د. عائشة عباس نتو (زهراء) فتاة صماء.. إصرارها على العمل كل رأسمالها، بدأت عملها في بقالة صغيرة، أحبّت صديقاتها الصمّاوات الداعمات لها، والتي تنتظر قدومهن لبقالتها كطفلة تنتظر حلاوة العيد. وُلدت زهراء في ليلة بلا صوت، حيث انطفأ الصوت من أذنها، مثل انطفاء الأجراس في مدرسة تعلن انتهاء يومها، بدأت حياتها العملية تعمل هنا وهناك، مثل كرة تتقاذفها أيدي اللاعبين، كان الصمم يعيق تواصلها مع الآخرين ويؤخر إنجازها، وأصبح الخوف يمضي معها أينما حلّت ويلتصق بها كظلّها.. كانت تخفي انعدام ثقتها بذاتها، واحتقارها المستتر لنفسها لفقدانها حاسة السمع.. كانت أيامها طويلة رتيبة قاسية، تحمل شحنات من العذاب والقسوة بعد انفصالها من زوجها الأصم ورعايتها لأولادها. أصبحت زهراء لا تتحدث بلغة الإشارة أبداً، وتكتب على قصاصة في بعض الأحيان تقول فيها: لقد تأكدت أن انفصالي من زوجي قضى عليَّ وعلى أولادي وسأُصبح شحاذة. ولكنها بمحاولة جديدة -بعد عدة نكسات في مهنة البيع والشراء صاحبها خوف الفشل- فتحت المكان الصغير الذي تُطلق عليه "بقالة زهراء"، كانت تظهر عليها موجات غضب يومية، وتشير بحركات غاضبة يترجمها ما بداخلها لتلف بعض منتجاتها لعدم صلاحيتها، وكتبت على ورقة صفراء "لقد خسرت فلوسي".. احتضنها نادي الصم للنساء بجدة، وأغدق عليها جردلاً من الحنان والرعاية، حتى اشتعل فتيل حذقة التجارة بهاجس الخسارة، أصبحت زهراء تعرف بعض المصطلحات التجارية، وتعلّمت كيف تترجمها بلغة الإشارة وتشارك بمنتجاتها في المولات التجارية، كانت خطوة لقبولها الاجتماعي.. تلك زهراء الفتاة الصماء.. الفتاة التي كانت معالة؛ أصبحت معيلة.. سخَّر لها الخالق من يرعاها ويرحمها، فليرحم كل منّا الآخر، فكل شيء ضائع إلا ما تعطيه..! [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain