الحب أرقى شعور في العالم، حيث يرفع صاحبه إلى أعلى درجات السعادة، انما الخيانة قاتلته وتشوه وجهه.. رب لا تحرم عبيدك نعمة الحب. كلمة حب تلك الكلمة الصغيرة في الحجم.. الكبيرة في المعنى والفهم، التي تحتاج الى مجلدات من الوصف لو اردنا سرد معناها وفحواها، فالحب هو حياة الابدان، فاجسام بغير حب هي اجسام ذابلة ميتة، وارض بغير ماء هي ارض بوار لا زرع فيها ولا خضار.. فحين يغزو الحب القلوب ينعشها، ويبدو اثره في اسارير الوجه، فتتورد الخدود وتلمع العيون وتتوهج الشفاه. يأتي الحب فجأة ومن دون سابق انذار، فقد تكون مكابرا جاهلا رافضا للحب، ومرددا مثلي «انا إن احب قلبي قتلته».. ثم فجاة يخرج شعاع من عينك الى عين اخرى، فتكون النظرة الاولى، فيحدث ما قال الشاعر: «وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ولكن من يبصر جفونك يعشق» فتتحول حياتك من مكابر الى مطيع، ومن سيد الى انسان ضعيف، تأمرك فتفعل، ثم تقول مثلما قال امرؤ القيس: «أغرك مني ان حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل» يولد الحب صغيرا ويكبر شيئا فشيئا.. ويتوج بالزواج المبارك.. ثم يتحول الى حب من نوع آخر.. حب ناضج، حب مثقل بالمسؤولية ومكمل بالعشرة.. عنوانه الود والمساندة والمشاركة في الآلام والاحزان.. في الافراح والاتراح. لا يقتل الحب الا الخيانة.. فالحب كلوح الزجاج يمكن اصلاحه اذا كسر، ولكنه سيظل مشوها.. كذلك الحب اذ واجهته الخيانة تشوّه، فبالخيانة ينكسر شيء في النفس، وتضيع الثقة، ولكن يظل الحب قائما، فالقلوب المحبة العاشقة الهائمة تزداد عشقا كلما ازداد العذاب.. وقد عبّر الشاعر عن ذلك، فقال: «ولي فؤاد اذا طال العذاب به. هام اشتياقا الى لقيا معذبه» فقد تحاول ان تمحو اسم الحبيب من دفتر ذكرياتك.. فاذا بك تمحو كل حياتك.. فيا ليت الحياة تجمع كل المحبين.. وتطبب جروح المجروحين.. واختم بابيات جميلة لابي نواس، يقول فيها: «أموت ولا تدري وأنت قتلتني.. ولو كنت تدري كنت لا شك ترحمُ أهابك ان اشكو اليك صبابتي.. فلا انا ابديها ولا انت تعلمُ لساني وقلبي يكتمان هواكمو.. ولكن دمعي بالهوى يتكلمُ وان لم يبح دمعي بمكنون حبكم.. تكلم جسمي بالنحول يترجمُ» غسان سليمان العتيبي [email protected]