د. محمد عثمان الثبيتي دعوني قبل تدبيج المدائح ، وزفّ التهاني ، والتغني بالتاريخ التليد لكينونة الطائف كحاضرة للثقافة والأدب من العصر الجاهلي حتى عصرنا الحالي ، وكمدينة ذُكرت في القرآن الكريم " ضمنياً " في قوله تعالى " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " ؛ ناهيكم عن مقوماتها الطبيعية التي جعلتها مقصداً للحاضر والباد ، ومنحتها " حالة " متفردة ألهمت الشعراء بوحاً لا يُمْكِنُ أن تتخمّر معه عقولهم وتستلذ به قلوبهم وتنطقه ألسنتهم إلا وهم فوق رُباها ، ويستنشقون عبير هواها ؛ وما فؤاد الخطيب - الشاعر الذي هام بالطائف عنا ببعيد - إذ قال : أنا في الطائف استوحي الشعور ... إن في الطائف بعثاً ونشورا أحيت الأحداق في نرجسها .... وأعادت في الأقاحي الثغورا . بعد هذه القرائن النقلية والعقلية أتساءل هل الطائف في حاجة للولوج في مسابقة تتنافس فيها مع أُخريات للظفر بلقب " عروس المصائف العربية " ؟ وهل تاريخ الطائف مُغيَّب عن اللجنة التي درست الملفات المتقدمة للدرجة التي تجعلها تُدخلها في مقارنة مع غيرها ؟ وهل الاحتفائية التي صاحبت الإعلان عن الفوز تستحق كل هذا " التهليل " الذي أوحى للناس بأن الطائف " نكرة " عرّفتها الجائزة ؟ أسئلة أبت إلا أن تبرز ، واستفهامات لا زالت تشتعل في ذهني عن تعاطٍ لا أجد له - من وجهة نظري المبنية على الإسقاطات التاريخية - مُبرراً يقنعني بأن الطائف في حاجة للقب " عروس المصائف العربية " ، في ظل تمتعها بمرجعية تتجاوز تداعيات هذا اللقب الهُلامية . كلامي السابق أتمنى ألاّ يُفهم بأنه قدح في اللجنة أو تعالٍ على بقية المدن التي دخلت مضمار المُسابقة ، بقدر ما آمل أن يكون تذكيراً وتأكيداً على أن المعرّف لا يُعرَّف ، وأن التاريخ - وإن جهله البعض - إلا أن عقول المُخلصين وبطون المصادر المنسية ستكون شاهداً على تراتيل حِقَب تحفظها لتكون حاضرة عندما يُنسى أو يُتناسَى التاريخ. وبعيداً عن " الألقاب " وعوداً للواقع المُعاش ؛ وبهدف الحفاظ على استمرارية الطائف كلوحة بانورامية تأبى أن تكون في مقارنة مع غيرها فإنها تحتاج إلى الكثير والكثير من الاهتمام الذي يُعزز حضورها الشاعري ، ويستثمر مقوماتها الطبيعية ، ويضخ في أوردتها سلسبيل المُستحدث من الجمال ، وتُورد شرايينها المزيد من الشذا الذي يُعانق عُباب السماء ليفتِّق غشاوة جثمت على عتباتها وزادتها وهناً على وهن ، وتُخرجها من غيابها القسري الناتج عن ضعف بيئة الاستثمار الأمثل لما تمتلكه ، وتدني الرؤية للبعد السياحي كخيار استراتيجي لزيادة الناتج المحلي وكوسيلة مُثلى لإيجاد فرص عمل موسمية للشباب والشابات الذين أنهكهم سهر الصيف ، وأضاع عليهم استنبات طاقاتهم الكامنة ؛ لذا أتمنى أن تُعلن الجهة المسئولة عن السياحة في الطائف عن خطتها الاستراتيجية قبل بدء فعاليات الصيف ؛ لكي تقنعنا - كمواطنين - بأن ثمة عملاً مُخططاً له وليس محاولات خاضعة للاجتهادات الذاتية ومرتهنة للاعتبارات الشخصية ؛ فهل من مُستجيب ؟ أم أن السياحة في عُرف مستثمريها لا تتجاوز أن تكون موسماً لزيادة الغَلّة على أكتاف المجبورين على دفع فواتيرها دون أي اعتبار لسواها ؟ [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (33) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain