أشاد خبراء وأكاديميون مشاركون في مؤتمر «أسواق رأس المال في الإمارات.. محرك مهم لنمو الاقتصاد»، الذي نظمته هيئة الأوراق المالية والسلع، واختتمت فعالياته أمس، برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بجعل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي، ومركزاً عالمياً لإصدار الصكوك الإسلامية. وأشاروا إلى البنية التحتية التي تتمتع بها الإمارات، ودبي تحديداً في هذا المجال، فضلاً عن التوقيت المناسب لإعلان هذه المبادرة، والفرص المتاحة لنمو قطاع التمويل الإسلامي على المستوى العالمي، في وقت تعكف فيه هيئة الأوراق المالية حالياً على إصدار مجموعة من الأنظمة، التي يتوقع أن يكون لها أثر إيجابي في سوق الأوراق المالية. قراءة ذكية وتفصيلا، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية، عبدالله الطريفي، في كلمة افتتاح المؤتمر، إن «رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بجعل دبي مركزاً للاقتصاد الإسلامي، تعد بمثابة قراءة ذكية لحجم هذه الصناعة؛ إذ أصبحت قيمة الأصول المتوافقة مع الشريعة عالمياً تفوق 1.2 تريليون دولار، كما أنها تنمو بمعدل يراوح بين 10 و15٪ سنوياً، أما إصدارات الصكوك العالمية فقد بلغت نهاية عام 2012، 43.5 مليار دولار، بنمو بلغ 55٪ مقارنة بالعام الذي سبقه». وأضاف أن «الهيئة أصدرت 42 نظاماً وقراراً، وتعكف حالياً على إصدار مجموعة من الأنظمة التي يتوقع أن يكون لها أثر إيجابي في سوق الأوراق المالية، فضلاً عن إسهامها في تنشيطه، ومن هذه الأنظمة نظام الأذونات المغطاة، وحقوق الاكتتاب، وشهادات الإيداع، وقواعد إدراج وتداول أسهم الشركات الخاصة، أو ما يسمى (السوق الثانية)، وكذلك تحديث نظامي السندات والصكوك، ليشمل جميع المراحل من الترويج، والإصدار، والإدراج، والتداول، والمتطلبات المستمرة». ولفت الطريفي إلى أنه «على مستوى الأداء الفعلي للأسواق المالية في الدولة، أظهرت الأرقام تحسن أداء سوق الإمارات خلال العام الماضي بشكل ملحوظ، إذ حقق المؤشر عائداً إيجابياً نسبته 10.56٪، كما ازداد إجمالي القيمة السوقية للشركات المدرجة بنسبة 10.69٪، وارتفعت قيمة صافي الاستثمار الأجنبي خلال العام بنحو 900 مليون درهم، أي ما يعادل 245 مليون دولار، ما يدل على استعادة ثقة المستثمرين الأجانب بالأسواق المحلية، تزامناً مع تحسن أدائها. خطوات إبداعية بدورها، قالت رئيسة مجلس الإدارة السابق لهيئة الأوراق المالية الماليزية، زارينا أنور، التي تشغل حالياً درجة زميل زائر في مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية بالمملكة المتحدة، إن «رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتحويل دبي لتكون عاصمة عالمية للاقتصاد الاسلامي، جاءت في الوقت المناسب». وأكدت أن «دبي اتخذت حتى الآن خطوات إبداعية ورائدة في هذا الاتجاه، كما أنها تتمتع بمنشآت وبنية تحتية متطورة، تؤهلها لتحقيق هذه الرؤية». ولفتت أنور إلى أنه «على الرغم من الاختلاف في تشخيص أسباب الأزمة المالية العالمية، التي وقعت منذ سنوات عدة، وطبيعتها وردود الأفعال تجاهها، فإن أبرز مسبباتها يرجع إلى ضعف إطار وممارسات الحوكمة، وأنها كانت في أساسها أزمة أخلاقية، ترجع الى الفشل الذريع في القيم، والجشع، مع تركيز المؤسسات المالية على الثروة». وقالت إن «الأصوات تعالت منذ بداية الأزمة لإيجاد حل لمشكلة الحوكمة، ودعم الجانب الأخلاقي للتمويل، وهذا ما يتوافق مع الشريعة الإسلامية ومقاصدها التي تسعى لحماية مصالح البشر ككل، من خلال تحريم الربا، وتجنب الغرر والريبة، وتجنب الاستغلال والكسب الحرام والمساواة والعدالة في تحمل المخاطر، وأن تكون الأدوات الإسلامية مرتبطة بأصول حقيقية، ما يؤدي إلى زيادة ثروة المجتمع»، مشيرة إلى أن الشريعة الإسلامية لديها قواعد واضحة في ما يتعلق بالشفافية، ونفي الجهالة والاقتراض، وإدارة المخاطر، ما يمهد الطريق لتصرفات أكثر مهنية، تعتمد على قواعد أخلاقية. وأشارت أنور إلى أنه «على الرغم من أن التمويل الإسلامي يمثل ما نسبته 1٪، من إجمالي الأصول المالية العالمية، فإن القطاع لاتزال لديه فرص كبيرة للنمو، ويدعم ذلك دخول كبار البنوك وصناديق الاستثمار وشركات التأمين العالمية، التي استثمرت بكثافة لتنمية حجم السوق والخبرات في هذا القطاع»، لافتة إلى نمو حجم الأصول الإسلامية بمعدل يراوح بين 15 و20٪، في العقد الماضي، ليصل لنحو 1.3 تريليون دولار، عام 2011، وحقق نسبة نمو بلغت 150٪، خلال السنوات الخمس الماضية؛ إذ توسعت هذه الصناعة في أسواق جديدة خارج منطقة الشرق الأوسط وماليزيا. وأوضحت أن «تقريراً حديثاً صادراً عن شركة (إرنست آند يونغ)، قدر قيمة الأصول المتعلقة بالتمويل الإسلامي في السعودية بنحو 207 مليارات دولار، تلتها ماليزيا بقيمة 106 مليارات دولار، ثم جاءت الإمارات في المركز الثالث بنحو 75 مليار دولار». ونوهت إلى أن «القيم الأخلاقية، التي تبنى عليها المنتجات والخدمات، المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية تلقى قبولاً عالمياً، ولذلك أصبحت مقبولة من المستثمرين والجهات المصدرة للأوراق المالية كافة، بصرف النظر عن انتماءاتها العقائدية». وفي السياق نفسه، قدم الرئيس التنفيذي لشركة «شيب» للخدمات المعرفية، عبدالقادر توماس، عرضاً تناول «تطور الصكوك كسندات مطابقة للشريعة الاسلامية بكل أنواعها، وكيف يمكن جعلها أكثر تداولاً في السوق؟». وأوضح أن «الإمارات تعد ضمن الدول الأكثر نشاطاً في هذا المجال، خلال الفترة بين 2009 و2012، وأن البنية التحتية لأسواق الصكوك الإسلامية في الدولة لديها فرصة عالية للتطوير». كما قدم الرئيس التنفيذي في اتحاد الأسواق المالية العالمية، مارتن شيك، عرضاً بعنوان «نظرة عامة لأسواق رأس المال العالمية». فيما قدم عضو مجلس إدارة تنفيذي ورئيس وحدة الأسواق الثانوية في الاتحاد، جون سيروكولد، عرضاً بعنوان: «التطورات في الأسواق الثانوية» . توصيات وقدم المشاركون في المؤتمر عدداً من التوصيات، يتعلق بعضها بتطوير صناعة التمويل الإسلامي، مثل: أهمية وجود قواعد تنظيمية واضحة للصكوك، ضمن قوانين أسواق رأس المال لتنشيط هذه الأسواق في الدولة، وأهمية وضع وتطبيق متطلبات إفصاح وممارسات مناسبة للترويج لهذه المنتجات، والمحافظة على توافق المنتجات مع مبادئ الشريعة الإسلامية. كما خلص المؤتمر إلى توصيات أخرى، تختص بمجال أسواق رأس المال بصفة عامة، من بينها أن تكون التشريعات مناسبة ومتوازنة، وألا تعيق العملية التنظيمية تطور السوق، وأهمية إبرام اتفاقات التعاون الدولية في مجال إدارة الأصول، باعتبارها خطوة مهمة للصناعة وللمستثمرين، والتي تغطي مسائل تفويض إدارة المحفظة وإدارة المخاطر، وتفويض وظائف الحفظ المركزي، وفي حالات الطرح الخاص، والاعتراف بالصناديق الاستثمارات البديلة ومديريها، وأهمية تعزيز مستويات الإفصاح والارتقاء بها.