70 مسيرة حاشدة بريمة ثباتًا مع غزة ومباركة لانتصار إيران    إصابة مواطن برصاص قناص مليشيا الحوثي شرقي تعز    صنعاء : تشييع جثمان شيخ قبلي بحضور رسمي كبير    وزير الاقتصاد يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بالعام الهجري الجديد    "مسام" يتلف 4620 قطعة من الذخائر ومخلفات الحرب في ابين    وزارة الإعلام تنعي الشاعر فؤاد الحميري وتشيد بمناقبه ودوره التنويري    وداعاً بلبل الربيع    رحيل فؤاد الحميري    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    صاروخ بوتين الجديد يخلط أوراق الردع في أوروبا    في ذكرى سقوطه السابعة والأربعين.. هذه اخطاء سالمين.    حواري مع "أبو الهول الصناعي".. رحلة في كهف التقنية بين الحيرة والدهشة    وفاة الشاعر والسياسي فؤاد الحميري بعد صراع مع المرض    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    غدا بدء العام الدراسي الجديد    الوزير البكري يزور مسجد عمر بن الخطاب في عدن ويستنكر اقتحامه واعتقال إمامه    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    في مساحة الاختلاف.. يبقى الوطن أولاً..    لماذا لن يقمع الانتقالي مظاهرات الجنوب الحقيقية؟    أحزان الكعبة المشرفة.. هدم وحرائق من قبل أمراء مسلمين    خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ    مانشستر سيتي ينتظر الهلال السعودي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية    الفزعة الإماراتية.. نخوّة وشجاعة في كل موقف    الهلال السعودي إلى ثمن نهائي كأس العالم    نادي النصر يجديد عقد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    عدن تشتعل بالأسعار بعد تجاوز الدولار حاجز 3 آلاف ريال    امتيازات خيالية وأرقام ضخمة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي    عراقجي: لا نقبل حاليا زيارة غروسي لطهران    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    Fairphone تعود لعالم أندرويد بهاتف منافس    كأس العالم للاندية: السيتي يكتسح اليوفنتوس بخماسية ليخطف الصدارة    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    عدن.. انعقاد الورشة التشاورية لصياغة خطط حماية المرأة ضمن برنامج تعزيز الوصول إلى العدالة للنساء والفتيات    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    وفاة واحد من ابرز الجيولوجيين اليمنيين    عبده شرف الشامخ بفكره وعلمه ومبادئه    مبابي يتهم باريس سان جيرمان بالتعامل معه بطريقة "غير أخلاقية"    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذبحة العشاق ..!؟
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 12 - 2012

كانت ليلة صعبة أو أكثر الليالي صعوبة على الإطلاق في حياة «نشأت وهناء» بعدما رفضت أسرة الفتاة خطبتهما وقضت على كل الأحلام والأمنيات وهدمت الصرح الكبير من الخيال الذي بنياه معاً خلال لقاءاتهما الكثيرة واليومية في السنوات الماضية.
خرج نشأت من البيت بعد أن تم الرد على طلبه صراحة وبكل وضوح وبلا مواربة، بل وحذَّره أبوها بلهجة حادة من أن يفكر في هذا الموضوع مرَّة أخرى وعليه أن ينساه والأفضل أن يمحوه من ذاكرته، لكن في الحقيقة هو يطلب منه المستحيل، وما لا قبل له، وما لا يطيقه، فبجانب الظلام في تلك الليلة لم يكد يرى الطريق من تحت قدميه ولا يعرف كيف يعود إلى منزله أو هو لا يريد ذلك ولا يعرف كيف يتصرف.
أراد نشأت أن يبكي لكي يخفف الآلام ونار العشق التي تحرق قلبه وتتأجج داخل صدره ولا يريد أن يتحدث مع أحد، ويتمنى لو كان له جناحان ليطير إلى عالم آخر أو إلى كوكب بعيد ولا مانع من أن يموت ويودع الحياة كلها بعد أن انتهت أحلامه وضاعت وليس له أمل في العودة إليها.
تجمد تفكيره وتوقف عقله عن العمل وراح يضرب رأسه بيده لعله يفيق أو يهتدي إلى فكرة تخلصه مما هو فيه، لكن بلا جدوى ويعيد ويكرر ما يطرأ على فكره وفي النهاية النتيجة واحدة بلا فائدة حتى اقترب الفجر، فألقى بجسده على الأرض عساه أن ينام قليلاً، لكن حتى النوم عانده ورفض هو الآخر أن يقف معه في أزمته.
في الصباح كان اللقاء الأول بينهما بعد تلك المستجدات، وكان مختلفاً عن اللقاءات السابقة التي كانا يتبادلان فيها كلمات العشق والغرام والآن يتبادلان التعازي والرثاء، فقد نالهما مصاب كبير وعجزا معاً عن إيجاد مخرج وفي النهاية كان الحل المؤقت هو أنه لا تنازل عن الحلم الكبير، فهذه مسألة حياة أو موت ولا بديل عن اتخاذ كل ما هو متاح واستخدام جميع الأسلحة المباح منها والممنوع تعاهدا وأعلنا عدم التفريط أو التنازل عن حقهما وأنهما سيقاتلان حتى الموت، عرضت عليه حلاً سهلاً بأن تهرب معه ويتزوجا وينتهي الأمر، لكن هناك موانع جعلته يتردد في قبول هذا الحل لأنهما لن يستطيعا الزواج لأن ظروفهما تفرض عليهما طقوساً معينة وتأكد أنها بجانبه، فازداد تمسكه بها وأعطاه ذلك دفعة جيدة للمقاومة والتصدي والتحدي مهما كانت العواقب والنتائج، فكان رده عليها أنه سيقف في وجه الدنيا كلها ولن يتخلى عنها مهما حدث.
لم يظل هذا اللقاء سراً ووصلت تفاصيله إلى أسرة هناء وثارت أمها وغضب أبوها وضربها ضرباً مبرحاً وهو يهددها بالذبح إن عادت إلى هذا وهو جاد في تهديده ويمكن بالفعل أن ينفذه وليس لمجرد التخويف، لكن حتى لو وصل الأمر إلى تلك النهاية فلا يهم وليفعل ما يشاء، وها هو الأب قد أصدر فرماناته بسحب الموبايل منها ليقطع كل اتصال بينهما ومنعها من الخروج من المنزل ولا حتى النظر من النافذة وفرض عليها الإقامة الجبرية، وكانت أشبه بسجن انفرادي، خاصة وهي تجد مقاطعة من جميع أفراد أسرتها وهذا لا يهمها، لكن يهمها فقط أن تسرق لحظة قصيرة ترى فيها نشأت بعد أن طالت فترة القطيعة الإجبارية ولم يتحقق لها ما تتمنى لأن الحصار قوي ومتين.
هو لم يكن أحسن حالاً منها ولم يتوقف عن التفكير وأعياه البحث عن منفذ وقلب الأمر على كل الوجوه، لكنه لم يجد مخرجاً ولا مفراً، وليس هناك حل بديل والاختيار الوحيد والذي لا حياد عنه هو الزواج ممن اختارها قلبه صحيح أن أباها كان محقاً في بعض ما قاله له وواجهه به من اختلاف كبير في المستوى الاجتماعي والمادي، فهو بالكاد حاصل على مؤهل متوسط بلا قيمة في سوق العمل ولم يجد عملاً من أي نوع حتى الآن بعد تخرجه بست سنوات ولا يملك من حطام الدنيا شيئاً، بينما والدها مقاول كبير وثري ويملك أموالاً طائلة وليس هذا الذي يناسب ابنته ولا يصلح لأن يكون عريساً لها بجانب أنه مرفوض لأنه خرج على العادات وشهّر بالفتاة وأذاع حبه لها في كل الأرجاء بما لا يناسب أو يتماشى مع التقاليد القروية الراسخة، لكن كل تلك الحقائق الواضحة مثل الشمس لم تكن مقنعة له ولا يعترف بها، فالناس متساوون لا فوارق بينهم وما ذنبه أنه ولد وعاش فقيراً، وهي من أسرة ثرية إنها عادات وأفكار ظالمة بكل تأكيد.
ثلاثة أشهر كاملة مضت منذ بداية تلك الأحداث التي اعتبراها مدمرة لحياتهما وفاض بهما الكيل، وليس بمقدورهما التحمل بعد ذلك، فقد نفد الصبر واحترق الصدر، ولن يقبلا بالوقوف مكتوفي الأيدي أمام تقاليد بالية وأفكار أكل الدهر عليها وشرب ويجب أن تكون هناك خطوة جديدة، فقد فاق ذلك كل احتمال وتسللت وهي تعرف العقاب الذي ينتظرها لو اكتشف أبوها أمرها، ولكن الموت أهون عليها من الفراق وتوجهت إلى نشأت، وليكن ما يكون وكان اللقاء حاراً ولم يكن هناك تبادل لكلمات الغرام مثل ما كان في الماضي وسيطر على تفكيرهما كيفية الخلاص من هذا المأزق وبسرعة شديدة فلا قدرة لهما على الانتظار أكثر من ذلك ولا مجال لتضييع المزيد من الوقت.
الأب والأم لن يتزحزحا عن موقفها ولا أمل في تغييره وألقى الشيطان في فم كل من نشأت وهناء نفس الكلمات فنطقا بها في وقت واحد لا بديل عن التخلص من هذين اللذين يقفان حجر عثرة أمام سعادتهما، فهذا هو الحل النهائي وبعدها يخلو الجو ولا يوجد من يعارض أو يرفض ولم لا إذا كانت النتيجة كذلك مضمونة مئة في المئة بعد التخطيط الجيد، حيث لا يرى ولا يعرف أحد عن الحادث شيئاً وفي النهاية يقيد ضد مجهول ولأول مرة خلال هذه الفترة تنفرج أساريرهما وتعرف البسمة طريقها إليهما وظلت نظرات عيني كل منهما متعلقة بالآخر إلى أن تواريا وابتعدا بعيداً وافترقا ونجحت المغامرة ولم يرهما أحد ولم تتسرب أخبارهما هذه المرة، فهل كان هذا لحسن أم لسوء الحظ إلى هنا لا أحد يدري.
بدأ التنفيذ فوراً لما اتفقا عليه عندما حل المساء والظلام يلف المكان الذي يقع فيه البيت الريفي وتسلل نشأت مثل اللصوص حتى لا يراه أو يشعر به أحد وكانت هناء في انتظاره على أحر من الجمر، وفتحت له الباب ودخل على أطراف أصابعه وأشارت إليه بأن يصعد إلى الطابق العلوي، حيث أمها تغط في نوم عميق، فالساعة تجاوزت العاشرة مساء والمرأة في الغالب تنام بعد الثامنة مباشرة لأنها تستيقظ مبكراً كل يوم كما اعتادت طوال عمرها وحيث أن الحياة هنا منتظمة بهذا الشكل حسبما تفرضه الظروف.
ضربة واحدة بقطعة الحديد التي كانت معه كانت كافية لتفقدها النطق وضربة ثانية هشمت رأسها وفارقت الحياة وهي غارقة في الدماء ورغم أنه تأكد من موتها لكن حقده عليها جعله يخرج المطواة التي في جيبه ويطعنها عدة طعنات ليشفي غليله منها وتنهد وهو ينتهي من مهمته الإجرامية وتبادلا نظرة في الظلام الذي لم يبدده تماماً ضوء المصباح البسيط كأنها نظرة التهنئة والخلاص.
قبل أن يبرح مكانه لم يجد الرجل الذي جاء من أجل أن يقضي عليه وخرج الطفل الأول يبحث عن ماء وشاهد نشأت في بيتهم في هذا الوقت من الليل فلم يكن أمامه إلا أن يجهز عليه هو الآخر خشية أن يكشف السر وكتم أنفاسه وطعنه عدة طعنات وذبحه وألقى به على الأرض وهو يعرف أن له أخوين آخرين، فلماذا يتركهما على قيد الحياة ولا بد أن يبيد الجميع حتى لو لم يكن لهم دور في أزمته وكما فعل في الأول فعل في الثاني والثالث، لكن التخلص من هؤلاء القتلى الثلاثة لم يكن كافياً لإنهاء المشكلة ولا مفر من التخلص من رأس الأفعى، فبقاء أبيها على قيد الحياة يظل عائقاً أمام زواجهما، لكن من أين له أن يأتي به وهو لم يعد إلى البيت حتى الآن؟ ليس أمامه إلا أن يفر قبل أن يكتشف أمره وربما بعد هذا الحدث يصاب الرجل بشلل أو صدمة تفقده الوعي ويذهب إلى غير رجعة وهكذا راودتهما الأماني الشريرة.
عاد والد هناء بعد منتصف الليل ليكتشف مسرح الجريمة وقد تناثرت فيه الدماء هنا وهناك وكان وقع الصدمة كبيراً، والمشهد غاية في الصعوبة ولا يحتمل وأبلغ الشرطة التي جاءت لتعاين المكان وتفحص الجثث وتسجل الإصابات وترفع الأدلة والبصمات ومن البداية أشارت الأصابع بالاتهامات إلى نشأت وإلى هناء لأن السؤال الذي فرض نفسه لماذا قتل الجميع ما عداها وألقي القبض عليهما وحاولا في البداية المراوغة، لكن الأدلة كانت كافية ولا مجال للإفلات من العقاب بعد هذه المذبحة.
أحمد محمد
المصدر: جريدة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.