القاهرة - من رضا غنيم والوكالات: تبدو الأزمة السياسية في مصر متجهة إلى مزيد من التعقيد, مع إصرار الرئيس محمد مرسي على إجراء تعديل وزاري محدود وعدم الاستجابة لمطلب المعارضة بتشكيل حكومة جديدة حيادية لضمان نزاهة الانتخابات التشريعية المقررة نهاية العام الجاري. وقال المتحدث باسم الرئاسة إيهاب فهمي في مؤتمر صحافي, أمس, إن التعديل الوزاري المنتظر إعلانه في غضون أيام سيكون محدوداً ولن يشمل رئيس الوزراء هشام قنديل, الذي يتعرض لانتقادات واسعة بسبب تردي الوضع الاقتصادي, حتى أن بعض أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" التي ينتمي إليها مرسي انضمت لمعارضين ليبراليين ويساريين وسلفيين في انتقاده. وأضاف أن التعديل الوزاري يهدف إلى تحسين مستوى أداء الوزارات وأن المشاورات لا تزال جارية بشأنه, مشيراً إلى أن التغييرات ستعلن خلال أيام وستستند إلى الكفاءة. وأكد أن المشاورات تجري بالتنسيق بين مرسي وقنديل, موضحاً أن "الرئاسة تتواصل مع مختلف القوى السياسية والأحزاب ومن بينها جبهة الإنقاذ الوطني (المعارضة) لطرح مرشحين للحقائب الوزارية والمحافظين", لكن المعارضة أعلنت أنها تريد تغيير أعضاء الحكومة بالكامل بمن في ذلك رئيس الوزراء كأحد شروطها للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي يتوقع أن تجرى أواخر العام الجاري, مؤكدة أن الحكومة الحالية لا تمثل ضمانة لنزاهتها. وأشار المتحدث إلى أن جميع الاحتمالات قائمة بشأن استحداث منصب نائب رئيس وزراء في التعديل, نافياً صحة ماتردد بشأن تعيين مستشارة الرئيس للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي ومساعد الرئيس للشؤون الخارجية عصام الحداد في مناصب وزارية. في موازاة ذلك, تلقت مؤسسة الرئاسة وجماعة "الإخوان المسلمين", صفعة جديدة مع استقالة المستشار فؤاد جادالله من منصب المستشار القانوني لمرسي, "بسبب استمرار حكومة قنديل رغم فشلها سياسياً واقتصادياً وأمنياً, بالإضافة لعدم وجود رؤية واضحة, لإدارة الدولة وبناء مستقبل مصر وتحقيق أهداف الثورة". وندد جادالله في نص الاستقالة الذي تلقت "السياسة" نسخة منه, ب"محاولات اغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها والاعتراض على أحكامها, وعدم حل مشكلة النائب العام, ورفض الرئاسة إجراء حوار بين جميع الأطراف من أجل التوصل إلى ما يحقق مصلحة الوطن من خلال الوقف الفوري لأي محاولة للمساس بالقضاء واحترام أحكامه". كما اشار إلى "فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية وما ينتج عنه من فتح أبواب التشيع والحسينيات والمد الشيعي, معتبراً أن "ذلك يؤدي إلى إعادة الدولة الفاطمية وضخ أموال ومصالح إيرانية لخدمة هدفهم (الايرانيون) في القضاء على المذهب السني في مصر". وأكد عدد من القوى السياسية المعارضة والموالية ل"الإخوان المسلمين" أن الاستقالة "تعتبر لطمة على وجه نظام مرسي". وقال المستشار السابق لرئيس الجمهورية القيادي في حزب "النور" السلفي خالد علم الدين, إن الأسباب التي أعلنها جاد الله في استقالته تؤكد سيطرة "الإخوان" على مؤسسة الرئاسة وتدخل مكتب الإرشاد في قرارات الرئيس. وأضاف في تصريح إلى "السياسة" ان جماعة "الإخوان لم يبق لها حليفاً أو صديقاً خاصة بعد استقالة وزير العدل المستشار أحمد مكي وجاد الله", متوقعاً استمرار "قفز الكثيرين من مركب الإخوان". ولفت إلى استمرار الجماعة في الاستئثار بالمناصب والقرارات وممارسة سياسة الإقصاء وغياب الرغبة في إحداث توافق وطني ما يدفع لمزيد من الأزمات, موضحاً أن خلل الهيئة الاستشارية للرئيس وعدم وجود دور واضح لها فضلاً عن عدم عرض الكثير من القرارات على مساعدي ومستشاري الرئيس قبل صدورها ساهم في استقالة الكثيرين, فلم يبق سوى المستشارين المنتمين ل"الإخوان". بدوره, اعتبر رئيس "الحزب المصري الديمقراطي" القيادى في "جبهة الإنقاذ الوطني" محمد أبو الغار أن استقالة جاد الله "أظهرت الحزب الحاكم في غاية السوء, ومكتب الإرشاد في صورة من يقود البلاد نحو كارثة كبرى". وأوضح أن مؤسسة الرئاسة فشلت في إدارة البلاد وليس هناك أمل لاختيار مستشارين جدد إلا عند استقالة مرسي نفسه. من جهتها, اعتبرت حركة "6 أبريل" أن استقالة جادالله تؤكد أن الرئيس يدير شؤون البلاد بمفرده من دون هيئة استشارية, وأن ادعاء وجود مؤسسة رئاسية بهيئة استشارية كبيرة هو مجرد كيان وهمي وأن قراراته منفردة.