كتب المحلل السياسي "محمد امين تقي بور" مقالا استعرض فيه تاريخ الثورة الاسلامية بشكل موجز والخطوات التي اتخذها الاعداء للنيل من هذه الثورة على مر السنين الماضية. وبدا تقي بور مقاله بطرح سؤال حول اهمية الانتخابات الرئاسية الايرانية الحادية عشرة بالنسبة لاعداء الثورة الاسلامية. طهران (فارس) وقد اشار تقي بور في مقاله ان الثورة الاسلامية كانت احدى المنعطفات التاريخية الهامة، حيث قطعت ايدي الدول الاستكبارية التي لم تألوا جهدا لمعاداة هذه الثورة، واضاف: لقد بذلت الدول الغربية وامريكا منذ انتصار الثورة الاسلامية ولحد الان جهودا كبيرة لتغيير النظام السياسي في ايران. ولكن بعد الفشل في تحقيق مآربها المعادية لايران عبر عمليات الاغتيال والحرب والعقوبات والخ .. بدات لعبة جديدة لتغيير النظام السياسي تمثلت في العمل على تسنم شخصيات لسدة الحكم يكون لها توجهات قريبة من اهدافها. هذا المشروع في الاصل كان يستهدف التاثير على سياسات الجمهورية الاسلامية الايرانية واحتواء الثورة الاسلامية التي تشكل تهديدا جديا لمنافعها. وفي هذا البين فان الانتخابات لاسيما الانتخابات الرئاسية تتسم باهمية فائقة نظرا لتاثيرها الكبير على التوجهات السياسية في ايران. ويتابع المحلل السياسي الايراني قائلا: في الحقيقة ان الانتخابات هي اداة يمكن التاثير من خلالها على المواطنين لتشكيل مؤسسات سياسية واختيار المسؤول عن تنفيذ السياسات الوطنية. فان فقدت هذه الآلية لاي سبب كان فاعليتها وتأثيرها في مجال تحفيز ابناء الشعب للمشاركة في الشؤون السياسية او فقد المجتمع ثقته بهذه الآلية او توغل المندسون فيها، فان الطريق سيكون ممهدا لتدخل الاجانب. وافضل دليل على ذلك ما حدث خلال الانتخابات الرئاسية العاشرة في ايران، حيث فشلت التيارات السياسية التي رصدت لها الدول الغربية وامريكا اموالا طائلة وكانت تامل بان تصل الى السلطة. واما الذريعة فكانت التزوير في الانتخابات، الادعاء الذي انكشف زيفه فيما بعد. ويعاود المقال طرح سؤاله بشان اهمية الانتخابات الرئاسية الايرانية بالنسبة للغرب ليقول: بداية ينبغي القول ان الهدف الاساس للغرب وامريكا مازال تغيير النظام في ايران. ولكن نظرا الى ان الملف النووي اصبح خلال العقد الماضي لاسيما خلال فترة الحكومتين التاسعة والعاشرة التحدي الاهم بين الجانبين، فان وصول حكومة تبدو اكثر مرونة بشان التعاطي مع هذا الملف سيكون خيارا مناسبا للغرب. وفي الحقيقة يمكن القول ان هذا الموضوع سيشكل بداية وستكون له نتائج ايجابية تصب في مصلحة الغرب. والنقطة الثانية التي لا ينبغي التغافل عنها هي نسبة المشاركة الشعبية التي تكشف عن الاقتدار السياسي لاي نظام. وفي هذا الاطار فرضت الدول الغربية وامريكا خلال الاعوام السابقة لاسيما العام الاخير ضغوطا سياسية واقتصادية كبيرة على ايران بهدف تأزيم الاوضاع والايحاء بعدم فاعلية النظام لزعزعة ثقة الشعب به وبالتالي تقويض المشاركة الشعبية في الانتخابات. الماضي، نبراس المستقبل التجربة المرة التي خاضتها البلاد بعد الانتخابات الرئاسية العاشرة والاضطرابات التي تلت اجراء انتخابات ملحمية وحماسية شارك فيها 40 مليون ناخب، جعلت اعداء ايران الالداء يشعرون ببصيص امل حيال جدوائية اسثماراتهم لزعزعة الشعب الايراني. وفي الحقيقة فان الغرب واميركا كانا يشعران باليأس حيال عرقلة مسيرة تقدم الشعب الايراني قبل انتخابات 2010، لكن الاحداث التي تلتها اعادت لهم آمالهم لمواصلة طريهم السابق عبر ممارسة الضغوط الخارجية واستغلال العناصر الداخلية. العدو كان يرمي الى تحقيق ثلاثة اهداف في انتخابات عام 2010 هي: 1- اسقاط اسقاط النظام الاسلامي. 2- تغيير السياسة الايرانية. 3- المحافظة على مكانة الشخصيات السياسية المرتبطة بها. ويرى تقي بور ان الاهداف نفسها يجري متابعتها في هذه الانتخابات ايضا. وفي الحقيقة ان الغرب ومن خلال التلفيق بين الحظر وتضخيم مطالب المعارضة يحاول الضغط على الشارع الايراني وسوقه نحو المرشح الذي يكون عاجزا عن الصمود امام الاطماع الغربية. وهذا يعني ان حضور ابناء الشعب الايراني لدى صناديق الاقتراع هو الذي سيحدد سلوك الغرب حيال النظام الاسلامي. تحليل سلوك الغرب بعد الانتخابا ت الرئاسية العاشرة ينقسم موقف الغرب في هذا الخصوص الى مرحلتين، الاولى منذ بدء الاضطرابات وحتى احتوائها من قبل النظام، والثانية ما بعدها. فعلى سبيل المثال غالبية الاخبار التي نشرتها الوكالات الخارجية كانت تركز على اثارة الفوضى والاضطرابات في البلاد ما يكشف عن مخطط مبيت. الرئيس الاميركي باراك اوباما وغداة يوم التصويت ادلى بتصريحات مضمونها انه يشعر بالاستياء حيال ظروف ايران منوها الى ان قيما مثل حرية التعبير و (...) هي قيم عالمية يجب احترامها مضيفا، ان الشعب هو صاحب القرار لتقرير مصيره ولكن الصمت ايضا خطأ؟!. التحقيقات التي اجريت في خصوص تدخلات الغرب كشفت عن ان بعض الدول الغربية قامت قبل وخلال وبعد الانتخابات بخطوات تدخلية في الشأن الايراني على الصعد السياسية والرسمية والامنية والاستخباراتية والاعلامية . التحريض على الفوضى والاضطرابات والتطرف من قبل القوى الغربية ووسائل اعلامها امر لا يخفى على احد. وفي الحقيقة فان الخطوات الخاطئة التي قامت بها المعارضة الداخلية والتشكيك في الانتخابات الملحمية التي كان يمكن ان تتحول لملحمة وطنية تعزز اقتدار الجمهورية الاسلامية على الصعيد الدولي وتقلل الضغوط عليها، تحولت الى ذريعة لتدخل الدول الغربية وامريكا في شؤون ايران. وهنا يمكننا الاشارة الى بعض تصريحات المسؤولين الغربيين آنذاك ومنها: باراك اوباما: نحن ندعم هؤلاء (الفوضويين) لانهم على اعتاب بلورة تاريخ جديد. ان انظار العامل شاخصة نحو ايرانوامريكا تدعم الذين يبحثون عن العدالة في هذا البلد". المتحدث باسم البيت الابيض يصف الخطوات التي يقوم بها المخلون بالامن بانها اعمال ممتازة وشجاعة. اما قناة "سي ان ان" فقد اعلنت في تقرير لها ان امريكا ارسلت عشرة الاف جهاز تجسس الى اشخاص في ايران على صلة بالاضطرابات. وقال "غوردن براون" رئيس الوزراء البريطاني آنذاك: الحكومة الايرانية ملزمة بالرد على التساؤلات التي ثيرت حول الانتخابات الرئاسية. هذه هي غيض من فيض التصريحات التي ادلى بها مسؤولو الغرب حول انتخابات ايران لعام 2010. وفي الحقيقة، فان اداء بعض الاشخاص في الداخل هو الذي سمح لاعداء ايران بان يتحدثوا معها باسلوب تدخلي ووقيح ويثير التشكيك حول نزاهة الانتخابات الايرانية. ويشير المقال الى ان تحليل المواقف الغربية بعد نجاح النظام في احتواء الاضطرابات لاسيما بعد نزول ابناء الشعب الى الشارع لخلق محلمة اخرى اوسع نطاقا من ملحمة مشاركة 40 مليون ناخب في الانتخابات، مفيد جدا لاسيما بعد مشاهدة تبدل مواقف الغرب بشكل كامل ووصفه الانتخابات والاحداث التي تلتها بانها مسألة داخلية ولا ينبغي عليه التدخل فيها، بل ذهب الى اكثر من ذلك حين اعلن عن استعداده لتحسين العلاقات مع ايران. فعلى سبيل المثال، ايطاليا التي كانت تدعو الى تشديد الحظر ضد ايران بذريعة الانتخابات، خرجت لتعلن بعد شهر فقط ان الظروف غير مهيأة لتشديد العقوبات على ايران. اما رئيس الوزراء البريطاني فقد اعلن قبل اجتماع مجموعة الثماني ان الانتخابات الرئاسية الايرانية شان داخلي والحوار مع طهران افضل الخيارات. هذا فيما اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان مجموعة الثماني ستمهل ايران حتى سبتمبر وانها ستبحث التهديدات خلال ذلك الاجتماع. هذه المواقف تشير الى ان الملحمة التي سطرها الشعب الايراني بعد فتنة 2010 ارغمت الغرب على تغيير مواقفه. الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة وينوه المقال مرة اخرى الى هدفي الغرب المتمثلين بتمهيد الارضية لوصول حكومة الى سدة الحكم تتناغم مع اهداف الدول الغربية وتتسم بالمرونة في مواجهتها لاسيما بشأن الملف النووي والتقليل من مشاركة الشعب للتشكيك في اقتدار النظام ويقول: ان الشق الاول هو خارج عن موضوع المقال وبحاجة لمقال آخر. اما الشق الثاني، فان العدو ومن خلال الضعوط السياسية والاقتصادية يبذل ما بوسعه لتقويض المشاركة الشعبية. وبناء على هذا ومواقف الغرب وامريكا في الانتخابات الرئاسية السابقة، يمكننا التكهن بان لغة جبهة الاستكبار والدول الغربية بعد الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة ستكون على النحو التالي: اولا .. المشاركة الملحمية الواسعة ان الغرب وبمنأى عن الرئيس القادم، ينظر الى موضوع نسبة المشاركة الشعبية بحساسية كبيرة. التجربة تثبت ان الشعب الايراني هو رجل المهام الصعبة حيث انه يفاجىء العدو دائما ويحبط مؤامراته. وفي هذه المرة ايضا فان الحضور الواسع لدى صناديق الاقتراع سيكشف عن تمسك ابناء الشعب بالنظام الاسلامي ونزاهة وحرية الانتخابات الايرانية، ذلك الخيار الذي لا يحبذه اعداء النظام. والظاهر ان تحقق هذا الامر ودعم الجماهير للنظام الاسلامي سيجعل الغرب في موقف الانفعال كما حصل بعد احتواء فتنة 2010 ويعترف باقتدار النظام الاسلامي ويكف عن ممارسة الضغوط ووضع الشروط لايران خاصة بشان الملف النووي. طبعا ان عداء امريكا والغرب للنظام الايراني لن يسمح لهما بان يعترفا بارادة الشعب الايراني والكف عن عدائهما له، لكن حضور الجماهير بكثافة عند صناديق الاقتراع سيحبط مؤامراتهما الرامية لالايحاء بعدم وجود ديمقراطية في ايران وبان النظام لا يحظى بسند شعبي، وسيثبت للعالم خواء هذه المزاعم، ويرغم الغرب وامريكا على انتهاج طريق آخر للتعامل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. ثانيا .. المشاركة الضعيفة والخجولة الحالة الثانية هي المشاركة الضعيفة والخجولة للجماهير في الانتخابات. طبعا ان انخفاض هذه النسبة مقارنة بانتخابات عام 2010 امر متوقع، ولكن المقصود من المشاركة الضعيفة هو حضور نسبة مئوية اقل من معدل نسبة المشاركة في الدورات السابقة او الحضور الخجول عند صاديق الاقتراع - وهذا هو سر تشديد الحظر وتصعيد وتيرة الضغوط ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية - . ولكن ان تحقق هذا الفرض - فرض المحال ليس بمحال - فان الغرب سيخرجى من موضع الانفعال وسيتابع مخططه السابق المتمثل بمحاولة تغيير النظام في ايران بناء على ذريعة انخفاض المشاركة الشعبية وعدم ثقة الجماهير بالنظام الاسلامي والتيار الحاكم. وفي اول خطوة في هذا المجال سيخوض المفاوضات النووية من منطلق القوة ويسعى الى فرض شروطه على ايران. وهذا ما حدث بعد الاضطرابات التي شهدها الشارع الايراني بعد انتخابات 2010. حتى قد يقوم بطرح موضوع تغيير النظام الايراني في الاوسط الدولية بذريعة انه مطلب شعبي. وفي مثل هذه الحالة فان مقاومة وصمود الشعب الايراني امام الشروط المفروضة عليه من قبل الغرب قد تؤدي الى تشديد الضغوط الاقتصادية والسياسية على ايران. ولكنها في هذه المرة سيكون لها سبب وجيه امام الدول التي تعارض العقوبات على ايران في الوقت الراهن لتلتحق هي الاخرى بركبها. وبالتالي ينبغي القول ان الغرب سيخطو خطوة واسعة الى الامام ويرغم ايران على التراجع عن كثير من مواقفها السابقة التي صمد عليها اعتمادا على سنده الشعبي. النتيجة وفي الختام ينبغي القول ان اعداء النظام الاسلامي بذلوا ما بوسعهم بعد الثورة الاسلامية للنيل من ثقة الشعب بالنظام والتشكيك في شرعيته، وهذه الظاهرة ليست ظاهرة جديدة في السياسة الغربية حيال ايران. ولكن حساسية الانتخابات المقبلة واحداث 2010 والضغوط الاقتصادية التي تشهد وتيرة متصاعدة خلال الاشهر الاخيرة تزيد من امل الغربيين بانخفاض المشاركة الشعبية في الانتخابات، الامل الذي سيذهب هباء منثورا ان شاء الله من خلال المشاركة الشعبية الملحمية في الانتخابات.