فور دخول التهدئة حيز التنفيذ، الليلة قبل الماضية، انطلق آلاف الفلسطينيين في مسيرات حاشدة في قطاع غزة، وسط اطلاق نار وتكبيرات المواطنين للاحتفال ب«انتصار المقاومة»، فيما قررت الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة اعتبار الثاني والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام «عيداً وطنيا، وإجازة رسمية»، ودعت المواطنين كافة للاحتفال بهذه المناسبة، وزيارة أسر الشهداء، وتفقد الجرحى، والتأكيد على التكاتف الوطني. وقال مراسل «فرانس برس» في مدينة غزة إن «مسيرات انطلقت بعفوية في كل مناطق المدينة، يتخللها إطلاق كثيف للنار وتكبير مئات المواطنين احتفالاً بانتصار المقاومة». وجاءت الاحتفالات بعد وقت قصير من بدء سريان التهدئة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية الذي تم إعلان التوصل إليه في مصر. وأطلق مسلحون ظهروا للمرة الاولى في الشوارع منذ بدء العملية العسكرية الاسرائيلية قبل تسعة أيام، الاعيرة النارية، كما أطلقت ابواق السيارات والالعاب النارية في شوارع مدينة غزة، بينما لايزال يسمع هدير الطائرات الاسرائيلية في سمائها. وردد المواطنون «انتصرت المقاومة»، مهللين «الله اكبر». وقال أحد المحتفلين، وهو صالح ابوسكران (30 عاماً): «جئت لاعبر عن فرحتي واحتفل بالنصر المؤزر للمقاومة وكتائب القسام في حرب الايام الثمانية». وأشار الشاب الذي اصطحب بناته الثلاث على دراجته النارية «في الحرب لم نكن نخرج إلا للصلاة في المسجد المجاور، الآن نحن في شوارع غزة للاحتفال بالنصر، وفي تل ابيب في بيوتهم مهزومون»، لكنه تابع «لا أمان لاسرائيل، فدائماً يخرقون الهدنة». وتقول الطفلة روان (11 عاماً): «جئت لأتفرج على الحفل لأننا انتصرنا»، وتضيف شقيقتها الصغرى براء «أنا مبسوطة، لأننا انتصرنا على اليهود». ووزعت الحلوى والشوكولاتة على المحتفلين في الشوارع. وتقول الطفلة ريم ريشة (12 عاماً): «جئت مع اخوتي لأحتفل بالنصر، فلا قصف بعد اليوم»، وتضيف «كنا مثل المحبوسين في البيت، لان الطائرات الاسرائيلية كانت تقصف كل شيء، اليوم نفوز على إسرائيل». وفيما كان عشرات المسلحين يجوبون شوارع مدينة غزة بسياراتهم ويطلقون النار في الهواء، رفع المحتفلون أعلام فلسطين ورايات حركة حماس، وهم يرددون هتافات، منها «يا قسامي يا حبيب اضرب اضرب تل أبيب». وقال مسلح من كتائب القسام «لن يستطيع الكيان الصهيوني خرق التهدئة، لأن أي خرق يدرك انه سيقابل برد القسام فوراً». وأخذت مساجد غزة بالتكبير عبر مكبرات الصوت والثناء على «المقاومة». وحمل المواطنون الأعلام المصرية أمام مستشفى الشفاء الطبي غرب مدينة غزة، كما شارك عدد من عناصر كتائب القسام في المسيرات التي انطلقت في شوارع المدينة. وبدأ أكثر من 10 آلاف فلسطيني لجأوا منذ الثلاثاء الماضي الى مدارس تابعة لوكالة الغوث الدولية (الانروا)، بسبب شدة القصف الاسرائيلي، العودة الى منازلهم في شمال قطاع غزة. وفي وقت لاحق أمس، شارك عشرات آلاف الفلسطينيين في مسيرات حاشدة في مدن القطاع، للاحتفال ب«انتصار المقاومة». وكانت كبرى المسيرات في مدينة غزة، وجابت الشوارع، بمشاركة من كل الفصائل، في مقدمتها حماس وفتح، وانتهت بمهرجان خطابي قرب ساحة المجلس التشريعي وسط غزة. وقال عضو المكتب السياسي لحماس، خليل الحية، في كلمته «ننتصر بهذه اللوحة العظيمة، الوحدة الوطنية التي تجسّدت في ألوان العلم الفلسطيني، بالدم والصاروخ والبندقية والصبر والثبات بالنصر والتحرير»، داعياً الشعب الفلسطيني وفصائله «للتخندق خلف قيادة واحدة تحمي الثوابت والحقوق الفلسطينية». وأضاف «نحن كتفاً إلى كتف، حماس والجهاد وفتح وبقية الفصائل، ووعد علينا ألا نلقي البندقية حتى الانتصار. اليوم ينتصر شعبنا وتنتصر مقاومتنا ودمنا على الطائرات الإسرائيلية والجلاد الإسرائيلي». وأعطيت الكلمة الثانية، للقيادي في حركة فتح نبيل شعث، الذي قال إن «صمودكم اليوم إذا توّج بالوحدة؛ هو الانتصار الذي نريده على ما يريده الاحتلال لنا من انقسام». ودعا الى «العمل جميعاً من خلال المشاركة في كل شيء، فلا يستبعد أحدنا أحداً، بيد واحدة وعقل رجل واحد»، معتبراً أن «الوحدة ستحقق لنا المزيد من الانتصار». وألقى قادة الفصائل الآخرون كلمات تعبّر عن الفرحة بالمقاومة والانتصار وتدعو للوحدة، كما ألقى رئيس حزب الوفد المصري، السيّد البدوي، كلمة عبّر فيها عن «الفخر بالإنجاز الذي حققته غزة وصمودها».