ظواهر غريبة افرزتها الثورة في مصر، توحي بأن عمرها طويل مثل: ثورة على الثورة وفوضى لمنع الفوضى وغيرها.. والميدان مفتوح! بدأ المراقبون لتمخضات وتداعيات وتطورات وترديات الثورة في مصر ينظرون الى مجموعات العنف الشبابية، وغير التقليدية، بشيء من الخوف، لوجود هذه الظواهر الغريبة على المجتمعات العربية اجتماعيا وسياسيا، وهذه المجموعات التي يُطلق عليها تسميات «الألتراس» و«البلاك بلوك»، نقلت المشهد المصري من مرحلة ما بعد الثورة، الى مرحلة إطالة الثورة وتقسيمها الى مراحل مفتوحة ومعلقة الحسم، بعدما استخدمت طرقا غير تقليدية من العنف ضد السلطة وأجهزتها الأمنية، بحيث طغت حوادث العنف التي قامت بها هذه المجموعات، على تقابلات وفعاليات سلطة «الإخوان المسلمين» وجبهة الإنقاذ المعارضة. «ألتراس»، هي كلمة لاتينية تعني الشيء الفائق أو الزائد، أو حتى الأمر المطلق، وهي فئة من مشجعي الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها، وتتواجد بشكل أكبر بين محبي الرياضة في أوروبا واميركا الجنوبية، وانتقلت فكرة «الألتراس» إلى عدد من الدول العربية، ووصلت مصر عام 2007 لتظل مجموعات غير مُسيسة، ومعادية للأمن والإعلام على خلفية رياضية بحتة. كما يعرفها مشجعو الكرة بأنها عبارة تدل على المجموعات «أشبه بالتنظيمات السرية» التي تعرف بانتمائها وولائها الشديد لفرقها، وتتواجد في المدرجات لتصنع لوحات من الإبداع من خلال استعراض الألوان والأعلام والأهازيج، وبذل الغالي والنفيس من أجل الفريق والوقوف إلى جانبه في السراء والضراء داخل ملعبه وخارجه طوال 90 دقيقة كاملة من عمر المباراة. ومع اندلاع الثورة، وانكسار حاجز الخوف، شاركت مجموعات «الألتراس» في الأيام الأولى للثورة، وانصب اهتمامها على حماية الميدان وأسر الشهداء والمصابين، وفي الضغط أثناء محاكمات الرئيس السابق، كما شاركت بمليونية 9 سبتمبر/ أيلول2011 التي انتهت باقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة. ومنذ مجزرة ملعب بورسعيد، التي راح ضحيتها 74 شخصا، تصاعد النشاط السياسي«للألتراس»، وبخاصة «ألتراس» النادي الأهلي، إذ راح أفراده ينظمون احتجاجات دورية للمطالبة بالقصاص من مرتكبي المجزرة المذكورة. وبشكل عام، فإن مجموعات «الإلتراس» قد عُرفت بعدائها الدائم لأجهزة الأمن التي تحاول دوما أن تسيطر على هذه المجموعات في الدول الأوروبية، وأيضا بعدائها الدائم لأجهزة الإعلام التي ارتبطت في أذهان «الألتراس» بأنها الحليف الطبيعي لأقطاب صناعة لعبة الكرة وسيطرة العقلية الرأسمالية عليها. وعلى كل حال، ان افراد هذه المجموعات المشاغبة التي تخللت المراحل المشتعلة في الثورة المصرية، يراهم البعض من «البلطجية» الذين يريدون ثورة ضد حكم «الإخوان»، بينما يراهم البعض الآخر ثوارا لجأوا الى العنف لمواجهة من سرقوا الثورة، أو كما يقول هؤلاء، «نحن فوضى تمنع فوضى». عبدالزهرة الركابي [email protected]