بقلم : سالم فرج مفلح - عبد اللطيف الزياني : امين عام مجلس التعاون الخلبجي– لوكان في السياسية اقدار ، فان قدر الشعب الجنوبي ان تكون له قضية تاريخية ومصيرية عنوانها هوية وطنية اصيلة في طريقها الى الاندثار ، و دولة آيلةالى الانهيار ، و وطن ترحل من احتلال الى احتلال الى احتلال .كانت امالمآسي و الطامة الكبرى ان تتخذ النخبة السياسية الجنوبية المناضلة – و فيوقت مبكر من مرحلة الكفاح المسلح – قرارا سياسيا هو بكل المعاني الخطأالاستراتيجي القاتل و المدمر الماحق للشعب الجنوبي كوجود تاريخي حضاريمتميز ، ذلك هو قرار يمننة الجنوب العربي و دولتة و بالتالي يمننة مصيره ومآلة المستقبلي.... حرب عام 1994م ، و ما تلاها من وجود عسكري و سياسي صريح و وقح لدولة الجمهورية العربية اليمنية في الوطن الجنوبي ، ليس علىالاطلاق ابتداع لا امتداد سابق له ، بقدر ما هو ترسيخ و تثبيت احتلال سابقتم منذ يمننة مرحلة الكفاح المسلح من قبل الجبهة القومية لتحرير جنوباليمنالمحتل و جبهة تحرير جنوباليمن المحتل في مطلع ستينيات القرن الماضي. اليوميخوض الشعب الجنوبي العظيم بنضالة السلمي ، تجربة نضالية غير مسبوقة فيتاريخ البشرية الحديث و المعاصر ، ذلك لانه يواجه سلميا ، عدوا و خصما كاننموذجه و مثيله قد كنس و دحر من تاريخ الانسانية منذ الف عام على الاقل. وهو بنضاله السلمي و تضحاياته يقدم للانسانية المعاصرة ، نموذجا مشرقا ومشرفا لتوق الشعوب للحرية و تمسكها الصلب بحقها في الحياة الحرة الكريمةمهما كان الثمن و مهما كانت همجية و عنجهية المحتل و نهجه الوحشي في القمع والتنكيل.... هذه التجربة الفريدة و الغنية للشعب الجنوبي في ماضيها وحاضرها ، تدعو الى التأمل العلمي الاستكشافي لفهم دروسها و حقائقها بعيداعن الطرح السياسي او الايديولوجي ، بل و بعيدا عن هيمنة القوالب الفكريةالجاهزة التي تخص تجارب شعوب اخرى في ظروف اخرى ايضا . فالقضية الجنوبيةحتى في مسارها الدولي بعد حرب 1994م ، لم تتخذ مسارا دوليا مسبوقا – رغمثبات القانون الدولي __ ، بل اتخذت مسارا آخر و أي مسار...... الطرحالصبياني و الطفولي و التبسيطي و التجهيلي للقضية الجنوبية من قبل نظامالاحتلال و نخبه السياسية و الثقافية اليوم ، يمثل في نظري قمة جهدهم فياستيعابها بحكم التخلف الحضاري المزمن الذي يحاصرهم صباحا و مساء ، و بحكممصالحهم في نهب ثروات الجنوب و استثمار الشعب الجنوبي . غير ان ذلك الطرحالصادر عنهم كثيرا ما نجده يتساوق مع طرح هذا الحراكي او تلك الجهةالحراكية ، ربما بدون قصد منهم ،و لان للقضية الجنوبية من الاسرار مما زالخفيا عصيا على الادراك ، و لها ايضا ظاهر علني هو استعادة الدولة الجنوبية ،و لها باطن اكثر عمقا و وعورة ، و هو استعادة الهوية الجنوبيةالاصيلةالمفقودة ...، التي كان فقدانها سببا في احتلال الوطن الجنوبي من قبل هويةاقليمية اخرى................... التعلق و الاهتمام فكريا و سلوكياباستعادة الدولة ، ليس الا اخذ ظاهر الامر دون باطنه و عمقه و جوهره ، والدولة -- اية دولة – ليست اكثر من مهام و وظائف تقوم لخدمة هوية هذا الشعباو ذاك ، و هنا نجد ان وجود الهوية سابق على وجود الدولة ...... و هذايعني ان نعيد النظر في طرح القضية الجنوبية نخبويا و شعبيا على اساس جوهرهاو ليس على اساس سطحها الظاهري المكشوف للجميع و ليس فيما قيل و يقال فيهالى اليوم أي جديد.... فهل تستطيع الحركة الوطنية الجنوبية اليوم ، وبعد هذه السنوات النضالية المشرفة ، الارتفاع الى مستوى قضية الهويةالجنوبيةالاصيلة المفقودة ؟. هل تستطيع الحفر و التنقيب في الاعماق لتأتيبالجديد المدهش في تاريخ هذا الشعب الحضاري العظيم ؟. ام انها سوف تظل تلوككلاما تجاوزته المليونيات العظيمة المتوالية و هديرها الذي ايقظ العالم منسبات دام عقدين من الزمان من عمر القضية الجنوبية في فصلها الاخير ؟. لاشك ان تلك الاسئلة و ان كانت ظاهريا موجها لاهل الفكر و الثقافة ، الاانها في حقيقة الامر مسؤولية القيادات الادارية للقضية الجنوبية ، فهيوحدها تستطيع ادراج ذلك الامر في اجندتها و تملك الامكانيات لتفعيله، خاصة وان الامر الملح اليوم هو وضع تأسيسا منهجيا لذلك المسار الطويل القادم مناعادة تنصيب الهوية الجنوبيةالاصيلة في الوعي الوطني الجنوبي عبر الاجيالالقادمة...