في مقر المقاطعة في مدينة رام الله، يتحدث المسؤولون الفلسطينيون عن "فخ" نصبته إسرائيل للسلطة الفلسطينية لمنع التوجه الفلسطيني إلى الأممالمتحدة، أو محاولة التأثير على التصويت على الطلب الفلسطيني والمتمثل بالحصول على صفة دولة غير كاملة العضوية في الأممالمتحدة. رام الله: تعيش القيادة الفلسطينية حالة من الحراك المستمر لوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وفي الوقت نفسه، تتواصل التحضيرات والمتابعة للتوجه للأمم المتحدة للحصول على الاعتراف بدولة غير كاملة العضوية في ظل ضغوطات دولية مستمرة بوقف هذا التوجه. لكن الحرب في غزة يبدو أنها لن توقف التوجه الفلسطينيالأممي، فقد أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس عزمه المضي في طلب التصويت على العضوية الفلسطينية غير الكاملة. كما هاجم عباس إسرائيل وقال: "إن العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني إلى جانب استمرار الاستيطان كلها عناوين واحدة، تعبر عن رفض إسرائيل لحقوقنا". وأضاف عباس في كلمة له خلال اجتماع القيادة الفلسطينية: "على إسرائيل أن تفهم أنه بدون السلام لا يمكن أن يتمتع أحد بالأمن، وعليها أن تعمل على وقف شلالات الدم". وأشار الرئيس عباس، إلى أنه تم إجراء اتصالات مع كل الجهات العربية والإقليمية والدولية لوقف الهجوم على القطاع، كما تم دعوة وزراء الخارجية العرب لزيارة غزة كما تم الترتيب لتشكيل لجنة قيادية لمتابعة تطورات الأحداث في القطاع. وشدد على ضرورة إنجاز المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية، لافتا إلى أن القيادة الفلسطينية ستتقدم بطلب عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري الذي يصادف يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. هذا وقرر وزراء الخارجية العرب دعمهم التام لمسعى منظمة التحرير الفلسطينية لرفع مكانة فلسطين كدولة مراقبة غير عضو على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بما فيها القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين، وذلك من خلال طرح مشروع قرار بهذا الشأن على الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه في 29 تشرين ثاني الجاري الذي يصادف يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني. جاء ذلك ضمن قرار اتخذه مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية التي عقدت يوم الاثنين بمقر الجامعة العربية برئاسة لبنان. وأكد الوزراء على توفير شبكة أمان مالية بقيمة 100 مليون دولار في حال فرضت عقوبات على الشعب الفلسطيني، داعين كافة التجمعات الإقليمية والاتحاد الأوروبي لدعم ومساندة الطلب الفلسطيني. وحث الوزراء الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك إسهاما منها لتعزيز الإجماع الدولي القائم على ضرورة إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين المستقلة، وكذلك حث مجلس الأمن بالنظر بالطلب بالعضوية الكاملة. ثقة فلسطينية وبخصوص الحراك الديبلوماسي الفلسطيني الذي تقوم به القيادة الفلسطينية والضغوط الدولية في ظل الهجوم الإسرائيلي على القطاع ومدى نجاح هذا الحراك أكد أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في تصريح ل "إيلاف" أن الحراك الفلسطيني سينجح وأن القضية الفلسطينية عادت لتحتل اهتماما عالميا. وقال الصالحي: "سيكون هناك تأمين لأغلبية الأصوات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة من قبل الدول التي لها علاقة بالشعب الفلسطيني رغم وجود بعض الدول التي تتخذ مواقف سلبية من هذا التحرك ككندا والولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية لها وزنها إضافة لوجود عدد من الدول التي لم تتخذ بعد موقفها النهائي". ولفت إلى أن الغالبية الكبرى من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة خاصة من قبل الدول العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز ودول وأميركا اللاتينية ودول أوروبية وغيرها من الدول، يعتبر موقفها ايجابي. وأوضح أن الجهد الأساسي مركز حاليا في الدول الأوروبية التي لها موقف سلبي من هذا الحراك. وعن مدى الأثر الذي قد يلحق بالسلطة الفلسطينية جراء هذا التوجه، في ظل التهديدات والضغوط قال الصالحي: "كل شيء محتمل ونحن ندرك أن هذا التحرك سيكون له استحقاقات وضغوط فيما أن البديل أن يبقى الوضع القائم كما هو واتساع في الأزمات الاقتصادية والسياسية والاستيطان والاحتلال وهذا سيؤثر عالجميع". وأضاف: "نحن ندفع الثمن بحكم الوضع القائم وبالتالي المطلوب الخروج من هذه الحالة وتحسين أوضاع النضال وسيكون عليه كلفة واستحقاقات مع بذل كل الوسائل الممكنة بتعاون الجميع وتحملهم لمسؤولياتهم". وحول الضغوط والتهديدات ومداها، أكد الصالحي، وجود حرب نفسية تدار بهذا الشأن من قبل إسرائيل وأميركيا وبعض الأوساط الأخرى للتخويف حتى لا تتوجه القيادة للجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم طلب العضوية. وأشار إلى أن الحراك الرسمي الفلسطيني يستند لمرجعيات شعبية فلسطينية وعربية ودولية، منوها إلى أن التهديدات لا تمس السلطة فحسب وإنما ستعرض مصالح الكثير من الدول التي دعمت السلطة الفلسطينية للتأثر. وقال الصالحي: "هناك تهويل وحرب نفسية ويجب علينا الاستعداد لأية مخاطر". وفيما يتعلق بالوضع المالي ومخاطر المرحلة القادمة بالنسبة للسلطة، قال الصالحي: "إن الحكومة تحذر من مخاطر أزمة مالية منذ فترة ولكن يخشى أن تتفاقم بسبب التهديدات الإسرائيلية بوقف تحويل عائدات الضرائب للفلسطينيين الأمر الذي سينعكس سلبا على أداء الحكومة ووضع السلطة اقتصاديا مما سيشكل تهديدا لاستمراراها وهذا بدوره سيؤثر على الكثير من الجهات حتى الدولية". وشدد الصالحي، على أهمية المضي قدما بهذا التوجه والعمل على خلق استراتيجية فلسطينية وطنية تعتمد على المثابرة وعدم الرجوع عن الذي وصلت له القيادة ويتضمن ذلك أيضا رفض المفاوضات دون مرجعية دولية وفي ظل استمرار الاستيطان. ودعا إلى ضرورة وتعزيز الصمود الداخلي واستمرار التواصل مع حركات التضامن الدولي وأن يكون هناك استثمارات مع المؤسسات الدولية لفضح اسرائيل والعمل على إنهاء الانقسام وبناء جبهة موحدة للمقاومة الشعبية الفلسطينية. فشل عملية السلام من جهته، أكد الدكتور عثمان عثمان المحلل السياسي، أن الأسباب التي دفعت القيادة الفلسطينية لهذا التوجه تتمثل في فشل عملية السلام والمفاوضات مع إسرائيل وعدم تحقيقها لأي شيء يذكر وتضاعف الاستيطان في ظل الانحياز الأميركي الكامل لإسرائيل. وأوضح عثمان، أنه وفي ظل هذه المعطيات توجهت القيادة نحو حل سلمي وديبلوماسي يقوم على أساس حل الدولتين يتمثل بالتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية بصفة مراقب ويقر بأن أراضي 67 هي أراض محتلة وهذا ما تخشاه إسرائيل. وأشار إلى أن "القيادة الفلسطينية تراهن على الحل السياسي الديبلوماسي السلمي لإزالة الاحتلال وهو الحل الأخير للقيادة الفلسطينية بعد الفيتو الأميركي في مجلس الأمن العام الماضي" وعن المكاسب التي ستحققها القيادة حال الحصول على هذه الصفة، قال عثمان: "إن الحصول على صفة دولة مراقب سيفتح أمامها أبواب مؤسسات ودوائر ومنظمات الأممالمتحدة ومن بينها مؤسسات حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية التي تخشاها إسرائيل وأيضا الدولة التي سيحصل عليها الفلسطينيين ستكون ضمن أراضي دولة محتلة وهذا أفضل من اتفاقية أوسلو بالنسبة للفلسطينيين وبالنسبة للقرار الدولي سوف يغير مرجعية عملية السلام. وبحسب عثمان، فإنه وبموجب القرار ستظهر إسرائيل أمام العالم أنها دولة محتلة سيعرضها لضغوط دولية وهذا سيعزز من موقف المفاوض الفلسطيني بشرعية دولية جديدة. وعن الضغوطات الدولية التي تقف ضد هذا التوجه، قال عثمان: "إسرائيل لا تريد تغيير مرجعية المفاوضات الحالية لكي تنفرد بتوجهاتها وتريد أن تربطنا باتفاقيات أمنية واقتصادية في ظل غياب مرجعية دولية ولا تريد أن تظهر أنها دولة احتلال". وأضاف: "إسرائيل عبرت عن سخطها وغضبها جراء هذا التوجه، وتهدد بحصار مالي واقتصادي والغاء الاتفاقات، وبالنسبة لنا كفلسطينيين فإننا وصلنا ظروفا صعبة والنتيجة القادمة من المرجح أن تكون لصالحنا رغم الضغوط". وعن الدعم العربي في حال وقفت المساعدات الخارجية، أوضح أنه من الطبيعي أن تكون الدول العربية داعمة للفلسطينيين وستدعم الفلسطينيين في مساعهم الديبلوماسية وتقديم الدعم المالي رغم التهديدات الإسرائيلية التي ربما ستقف بموقف محرج أمام الدول التي تعتبرها معتدلة حين توقف تحويل العائدات الضريبية للسلطة. وعن التوقعات القادمة في حال تم الحصول على صفة الدولة المراقب قال: "أتوقع أن السلطة ستعود للمفاوضات بعد الحصول على دولة غير عضو بطرق أخرى وفي حال عدم الحصول سنكون بمأزق وخيبة". وعن امكانية الانضمام للأردن بعد الحصول على دولة غير عضو في الأممالمتحدة، أوضح أن الكونفدرالية تكون بين دولتين ذات حدود واضحة وربما يكون الأمر مجديا بالظاهر ولكنه لن يجبر إسرائيل على التنازل والإنسحاب من القدس والأغوار والمستوطنات وهو غير مجد بالنسبة لها أساسا. وبين عثمان أن هذا التوجه يعد نزولا عن المطالب الفلسطينية وخيار الانضام للأردن غير واقعي وغير عملي وسترفضه إسرائيل لأنها لن تنسحب فالمشكلة هي بالجوهر. وعن طبيعة الموقف في حال فشلت القيادة الفلسطينية في مسعاها، قال: "في حال الفشل فإن ذلك يعني فشل عملية السلام كما أنه يعد فشلا للمجتمع الدولي وسينعكس ذلك سلبا على السلطة وعليها الاعتراف بالفشل وتسليم الراية وهذا ليس سهلا على السلطة والعالم فالبديل ليس أفضل للعالم ولا لإسرائيل. وفيما يتعلق بذهاب القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة في ظل الضغوط الدولية والتهديدات القائمة، قال عمرو موسى، الأمين السابق لجامعة الدول العربية في حديث سابق مع "إيلاف": " القيادة الفلسطينية ليس لديها ما تخسره فمخاطر الاستيطان والحصار الإسرائيلي أشد ضررا من التوجه للأمم المتحدة، مؤكدا أن خيار القيادة يعد نضالا سياسيا يجب الاستمرار فيه".