المشكلة الحقيقة خلف انقسام المجلس الاعلى هي الخلاف على الزعامة. هناك من يريد فرض باعوم زعيما في الداخل بدون منازع. ومعنى هذا ان قرار الداخل بيد باعوم، او بالاصح من يتاثر بهم باعوم وهم المحيطون به كالسوار بالمعصم، ومعنى هذا ان القرار يعود الى بضعة نفر هم من يتمترسون بباعوم الان ويستثمرون نضاله لثبيت اقدامهم وتنصيب انفسهم زعامات على الشعب الجنوبي من خلاله. وهذا لايعود لكونه امعة بل نتيجة لحالته الصحية التي تجعل منه جسرا لفرض انفسهم من خلاله. باعوم اليوم ليس باعوم بالامس. ان حالته الصحية مع كبر سنه جعلت منه مضلة لا فاعلا حقيقيا. ان الوفاء لنضال باعوم ليس استثماره سياسيا من البعض لذواتهم الخاصة، بل ان يكون رمزا غير مؤطر بتنظيم. والزعامة ليس شرطها الانتماء التنظيمي ولكن اهم ما فيها الالهام والرمزية والموقف المخلص الثابت. حشر باعوم تنظيميا بهذه الطريقة التي نراها تسئ اليه، وجعلته يصارع (او مقربيه من خلاله) على زعامة مكون لا زعيما لقضية، واغرقته في التكتيك العبثي ضد الجنوبي الآخر، وبالتالي جعلته جزءا من المشكلة وليس الحل. على باعوم الاختيار، اما ان يكون باعوم زعيما ورمزا جنوبيا لكل الجنوب او يكون زعيما لاحد فروع المجلس الاعلى؛ زعيما لقضية او زعيما لفئة. او بالاحرى عليه الاختيار بين زعامة القضية او ان يكون اداة بيد مقربيه للانتصار في صراعاتهم، وهذه هي الحقيقة المرة التي لم يفقها المقربون منه لانهم اهمتهم انفسهم وحنقهم على الاخرين وابعدتهم عن التفكير الصحيح. والغارق في صراع قد تغيب عنه زوايا كثيرة للنظر اخطر من زوايته الخاصة التي ينظر منها والتي يعتقد انها زاوية الحقيقة المطلقة. اولى خطوات حل الانقسام هو ان يبتعد باعوم عن الانتماء التنظيمي ليكون عامل حل وليس جزاءا من المشكلة. واذا ما اصر هو او المحيطون به على بقائه على رأس المجلس، فلابد من حل توافقي حول تحويل المجلس الاعلى من مجلس هلامي الى تنظيم بنظام داخلي محدد، له رئاسة وامانة عامة تسير اعماله اليومية. ويكون باعوم رئيسا لهذا التنظيم. ووجود تنظيم تُتخذ من خلاله مختلف القرارات سوف يحل هذه الشللية في العمل، ولن يجعل العمل السياسي عملا عائليا. وبعض الذين يريدون فرض انفسهم من خلال باعوم لا يريدون تحويل المجلس الى تنظيم سياسي، لانهم سيصبحون اعضاء مثل غيرهم، وليس مفكري باعوم ومستشاريه وحوارييه الخاصين الذين يفرضون قراراتهم وارءهم من خلال باعوم وعلى لسانه. رغم ان ارائهم محل احترام وتقدير كبير ولا يوجد شك في اخلاصهم، شئ وما نشاهده شئ آخر. ومالم يحدث هذا فلا مناص من فض الاشتباك التنظيمي هذا والعمل بقاعدة الاحترام المتبادل دون تجريح او تخوين او تشكيك في احد او وصمة بالماضي والشمولية لتبرير هذه الصراعات العبثية.