الدوحة - قنا: تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، تعقد بالدوحة خلال الفترة من 20 الى 22 مايو الجاري، فعاليات منتدى الدوحة الثالث عشر بمشاركة واسعة من رؤساء الدول والحكومات والوزراء وقيادات وشخصيات سياسية وفكرية بارزة في المنطقة والعالم. واعتبر سعادة الشيخ أحمد بن محمد بن جبر آل ثاني مساعد وزير الخارجية لشؤون التعاون الدولي رئيس اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات، منتدى الدوحة واحدا من أبرز المنتديات الدولية في مجال الشؤون الدولية المعاصرة. وتحدث سعادته، في مؤتمر صحفي أمس، عن القضايا والمحاور التي يتناولها المنتدى ويتميز بها في دورته وعن المشاركين فيه. ورحب بالمساهمة الرئيسية والقيّمة من جامعة كاليفورنيا - لوس أنجيلوس، بتنظيم مؤتمر (إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط) الى جانب المنتدى وبالتوازي معه، وذلك من باب دعم وتعزيز مكانة ودور المنتدى. وأوضح أنه ومنذ المنتدى الأول عام 2000، شهد العالم تغيرات جيوسياسية رئيسية، بل وحقيقةً .. لافتا الى أن معظم هذه التغيّرات كانت إمّا تحدث بالشرق الأوسط أو ذات تأثير كبير عليه (وبالتالي من الطبيعي أن ننظر بدقة وحرص أكبر على تأثير هذه المتغيّرات العالمية على المنطقة، وأيضاً الكيفيّات التي تتكشّف من خلالها الديناميكيات الجديدة في المنطقة). وأوضح سعادة الشيخ أحمد بن محمد بن جبر آل ثاني أن منتدى الدوحة سيتناول هذا العام كيفية تأثير النظام العالمي الجديد على المنطقة وعلى المقاربة الإقليمية للعلاقات الخارجية والدولية، بالاضافة الى التحدّيات الرئيسية التي تواجه الدول التي تمرّ بمرحلة انتقالية في المنطقة، حيث لا يزال نوعٌ من الغموض يكتنف مستقبل هذه الدول. وبين أن المنتدى سيتطرق في العديد من الجلسات إلى التحدّيات المركّبة والمعقّدة التي تنطوي عليها تنمية سياسات أية دولة، بما في ذلك تنمية مجتمعها واقتصادها خاصة ما بعد الربيع العربي. وأعلن سعادته عما أسماه "سابقة" جديدة للمنتدى هذا العام وهي مشاركة مركز بروكنجز الدوحة، الذي سيقدم جلسة تتناول تقييما لأكبر التحديات التي تواجه دول ما بعد الثورات والدول التي تعيش مرحلة انتقالية. وقال انه تحد يتمثل في كيفية الموازنة بين المطالب الشعبية للتغيير داخل المؤسسات الرسمية الرئيسية وبين الحاجة إلى الاستمرارية والاستقرار التي هي مصيرية لتحقيق النموّ الاقتصادي والحفاظ على عجلة عمل المكوّنات الرئيسية للدولة. وأكد سعادته في هذا السياق أن منتدى الدوحة لا يقتصرعلى مناقشة القضايا الإقليمية والتحدّيات السياسية الراهنة التي تواجهها بعض الدول، بل يتعدّى ذلك بكثير، منوها بأن المنتدى سيتطرق كذلك الى دور التعاون الدولي والأساليب التي يمكن أن تؤثر فيها مصالح وقيم القوى المختلفة على نجاح المبادرات متعددة الأطراف، وأيضاً الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني في العمل عبر الحدود على تحسين التعاون في مجال التحديات العالمية. وقال ان منتدى الدوحة سيتناول أيضا وبالتعاون مع جامعة قطر كيفية تأثير "الرقمنة" على الدول، بالنظر إلى منظور الأمن القومي وإلى المواقف الدبلوماسية، حيث يناقش في هذا الصدد ازدياد ما يمكن تسميته ب"الحروب الرقمية"، وبالمقابل صعود الدبلوماسية الرقمية. ومن القضايا والمحاور التي سيناقشها المنتدى كذلك موجات الأزمات المستمرة من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على المجتمع الدولي، وتحديداً تداعياتها على حقوق الإنسان الأساسية من تأمين الغذاء والسكن والرعاية الصحية، وجهود الدول ومحاولاتها نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي حددتها الأممالمتحدة. وكشف أن من أبرز الشخصيات والمتحدثين في فعاليات المنتدى لهذا العام الرئيس التشيلي سباستيان بنييرا والرئيس السنغالي ماكي سال والسيد أمادو بودو، نائب الرئيسة الأرجنتينية ورئيس الوزراء البرتغالي بيدرو باسوس كويلو ورئيس وزراء اتحاد البوسنة والهرسك نرمين نيكسيتش ورئيس الحكومة التونسية علي العريض ورئيس وزراء انيغوا وباربودا، السيد وينستون بالدوين سبنسر ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح والدكتور جون آش، الرئيس المنتخب للجمعية العامة للأمم المتحدة. كما يستضيف المنتدى رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون ورئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا فيلون، وكلاهما ممن كان في دفّة القيادة الرئيسية في دولهم عند بداية الأزمة الاقتصادية العالمية، فضلا عن استضافة عدد من أبرز المعلّقين الدوليين في القضايا الرئيسية التي تشغل الاهتمام العالمي، كما سيشهد حضوراً بارزاً لممثلين وسياسيين من مختلف أنحاء المنطقة والعالم. ونوه بأن المنتدى يضمم عشر جلسات رئيسية، تعقد على مدى ثلاثة أيام، إلى جانب 16 ورشة عمل تنظّمها جامعة كاليفورنيا- لوس أنجيلوس. وأكد سعادته أن منتدى الدوحة يعد مناسبة فكرية متميزة وفعالية فريدة في مستوى النقاشات والمداخلات المطروحة، معربا عن اعتزازه وفخره بأن المنتدى أصبح بالفعل أحد أبرز المنتديات العالمية في مجال الشؤون الدولية المعاصرة. وردا على سؤال بشأن ما اذا كان المنتدى من خلال المحاور المهمة التي سيناقشها والمشاركة الواسعة والبارزة في أعماله قد تحول الى منصة عالمية تتصدى للهموم والتحديات التي تواجه العالم أكثر من كونه مجرد منتدى للتشاور والنقاش، قال سعادة الشيخ أحمد بن محمد بن جبر آل ثاني ان المنتدى كان في السابق يحاكي الواقع الموجود والقضايا الملحة، لكن من العام الماضي، رأينا أن يكون منصبة لطرح الحلول للمشاكل التي تواجه العالم في مختلف المجالات .. فأمامنا الأزمة الاقتصادية والمشاكل السياسية الأخرى، علما بأن هناك الكثير من السياسات التي تم تبنيها وبخاصة فى الجوانب السياسية والنقدية والاقتصادية فى وقت لا تزال فيه الازمة الاقتصادية حاضرة بتداعياتها، لذلك يوفر المنتدى فرصة للمفكرين والاقتصاديين لطرح مبادراتهم لحل هذه الأزمات". ورأى سعادته في سياق ذي صلة ان المشكلة تكمن في الدول لعدم ثقتها في مثل هذه السياسات التي لم يؤت معظمها ثماره. وقال ان الوقت قد حان لمراجعة هذه السياسات وطرح افكار جديدة وايدولوجيات اخرى لا سيما وان العالم شهد الايدولوجيات الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية اثبتت فشلها وعدم جدواها بحسب الواقع والمفكرين ذوي العلاقة .. مضيفا : لذلك لا بد الآن من إفساح المجال بصورة أكبر أمام المفكرين والاقتصاديين ليدلوا بآرائهم ويطرحوا أفكارهم لانقاذ العالم من أزماته الحالية كما حدث بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث ظهرت نظريات اقتصادية أنقذت العالم من الأزمة الاقتصادية التى كان يعاني منها". ونوه بأن المنتدى يعتبر مجالا للتحاور ووضع الحلول، مشيرا الى أن هناك خطة اعلامية وتوجها لحشد اعلامي لتوصيل ما يتمخض عن المنتدى للمعنيين في العالم عن وضع السياسات. من ناحيته شكر السيد سلمان شيخ مدير مركز بروكنجز الدوحة وزارة الخارجية لدعوتها المركز للمشاركة في منتدى الدوحة لهذا العام. وقال ان الجلسة الخاصة التي سيعقدها المركز ضمن فعاليات المنتدى ستتناول أبرز تحديات ما بعد الربيع العربي، والذي وصفه بأنه تحدي الإصلاح المؤسساتي. وقال ان المؤسسات السليمة هي لبنات البناء الأساسية لمجتمع ديمقراطي وان النجاح في بناء دولة قوية وإصلاح الدولة هو مفتاح النجاح في كافة التحوّلات التي نشهدها عبر الشرق الأوسط. وعن المتحدّثين الرئيسيين في الجلسة، قال شيخ انها تجمع نخبة منهم في مقدمتهم السفير المصري السابق لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية نبيل فهمي ووزير الخارجية التونسي السابق الدكتور رفيق عبد السلام والامين العام للحزب الاشتراكى اليمني ياسين سعيد نعمان والمبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لجنوبي المتوسط برناردينو ليون بالاضافة الى وزير الخارجية البلغاري السابق نيكولاي ملادينوف ومساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل مايكل بوسنر. ونوه بأن هؤلاء المتحدثين سيناقشون كيفية سير العمل حاليا في الدول المتحولة حديثا نحو الديمقراطية، بما فيها مصر وتونس واليمن، وذلك نحو إعادة تشكيل وإصلاح مختلف أنظمة ومؤسسات الدولة. وأعرب عن أمله في أن تقدّم هذه الجلسة التي ينظمها المركز مساهمة غنيّة على مستوى منتدى الدوحة وأن تكون إضافة قيّمة في سجلّ المنتدى البارز. أما الدكتور محمد بن سيف الكواري عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، فتحدث عن الجلسة التي ترعاها اللجنة ضمن المنتدى حول تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على حقوق الإنسان، وقال انها ستبحث الضغوطات الراهنة بخصوص المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص في مجال حقوق الإنسان وحماية العمّال المهاجرين ودور المنظمات الدولية في التعامل مع نتائج الأزمة الاقتصادية على العمّال. وأضاف أنه لتسليط الضوء على هذه القضايا الهامّة، سيشارك فى الجلسة بيتر مورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وازفر خان ، من المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية والدكتور خالد القاضي رئيس المركز العربي للوعي بالقانون في القاهرة وجين زيغلر نائب رئيس اللجنة الاستشارية للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان. وعما اذا كان بالضرورة حدوث انتهاكات لحقوق الانسان في الدول التي تعاني أزمات اقتصادية، نبه د. الكواري الى أن اللجنة الوطنية لحقوق الانسان تؤكد أن هذه الحقوق هي خط احمر يجب عدم المساس به سواء كانت هناك أزمة اقتصادية من عدمه. وقال ان الجلسة الخاصة التي تعقدها اللجنة ضمن اعمال المنتدى تعتبر فرصة مواتية يتم التركيز فيها على هذه القضايا الحيوية الهامة .. مشيرا الى أن اللجنة تعمل على دمج حقوق الانسان في كل المنظومات الدولية باعتبار أنها ليست فقط فكرة مجردة تتحدث عن الحقوق بعيدا عن أي قضايا اخرى، ولكنها قضية تمس المقومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وعن التركيز على مشاركة أمريكا اللاتينية في المنتدى قال ان هذه المنطقة تشهد الكثير من العقبات التنموية وبالتالي يمكن الاستفادة مما يتم طرحه ومناقشته عما يجرى فيها.