قرار الحكومة الليبية الذي شدد على إخضاع الميليشيات المسلحة بالقوة إلى سلطة الدولة، كان قرارًا جريئًا وصائبًا، يمكّن الدولة من فرض هيبتها ويجعلها صاحبة قرار، والمنطق هو أن لا تكون هناك سلطتان، تعالج كل واحدة مشكلاتها، أو تصدر قراراتها حسب رؤى ومزاجية قادتها، والأمل -ونحن ننشد الاستقرار لليبيا الشقيقة- أن تنجح الدولة في مهمتها الصعبة بالنظر إلى أن تفكيك تلك المليشيات التي يفوق عددها المئات مسألة تتطلب كثيرًا من الوقت، وأكثر من التضحيات، ولن نستبق الأحداث، لكننا نراها -وإن أتت متأخرة- خطوة في الطريق الصحيح، فمن المعروف أن المليشيات لا تدخل بلدًا إلاّ وحوّلت سلطته التنفيذية إلى "سلطة بلا قرار"، وهناك من المليشيات من عطّلت قضايا بلدانها، وهمّشت أدوار الساعين إلى استقلالها، باتّساع خلافاتهم التي لا تقف عند حد، ولا تنشد سوى استخدام حق "الفيتو" ضد كل مطالبة أو قرار يتخذه المنافس، حتى ولو كان ذلك يصب في مصلحة قضيتهم، ويعيقون كل اتفاق يجريه الطرف الآخر بشتى الوسائل، بإطلاق نار، أو صاروخ، أو خطف ناقلة، وذلك ما يحدث في فلسطين، والصومال، وأفغانستان. أمّا برهان البراهين على أن المليشيات تسرق هيبة الدولة وتنتزع منها سلطتها هو ما يحدث في لبنان، الدولة التي تكثر وتحكم فيها المليشيات، وتنغص عليها حياتها وأمنها مليشيات حزب الله والكتائب وأمل والتيار الوطني الحر، ويطغى فيها أصوات نصر الله، ونبيه بري، وميشيل عون على صوت السلطة التنفيذية فيه، فلكل مليشيا وزارة دفاع خاصة بها، تمتلك أسلحة نوعية لا تتوفر في مخازن الدولة الأم، تلك حقيقة، وإلاّ كيف اتّخذت ميليشيا حزب الله قرار دخول الحرب مع النظام السوري دون الرجوع إلى السلطة التنفيذية أو حتى إحاطة البرلمان اللبناني؟! ففي لبنان، كما قالت قوى 14 آذار، " نصر الله كون لنفسه دولة وسلطة عسكرية وأمنية أقوى من الدولة، وأقام تحالفات عسكرية وإستراتيجية خارجية بما يتعارض مع سيادة وأمن الدولة ومؤسساتها الدستورية ". ومن المؤكد أن الأشقاء في ليبيا استوعبوا الدرس الذي لقنته لبنان لكل بلدان العالم، وأدركوا بأنه يجب القضاء على المليشيات مبكرًا قبل أن يستفحل الأمر كما استفحل في لبنان. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (24) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain