بعد أن كانت «القربة»، التي كان يحفظ فيها الماء قديما، شيئًا أساسيا في حياة البادية في الماضي، عادت مرة أخرى هذه الأيام ولكن بزيٍّ جمالي آخر، حيث تباع في الأسواق الشعبية بحائل على أيدي نساء عكفن على صنعها وقتا طويلا، لتتحول إلى قطعة ديكور توضع في أحد الأركان، أو تعلق على حوائط القصور والاستراحات للزينة واستيحاء التراث. ففي منطقة حائل يعمل عدد من النساء في صناعة «القِرَب» محاولات تعريف الأجيال الجديدة بها وبدورها المهم الذي كانت تلعبه في حياة الناس قديمًا، ووفاءً منهن لما كانت تضفيه «القربة» من نكهة وبرودة على الماء، لتبعث من جديد بين أيديهن بعد أن كانت صناعتهن الشهيرة في حياة الصحراء. فتقول أم صالح، وهي أم لولدين وثلاث بنات، وإحدى البائعات في السوق الشعبي بحائل: انها تعمل على صناعة «القربة» منذ 35 عامًا، إذ تعلمت صناعة القربة من والدتها حينما كانوا يسكنون بيوت الشعر في الصحراء، مضيفة أنها تشتري جلد «القربة» من مسالخ الأنعام ذات السعر الثمين. وقالت إن عملية صناعة «القربة» الواحدة تحتاج إلى 10 أيام، وذلك لتنظيف الجلد من خلال التمر والملح ثم تتم عملية دبغه، وتابعت: في بداية الأمر أدبغ الجلد ومن ثم أخرزه وبعد ذلك تتم عملية تغطيته بالخيشة. وترى أم صالح أن الجيل الجديد لا يجيد صناعة «القربة» التي أوشكت على الاندثار، فهي تحاول تعليم بناتها كيفية صناعتها، وتطلب منهن مساعدتها في تنظيف الجلد ودبغه، إلا أنهن ينشغلن كثيرًا في دراستهن. وتلفت أم صالح إلى صعوبة تلك الصناعة قائلة: حين كنت في عمر الشباب كنت أقوم بإصلاح ثلاث من القرب في كل 7 أيام، حيث انها تحتاج إلى قوة في «فرك» الجلود وتنظيفها ووضعها تحت أشعة الشمس. وتضيف أم صالح: في الماضي كانت القربة هي أحد أركان البيت الشعبي أو الخيمة، وكانت حاجة لا غنى عنها، ولكنها الآن أصبحت توضع كزينة في القصور والفلل والاستراحات أو محلات التراث، حيث تباع بنحو 40 ريالا للقربة الواحدة والربح منها لا يتجاوز 8 ريالات.