قبل ما يقرب من سنة كتب الأستاذ إبراهيم الألمعي مقالاً في صحيفة الشرق بعنوان "رؤوس مجتمعنا ووزارة الداخلية" ناشد فيه الأميرَ (محمد بن نايف)مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية -وقتها- وزير الداخلية حاليًّا، بمنح شيوخ القبائل إعانات مالية؛ كون تسنُّمهم لهرم القبيلة جاء نتيجة قرار رسمي من قِبل وزارة الداخلية، وكونهم يبذلون جهودًا ملموسة لخدمة قبائلهم. ولقد تواصلتُ مع الألمعي-كتابيًّا وصوتيًّا- عبر الجوال، وأبديتُ له إنني لا أميل كثيرًا لفكرة الإعانة، لكنَّه ذكر مبررات جعلتني أقف في منتصف الرأي بين المنح والمنع. واليوم تُبعث الفكرة من داخل مجلس الشورى عن طريق أحد أعضائه وهو الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي الذي ما جاء بهذا الاقتراح إلا لمعرفته التامة بهذا الأمر؛ فهو ينتمي للجزء الجنوبي من الوطن الغالي، هذا الجزء الذي يتشكل نسيجه الاجتماعي من قبائل مترابطة ومتآلفة تشكِّل مع بقية القبائل لَبناتٍ صلبةً في بنائه الكبير القائم على دعائم الأخوَّة والمحبة والولاء لهذا الوطن العظيم. الجميع يعلم الأدوار التي قام بها شيوخ القبائل قبل قيام الدولة السعودية، هذه الأدوار استمرت مع الدولة الحديثة لتأخذ طابعًا مغايرًا عن سابقه، لكنه في محصِّلته النهائية يصب في خدمة المؤسسة الرسمية والقبيلة. فبعد أن كان الشيخ هو مصدر القرار، وسقف الطلب لأفراد القبيلة، أصبح حلقة وصل بين الجهات العليا وبين أفراد قبيلته من حيث التبليغ بالقرارات، وإحضار الخصوم للجهات الحكومية. هذه قد تكون أكبر المهام المنوطة بشيخ القبيلة، ومع هذا فهناك أدوار يقوم بها من باب المسؤولية التي تقلدها تتمثل في الوقوف على النزاعات، والصلح بين المتخاصمين، والمطالبة بالخدمات، وتمثيل القبيلة لدى أمير المنطقة، والجهات الحكومية الأخرى. ومع هذا فشيوخ القبائل يتفاوتون في قيامهم بهذه المهام، فمنهم مَن نذر نفسه لخدمة قبيلته وما جاورها؛ من باب أن المشيخة تكليف لا تشريف، ومنهم من أخفق في القيام بمهامه وركن إلى المسمى دون الالتفات لمقتضياته. وبالعودة لموضوع الإعانة المقترحة لشيوخ القبائل، فلا ننسى أن تنصيب الشيوخ أتى بقرار رسمي من جهة مسؤولة عليا هي (وزارة الداخلية). وعليه فهذا التكليف يقتضي قيام الشيوخ بالمهام الموكلة إليهم المشار إليها آنفًا دون تراخٍ مهما كانت المبررات. وعلى افتراض قيام الشيوخ بتلك المهام فإنهم بهذا يمارسون أدوارًا وظيفية لا تقل في جسامتها عن بعض الأدوار التي يقوم بها بعض موظفي الدولة، بل قد تفوقها أحيانًا. ونحن نعلم أن الموظف الذي يتقاضى مرتبًا نظير قيامه ببعض الأعمال في محيط عمله لا يقبل القيام بمهام خارجية -على بساطتها- إلا بمكافأة (انتداب أو خارج دوام). كذلك فهناك جهات يُعطى شيوخ القبائل فيها إعانات (مستحقة) وهناك أيضًا (عُمَد) الأحياء الذين يأخذون إعانات نتيجة جهودهم مع سكان أحيائهم. ولذا فحريٌّ أن تشمل هذه الإعانة شيوخَ القبائل -الرسميين منهم- وكذلك المعرِّفِين على امتداد وطننا الحبيب؛ كأن تكون إعانة سنوية (مجزية) أو فصليَّة، بما يُعين الشيوخ على القيام بواجباتهم. وكما أننا نؤيد حق الشيوخ في الإعانة المالية، فإننا نتأمَّل منهم القيام بواجبات تضاف لما تقرر سابقًا، ومنها: أن يضعوا لهم مكاتب في أماكن بارزة ويلتزموا بالتواجد فيها في الفترة المسائية، وألا يحجبوا (أختامهم) عند الحاجة إليها، وألا يميلوا -في المشورة والرأي- لجهة من القبيلة دون أخرى، وأن يتوخَّوا العدل في آرائهم. مطالبتنا بإعانة الشيوخ غاياتها سامية، مثلها مثل مطالبتنا بتوظيف الخريجين والخريجات، وإيجاد الفرص الوظيفية، وتقليل نسبة البطالة، فالشيوخ في النهاية مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات. ولا تعني بحال الدعوةَ للتقوقع والقبْيَلة، أو النكوص للوراء إطلاقًا. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain