وزارة الداخلية اليمنية تصرف 4 قطع سلاح آلي لمواجهة الموقف الكثير من الغموض يكتنف توسع نفوذ (أنصار الشريعة) في ظل تخبط أمني فاضح صدى عدن/ خاص/ عبداللاه سُميح: عن النسخة الورقية: تعاظم النشاط الملاحظ لعناصر تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية من حيث المساحة وأكثرها تصديرا وإنتاجا للنفط اليمني، خلال الأيام الأخيرة، عقب سيطرتها المطلقة على محافظة أبين منتصف العام قبل الماضي وخروجها منتصف العام المنصرم. وكانت وزارة الداخلية اليمنية قد كشفت مؤخرا في بيان لها، عن مخطط ل"أنصار الشريعة" التابع لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يسعى للسيطرة على مناطق محافظة حضرموتجنوب شرق اليمن بشكل تدريجي، ومن ثم إعلانها "أمارة إسلامية" على غرار إعلان "إمارة أبين الإسلامية". وسبق أن سيطر مسلحو "أنصار الشريعة" على محافظة أبين المحاذية لعدن العاصمة الاقتصادية أواخر شهر مايو من العام 2011، قبل أن تدخل في حرب شرسة استمرت لأكثر من عام، ضد ألوية عسكرية متعددة من الجيش اليمني بمساندة اللجان الشعبية التي شكلتها القبائل لمواجهة الجماعة المسلحة، والتي أدت في منتصف يوليو من العام 2012 إلى تحرير أبين من "أنصار الشريعة"، وفرار عناصرها إلى مناطق نائية ووعرة بمحافظة أبين وإلى محافظات أخرى قريبة كشبوة والبيضاء، دون ممارسة أي نشاط ميداني متواصل، باستثناء عمليات انتحارية محدودة. وشنت الجماعة المسلحة التابعة للقاعدة سلسلة إغتيالات استهدفت عناصر مؤثرة في الجيش اليمني في حضرموت، كان آخرها اغتيال العقيد عبدالرحمن باشكيل مدير البحث الجنائي في وادي حضرموت وقائد الشرطة الجوية في سيئون العميد يحي العميسي، يوم السبت الماضي، عن طريق إطلاق النار من قبل مسلح يستقل دراجة نارية، فيما أغتيل الأول عن طريق زرع عبوة ناسفة زرعت في سيارته بعد مقتل "العميسي" بعدة ساعات فقط. حضرموت إمارة إسلامية ويقول المواطن عبدالله بن شهاب وهو أحد سكان مدينة القطن بحضرموت ل"صدى عدن" أن عناصر مسلحة من "أنصار الشريعة" قد وزعت منشورات على المواطنين في منطقتي "منخر" و"العقاد" وألصقوها بجدران الشوارع المكتظة بالمدنيين، يعلنون فيها عن قرب موعد إعلان محافظة حضرموت كإمارة إسلامية، كما رفعوا راياتهم السوداء التي اشتهروا بها على مبان معدودة. ويضيف "عبدالله" أن عناصر جماعة "أنصار الشريعة" يستأجرون منازلا في المدينة لفترات قصيرة، ويقيمون فيها ليلا، وسرعان ما ينتقلون منها، مؤكدا أن ظهورهم المباشر لا يزال محدودا في فترات النهار. من جانبه، نفا مدير أمن مديريات الوادي والصحراء بحضرموت العقيد حسين هاشم الحامد في حديث خاص ل"صدى عدن" تلك الروايات، ووصف بيان وزارة الداخلية اليمنية ب"الكاذب"، موضحا أن الداخلية اليمنية قد نشرت ذلك البيان بناء على معلومات مضللة، وغير دقيقة. وتابع حديثه بالقول :"لا توجد لدينا معلومات عن تواجد عناصر القاعدة، وكل ما في الأمر أن هنالك مجاميع مسلحة مجهولة، تتواجد في مناطق مختلفة من مديريات الوادي والصحراء بمحافظة حضرموت، ونحن لا زلنا نتعقبهم، ونحاول الحد من انتشارهم ومن ثم ضبطهم واعتقالهم". كما أشار مدير أمن مديريات الوادي والصحراء بحضرموت والبالغ عددها 11 مديرية إلى أن الأجهزة الأمنية لم تستطع تحديد هوية هؤلاء المسلحين، مشددا على أنهم ليسوا من القاعدة. تضارب الجهات الرسمية ويبدو التضارب جليا في روايات الجهات الأمنية في محافظة حضرموت، حيث أكد مصدر أمني آخر بمديرية القطن ل"صدى عدن" أن تواجد "أنصار الشريعة" الجناح التابع للقاعدة في اليمن قد لوحظ بكثرة في عدد من مديريات محافظة حضرموت، وقد صعد من عملياته التي تستهدف رجال الأمن، مستدلا بالملصقات التى انتشرت على المدينة والتي تذيلت بعبارة "إخوانكم أنصار الشريعة في ولاية حضرموت الإسلامية". وقال المصدر الأمني – الذي رفض الإفصاح عن هويته – "عمليات الاغتيالات التي اختصت برجال الأمن من عمداء وعقداء وضباطا وجنود في السلك العسكري، بلغت أكثر من 22 عملية اغتيال خلال الأعوام الأخيرة، وتعتبر حضرموت هي أكثر المحافظات اليمنية من حيث الاغتيالات، وجميع تلك العمليات تحمل بصمات القاعدة، وليس لدينا أدنى شك في ذلك". وبالرغم من تصاعد حدث الهجمات التي تشنها القاعدة بشكل منفرد في اليمن عبر العبوات الناسفة وإطلاق النار المباشر أو المصائد الأرضية، المستهدفة لقيادات عسكرية في الجيش اليمني، إلا أن وزارة الداخلية تعلن عقب كل حادث عن تحقيقات تجري لكشف ملابساته، وسرعان ما تتلاشى مع مرور الوقت لتصبح نتائج تلك التحقيقات في طي النسيان، ولا يُكشف عنها، وغالبا ما يكون المتهم هو تنظيم القاعدة، بدون إيضاحات. القاعدة أداة لتصفية الكوادر الجنوبية! في منتصف العام 2011 الذي شهد في الثورة الشبابية السلمية في صنعاء المنادية بإسقاط نظام علي عبدالله صالح، تمكنت القاعدة او ما يسمى ب"أنصار الشريعة" من السيطرة على محافظة أبين وأصبحت معظم تحركاتها التي غالبا ما كانت ترهق القوات الحكومية وتتأثر بتقلبات الجو السياسي في صنعاء، جعلت الكثير من المراقبين السياسيين يربطونها بالرئيس السابق الذي كان المستفيد الوحيد من إطالة أمد حكمه، ودفع البعض للقول بأن احتجاز جنود الجيش اليمني وفتح جبهات جديدة للقتال ضده ترتهن بالعملية السياسية في صنعاء، التي كانت لاحقا ما تتزامن مع قرارات جمهورية جديدة تترصد لأقارب الرئيس السابق "صالح" وأكبر دعائم حكمه، وهو الأمر الذي دفع البعض إلى القول أن إستباق وزارة الداخلية للإعلان عن مخطط للقاعدة تدعي فيه الاستيلاء على حضرموت ما هو إلا سعيا لبعثرة الأوراق السياسية في الجنوب، بعد أن بلغ زخم الفعاليات التي يقيمها الحراك الجنوبي ما كان متوقعا لدى أطراف الحكم في صنعاء. ويرى القيادي في الحراك الجنوبي بمحافظة حضرموت الأستاذ عبدالعزيز باحشوان أن ما يجري حاليا في حضرموت هي حالة مشابهة لما حدث في أبين خلال العام 2011م، حيث تم تسليم أبين لأنصار الشريعة الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة. وأشار باحشوان إلى ان هذا السلسلة المتواصلة من الاغتيالات في اغلب ضحاياها من الضباط الجنوبيين وان نفذت عملياتها بالشمال معظم الضحايا من الجنوبيين حتى غدت ظاهرة تعُرف بمسلسل التصفيات للقيادات والكوادر الجنوبية العسكرية والامنية-حد وصفه. مؤكداً على انها تصفيات معدة أهدافها سلفاً وممنهجة مآربها بحق الجنوب وضد الجنوبيين وان جرى استيفاء بعض عملياتها بالتضحية بحياة ضباط من الشمال تكون في الحدود الدنيا ومن ذوي النفوذ والاصل الأدنى بذلك النظام اليمني الذي وصفه بالمحتل للجنوب وطالب باحشوان من القوى الخيرة في العالم والجهات الراعية للسلم والأمن العام للمجتمعات بالمبادرة بما تمليه عليها واجباتها واهتماماتها نحو رفع معاناة شعب الجنوب في اشارة إلى شعب اليمنالجنوبي. كيف تعاملت وزارة الداخلية مع الموقف؟!! كشفت مصادر موثوقة ل"صدى عدن" أن وزارة الداخلية اليمنية قد منحت إدارة أمن مديريات الساحل بمحافظة حضرموت بأربع قطع سلاح خفيف (آلي) نوع كلاشينكوف وما لا يتجاوز 15 مسدس شخصي بعد أن تقدم الأمن في ساحل حضرموت بطلب تعزيز القوات الأمنية بالسلاح لمواجهة القاعدة التي صعدت من حدة الاغتيالات للعناصر الأمنية مؤخرا في مديريات المحافظة. وأضافت المصادر الوثيقة أن إدارة أمن مديريات الساحل بحضرموت والبالغ عددها 16 مديرية قد طلبت تعزيزا بالمعدات العسكرية ورفعت كشفا يتضمن ألف قطعة سلاح آلي و500 مسدس للضباط والأفراد للتصدي لعناصر القاعدة في المحافظة. كما قالت المصادر أن الاعتماد المالي المخصص لأمن مديريات الساحل بالمحافظة قد تقلص إلى النصف مؤخرا، ولم يصل من الاعتماد المالي سوى 3 ملايين ريال شهريا لكل تلك المديريات، وهو ما أعتبره المصدر تفريطا بمحافظة حضرموت ومحاولة خلخلة أمنها في خطوة تستبق تسليمها إلى العناصر المسلحة التي عبثت بمحافظة أبين. واستهجنت المصادر من أن تقدم الداخلية اليمنية 4 قطع كلاشينكوف ومسدسات شخصية لا تتجاوز أصابع اليد إضافة للاعتماد المالي الذي لا يغطي نصف الاحتياجات الأمنية في حين يُصرف لمحافظة عمران الواقعة في شمال اليمن مئات أضعاف ذلك إلى جوار 10 ملايين شهريا.