مواضيع ذات صلة حسن عبد الله عباس مهما قلنا وفعلنا سنظل نتحرك في دائرة مغلقة. الكويت تعيش اليوم أزمة حقيقية، ازمة ثقة بين ابناء الوطن. لا أحد يثق بأحد، لا الشيعي بالاخونجي، ولا الاخونجي بالليبرالي، ولا الليبرالي بالسلفي، ولا السلفي بالحزبي، ولا الحزبي بالحكومة، وهكذا الى اخر القصة. بصراحة توجد مشكلة، وبظني ان المشكلة ستظل كما كانت ولن تتغير إن ظللنا نجرب نفس العلاجات. بمعنى أن الكويت لم تتغير كثيرا كما يدعي البعض بأن حراكنا هو نتاج لربيع عربي. فالصحيح ان الكويت كانت وما زالت تعيش ربيعا دائما ومستمرا. فنحن منذ الستينات نعيش حالة حراك سياسي وربيعا وتغيرا في الوقت الذي كانت الدول المحيطة والمنطقة تعيش صيفا حارا قاحلا وقحطا مزمنا وطويلا. لهذا لا يوجد شيء جديد لم نعتد عليه، فالحكومة هي نفسها بكل سلبياتها وطريقة ادارتها للبلد وتوزيع المناصب والمهام وبحسب المحسوبيات والطوائف والمذاهب والعوائل، والمعارضات السياسية، هي نفسها ومنذ الستينات لم تتحرك إلا وفق معيار واحد وهو نصيبها من كيكة المصالح، والشعب يُعطى بين الفترة والفترة مورفين ومخدرات ومسكنات على شكل رواتب ومخصصات وزيادات حتى يهدأ ويغض الطرف. لهذا اقول بأن التحرك ان ظل كما هو وكما مارسناه منذ نصف قرن، فإن التغيير الجذري الذي نقصده والمنشود لن يحصل ولن يأتي. فلو تركنا الامر للسياسيين أنفسهم، ولآليات عملهم ذاتها، فالنتيجة لن تكون شيئا مختلفا عما عشناه في السابق. لهذا يجب أن ينظر إلى المشكلة من زاوية جديدة. مشكلة الكويتيين أنهم يتعرضون لجرعات سياسية أكبر واكثر من اللازم وعلى حساب الثقافة والفكر والاخلاق. فنحن شعب اخلاقيا وثقافيا نعاني الشيء الكثير، في حين أن ابسط مخلوق كويتي تراه من الناحية السياسية مبلتعاً «ولا تعليق» خالد الحربان على هدف سعود بو حمد في مباراة العربي والقادسية العام 1978. فتقريبا جميعنا يفتقر إلى الثقافة والقيم والمبادئ والاصول والاخلاق. نحن بحاجة إلى تكتل ثقافي فكري جديد يُترك أمر إدارته وتشكله لأصحاب الفكر والاخلاق. فخطاب هذا التكتل الجديد يجب أن يختلف كُليا كُليا عن لغة السياسيين. لغة التكتل الثقافي الجديد يجب أن تكون منطلقاتها مبنية على أساس ذوبان الذات والخلفيات العنصرية والمذهبية، وتأسيس خطاب فكري قيمي يتحدث مع العقل المجرد، مع مفهوم العدالة والحق والباطل (الدستوري والقانوني وليس الديني)، خطاب بعيد عن العواطف والاهواء العنصرية بشتى صنوفها. أما إن ظللنا ننتظر الازمات لتأتينا بلا استعداد فكري واخلاقي، وان ظللنا ننتظر ردات الفعل لا المبادرات والدفاعات الاستباقية، وظللنا ننتظر العواطف لتأخذ دورها لا العقل والحكمة، وأن يتنازل هذا لذاك لا الالتزام بالأخلاق والمبادئ، وذاك لهذا وحب الخشوم لا احترام القوانين والدستور، سنعيش قصة أجدادنا وآبائنا وسنورث وضعنا الجامد لأطفالنا ولن نقدم لهم شيئا سوى مضيعة الوقت.