عندما قام الجيش العراقي بغزو دولة الكويت في الثاني من أغسطس ( آب ) سنة 1990 ، قام الدكتور حسن الترابي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان ، مثله مثل العديد من مرشدي جماعة الإخوان المنتشرين في كل مكان ، بمباركة الغزو . المسألة لم يكن لها علاقة برفض التدخل الأجنبي فقط ، فالتنظيمات التي ترفع شعار (( الإسلام هو الحل )) كانت تعتقد أن اللحظة المناسبة قد حانت لخلق حالة فراغ سياسي في المنطقة ظلت هذه الجماعات تعمل على خلقه منذ ما قبل سقوط الملكية في مصر . وهو ما أقر به الدكتور حسن الترابي الذي برر موقفه المؤيد لغزو الكويت بعد طرد القوات العراقية منها على أيدي قوات التحالف الدولي آنذاك ، بأن ذلك التأييد لم يكن يعكس حالة اصطفاف حقيقي مع نظام الرئيس العراقي صدام حسين ، بل كان عملاً مدروساً الهدف منه خلق حالة فراغ سياسي لن يتمكن من ملئها سوى تنظيم الإخوان المسلمين المنتشر كالخلايا السرطانية في كافة أعضاء ومفاصل الجسد العربي والإسلامي ، خصوصاً وأن غزو الكويت كان قد سبقه انتهاء الاحتلال السوفييتي لأفغانستان ، وانتصار المجموعات المتشددة على الجميع بما في ذلك قوات الجنرال عبد الرشيد دوستم التي ظلت تقاوم حتى بعد انسحاب السوفييت وسقوط النظام الشيوعي في كابل . التيارات السياسية التي ترفع شعار الإسلام ، بارعة حقاً في خلق حالات الفراغ السياسي والتفريغ الاستراتيجي ، وبارعة أيضا في استغلال حالات الفراغ تلك ، لكنها لا تمتلك القدرة على ملئها على المدى الطويل . صحيح أن حركات الإسلام السياسي التي تسعى بدون أدنى إحساس من خجل أو تأنيب ضمير ، إلى تحويل الرسالة إلى حزب والدين إلى جماعة والدعوة إلى لم شمل الإنسانية كلها في ظل المساواة إلى مجرد إعلان دستوري .. صحيح أن هذه الحركات بارعة في صناعة الفراغ وبارعة أيضا في استغلاله ، إلا أن فقر خطابها ومحدودية رؤيتها وافتقارها للمشروع ، يحول بينها دائماً ، وبين ملء الفراغ الذي تصنعه على المدى الطويل . نعم قد تنجح هذه الحركات في استغلال الفراغ والقفز على الحكم في بلد هنا أو هناك ، لكن هذا لن يكون سوى حادث طارئ خلال فترة انتقالية استثنائية لا تلبث أن تنتهي . هذه الجماعات لا تمتلك مقومات الاستمرار في الحكم في حال نجاحها في الوصول إليه ، لأنها لا تمتلك الأدوات الكفيلة بإدارة مصنع لا إدارة بلد بأكمله . هذه الجماعات لا تستطيع أن تجلب شيئاً سوى الفراغ ، ومهما حاولت هذه الجماعات أن تملأ الفراغ فإنها لا يمكن أن تقدم إلا الفوضى بكل ما تحمله الفوضى من انقسام يمكن أن يتحول إلى اقتتال لا يعرف أمده ولا تعرف غاياته ، في حال توفر السلاح لدى الفرقاء . ولمن أراد أن يختبر مدى صحة هذا الكلام فلينظر إلى ما فعلته وما زالت تفعله الميليشيات الليبية المسلحة ، ببعضها البعض. الفوضى هي كل ما يمكن أن تقدمه وتنتجه هذه الجماعات .. وهل يمكن للخطاب الذي لا يعترف بالدولة ، أن ينتج شيئا آخر بخلاف الفوضى ؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain