د. فهد بن سعد الجهني لا شك أن السفارات لها أنظمتُها وأعرافهُا ومكانتها وأهميتها ، فهي تُمثِّلُ للغريب عن بلده ؛بلداً مؤقتاً ؛ومصدر أمانٍ واطمئنان ،يفزعُ إليه المواطن إذا سافر متى ما احتاج ذلك. والذي أتصورهُ أن السفارات تعملُ وفق نظامٍ خاص وأعرافٍ متفق عليها،ومهام مُحدَّدةٍ واضحة، أهمها فيما أظن: رعاية شؤون المواطن خارج بلده ،وتسهيل أموره ،وحمايته من أي خطرٍ قد يتعرض له أو يُعرَّض هو نفسه له. إذاً لا إشكال في النظام ، ولكن: القدْر الذي يتمايز فيه أداء السفارات والسفراء ،والأمر الذي يجعل هذه السفارة أو تلك تُحقق المهام الواجبة عليها وتقوم بدورها المأمول،هو : العنصر البشري ،وأعني: فريق عمل السفارة ؛ابتداءً من السفير وانتهاءً بأقلِّ موظفٍ من جهة المهام. فمتى كان هؤلاء العاملون على قدْرٍ من التدريب وقبل ذلك على قدْرٍ من المسؤوليةِ وحسن التعامل والإحساس بقيمة العمل الذي يؤدونه وأنهم يحملون أمانة خادم الحرمين لهم عندما استأمنهم على أعمالهم ورعاية مصالح بلدهم ومواطنيهم! على قدْر مايتمتعون بهذه الصفات فإنهم سيكونون نموذجاً رائعاً بإذن الله. وقد مررت بتجربة حديثة هي الأولى من نوعها التي أجُرّب فيها أداء وتفاعل السفارات مع مواطنيها إذا ألمَ بها خطبٌ يستدعي ذلك! وأعني هنا سفارة المملكة في المملكة البريطانية المتحدّة ، فقد كنتُ في رحلةِ عمل لحضور ندوة وورش عمل تُعنى بالعمل الطلابي والشبابي ، وتعرّض أحد أفراد الوفد معي لإشكال سببُه سوء فهم ولبس وأيضاً جهلٌ بأنظمة البلد هناك،وهي أنظمةٌ صارمةٌ ودقيقة وتستوعب تفاصيل كثيرة وعجيبة،إلا أنها توفر لرعاياها حياةً منتظمةً وآمنةً ومُريحة، وأبرز ما يمُيِّزُ بريطانيا هو هذا القانون الموجود في كل التفاصيل ،والذي يُطبق بكل أمانةٍ ،وعلى الجميع دون استثناء، لذلك من المهم جداً أن يطلع المسافر على قانون كلِّ بلد لاسيما في الأمور العامة والمهمة،حتى لايقع في إشكالٍ من حيث لم ينوِ ولم يشعر. وقد استدعى هذا الموقف الذي حصل إيقاف صديقنا في مخفر الشرطة والتحقيق معه، وقيل إنه قد يتعرّض للمحاكمة وقد يطول الأمر!! لذلك اتصلتُ مباشرةً بالسفارة وكان اليوم يومَ إجازةٍ رسمية ، ووجدتُ هناك رقماً للمكالمات الضرورية؛ وردّ عليً مباشرةً أحد الموظفين واستمع إليّ بكل هدوء واهتمام ثم وعدَ أن ينقلَ الواقعة لرئيس قسم الرعايا فوراً وهو الأستاذ الفاضل عبدالله عسيري الذي أشكرهُ حقيقةً لدماثة خلقه واهتمامه وسهولة التواصل معه، وبعد سويعات مرّت بنا طويلةً مُملِّة ، هاتفني الأخ رئيس قسم الرعايا ، بأن الموضوع تحت العناية والاهتمام ،وأنهم كُلِّفوا من قِبل سمو السفير الأمير محمد بن نواف وفقه الله بمتابعة الوضع وإرسال محامي السفارة ومترجم فوراً للوقوف إلى جانب الأخ الموقوف ،وأنهم مكلفون بالدوام في هذه الليلة تحسباً لأي طاريء. هذه الكلمات وهذا الاهتمام من السفير ومن فريق العمل معه ،كان كافياً جداً أن يُنزل على قلوبنا جميعاً قدراً كبيراً من الراحة والاطمئنان وكذلك الفخر والسعادة بأن هناك من يهتم بك وأنت في بلدِ غربة وتتعرض لموقفٍ عصيب. وبفضلٍ من اللهِ تبيَّنَ أن الموضوعَ كان مجرد لبسٍ وجهل بالأنظمة لاغير مما استوجب خروج صديقنا في صباح اليوم التالي ولله الحمد. ومع ذلك كانت اتصالات موظفي السفارة الأخ عبدالله والأخ نايف الكواري تتوالى لإخباري بكل جديد . شكري كله وإعجابي بهذا الموقف الذي أرجو أن يكون نموذجاً مضطرداً وموجوداً في جميع سفاراتنا العزيزة ، شكري لك سمو السفير وأسألُ الله لك مزيداً من التوفيق ووفقك الله لكل خير [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (67) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain