحة، لكن من دون الاضطرار إلى إجرائها" . وأضاف روبينو الذي لم يشارك في هذه الدراسة "على سبيل المثال بمقدورك ان تغير نوع البكتيريا أو أن تتحكم حتى في نوعية الغذاء" لتشجيع البكتيريا التي تسهم في إنقاص الوزن وتثبيط الأنواع الأخرى الضارة . وبالنسبة إلى كثير ممن يعانون البدانة المفرطة لاسيما أولئك من اصيبوا بالنوع الثاني من داء السكري فقد أفلحت جراحات تصغير المعدة فيما لم تنجح مختلف الأساليب الأخرى . وتشير الدراسات إلى أن هؤلاء المرضى يفقدون من 65 إلى 75 في المئة من أوزانهم عقب الجراحات، كما يشفون تماماً من السكري . ويقول جراحو تصغير المعدة وخبراء إنقاص الوزن، إن هذه الجراحات لا تغير فقط من الوظيفة التشريحية للجسم، بل إنها تؤثر أيضاً في عمليات التمثيل الغذائي وفي وظائف الغدد الصماء وفي تغيير نوعية الميكروبات التي تعيش في القناة الهضمية لمن أجريت لهم هذه الجراحات . إلا أن الباحثين لا يعرفون على وجه الدقة إن كان تغيير نوعية الميكروبات هو السبب أو النتيجة لجراحات إنقاص الوزن . وهذا هو الذي دفع الباحثين بمستشفى ماساتشوستس العام إلى الشروع في دراسة جديدة للإجابة عن هذا السؤال . وتقول الدراسة إن البكتيريا المسببة لإنقاص الوزن تقوم بوظيفتها بإحدى طريقتين إما بزيادة معدلات التمثيل الغذائي وإحراق مزيد من السعرات الحرارية، وإما بالإقلال من امتصاص الغذاء من الأمعاء، وذلك على عكس ما تقوم به البكتيريا المسببة للبدانة . وقد يصبح بالإمكان ابتكار قائمة من الأغذية تشجع نمو البكتيريا المسببة لإنقاص الوزن مع الإقلال من النوع الآخر الضار . من ناحية أخرى، أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن جراحة تصغير المعدة قد تتخطى مساعدة الأشخاص على إنقاص أوزانهم لتخفف خطر إصابتهم بالالتهابات المرتبطة بالسكري النوع (2) وأمراض القلب والشرايين . وذكر موقع "هلث دي نيوز" الأمريكي أن باحثين في جامعة وايك فورست وجدوا من خلال دراستهم التي شملت 15 شخصاً خضعوا لجراحة تصغير المعدة، انخفاضاً لدى هؤلاء بعد 6 أشهر من العملية، في البروتينات المسببة للالتهابات المرتبطة بالسكري النوع (2) وأمراض القلب والشرايين . كما تبيّن ارتفاع البروتينات المسؤولة عن تخفيض الالتهابات المرتبطة بالنوع المذكور من مرض السكري . وقال الباحث المسؤول عن الدراسة غاري ميلر "نحن نجمع أدلة على أن إنقاص الوزن هو جزء مهم جداً من تغيير طريقة عمل أنظمة الجسم لدى من هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض مثل السكري والقلب" . وأضاف أن نتائج الدراسة قد تكون مشجّعة لمن يعانون هذه الأمراض وبحاجة لخسارة الوزن . وقال "نحن نبرهن أن فوائد خفض الوزن ممتازة" . ووجدت دراسة سابقة لميلر وزملائه أن جراحة تصغير المعدة يتبعها نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية، من شأنها أن تخفض الدهون المتراكمة في منطقة البطن والمعروفة بزيادة خطر الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى . وقال الباحث "آمل بأن يساعدنا هذا البحث على أن نظهر للناس أن خسارة الوزن لا تتعلق فقط بخفض الكيلوغرامات أو الظهور بشكل مختلف، بل تتعلق بتغيير قدرة جسمك على مكافحة الأمراض أيضاً" .