سريع، مكثف، عميق، وخارج عن المألوف، هكذا جاء الكتاب الأول لرجل الأعمال الإماراتي سلطان الدرمكي «اترك الطيور لوحدها». ويتميز الكتاب الذي صدر باللغة الإنجليزية بأسلوبه المختلف الذي قد يمثل نقلة في شكل ومضمون الكتب، وفي كتابه الذي تم تدشينه، أول من أمس، بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتخلى سلطان سعيد الدرمكي عن الشكل المعتاد لمحتوى الكتب، ليستبدله بما يشبه الحكم او التلغرافية، أو التغريدات القصيرة التي تختصر الكثير من المعاني في كلمات معدودة، بينما نُفّذت صفحات الكتاب بخلفيات وتصميمات بصرية تعددت واختلفت وفقاً للمضمون الذي تحتوي عليه كل صفحة لتتناسب معه، وهو ما يجعل الكتاب انعكاساً لواقع العصر الذي نعيشه، وميول الأجيال الشابة التي باتت تجد في وسائل التواصل الاجتماعي النموذج الأمثل للتواصل، وفي تغريدات لا تتجاوز كلمات معدودة وسيلة كافية للتعبير عن الكثير من المعاني والمواقف والأفكار، وهو ما يتماشى مع فكر الكاتب الذي نشأ في مناخ منفتح على ثقافات متعددة تعرف إليها عبر زياراته مختلف بلدان العالم، وعلاقاته مع أشخاص من جنسيات مختلفة. عولمة رؤية إنسانية أبدى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، خلال حفل الافتتاح، إعجابه بالكتاب ومعرض اللوحات الذي أقيم خلال الحفل، وهي لوحات تمثل صفحات الكتاب التي تم تصميمها من قبل الكاتب سلطان الدرمكي. وأشاد نهيان بجهود المؤلف في تقديم رؤية إنسانية للحياة الحديثة تلائم كل الأذواق في كتابه الجديد. مشيراً إلى أن الدرمكي، يظهر موهبة جديدة ورؤية فريدة عن الحياة والأدب. أوضح الدرمكي ل«الإمارات اليوم» أنه أراد في هذا الكتاب تقديم عمل مختلف، وكسر القالب النمطي المعتاد للكتاب، على الرغم من أن المعاني والقيم التي يتضمنها ليست جديدة، لكن تم تقديمها بأسلوب خارج عن المألوف، لافتاً إلى أن الكتاب يعبر عن فكرة العولمة، فهو لا يتوجه إلى جمهور محدّد في بلد واحد، أو لأشخاص ينتمون إلى ثقافة بعينها، لأنه يتميز بمضمونه العام ومعانيه الإنسانية التي تخاطب البشر من مختلف الجنسيات، ولذلك فليس هناك جمهور محدد، او شريحة واحدة يتوجه إليها الكتاب، لكنه يتناسب مع كل من يبحث عن الاختلاف والأفكار المبتكرة الخارجة عن المألوف. وأشار الدرمكي الذي تخرج في كليات التقنية العليا بأبوظبي، أن الأسلوب الذي اتبعه في الكتاب، الذي يقوم فيه بتقديم أفكاره في صورة مقتطفات مستقاة من أحداث الحياة، وتصرفات البشر وأحوال الناس، وصياغتها في قالب يجمع بين الحكمة والدعابة، أسلوب صعب، حيث لا تقتصر الصعوبة على العثور على الفكرة، ولكن أيضاً في صياغتها بصورة مركزة ومكثفة من دون الحاجة إلى صفحات مكتوبة، مشبهاً العثور على الفكرة وصياغتها باصطياد سمكة بعينها من بحيرة مملوءة بالأسماك أو بالحجامة للعقل «فخلال الكتابة يخرج العقل كل ما بداخله من أفكار ومشاعر، وبدوري أستنبط منها الجيد والجديد، فالكتابة بالنسبة لي تشبه العلاج النفسي». شكل الاختلاف في كتاب «اترك الطيور لوحدها»، لا يتوقف فقط عن المضمون، لكنه يعتمد بشكل كبير على أسلوب إخراج صفحات الكتاب، التي تحولت من صفحات عادية تنتظم فيها الكلمات، كما في الكتب الأخرى، إلى لوحات فنية ذات طابع عصري تحمل صوراً فوتوغرافية تارة، أو رسومات توضيحية او موتيفات، أو حتى رسوماً تشبه الكارتون، وفقاً لما تحمله كل منها من مضمون، بحيث تلعب دوراً تعبيرياً مكملاً للفكرة المكتوبة، إلى جانب دورها الجمالي. هذا الإخراج هو نتاج تعاون بين الكاتب والمخرج، بحسب ما أوضح الدرمكي. وأضاف: «منذ بداية العمل على الكتاب، تحدثت إلى المخرج وشرحت له أهمية ان تعبر الصور المصاحبة عن الكلمات والأفكار التي تحملها، حتى يكون هناك تكامل بين المحتوى والتصميم البصري، وخلال تصميم الصفحات او اللوحات البصرية كنت حريصاً على ان يكون كل منها متفرداً بذاته من حيث الألوان والتصميم، مثل الأسد في الغابة، كما استغنيت عن ترقيم الصفحات لأن القارئ لديه حرية كاملة في أن يبدأ القراءة من أي صفحة في الكتاب، فالمادة ليست متسلسلة او هناك ترابط بينها يجبره على الالتزام بتراتبية معينة في القراءة». واعتبر الكاتب الإماراتي أن كتابه يخاطب كل الأعمار، ولا يتوجه إلى فئة عمرية بعينها، على الرغم من لغته العصرية، لأن كل شخص يمكن أن يجد فيه ما يبحث عنه وما يجذب انتباهه. وذكر سلطان الدرمكي أن الاحتمالات تظل قائمة دائماً، كما يفضل أن تكون هناك دوماً خيارات مفتوحة أمامه، من دون ان يضع تخطيطاً ملزماً يلتزم به، وعندما يأتي الكتاب وقتها يتم تحديد الشكل الذي سيخرج به. سوق نشر وأوضحت الناشرة، سناء باجرش، من «براند موكسي»، الشركة الناشرة للكتاب، أنه تم طرح «اترك الطيور لوحدها»، في المكتبات خارج الإمارات وداخلها، كما طرح على موقع «امازون»، مشيرة إلى أن الكتاب يتوجه إلى كل من يقرأ باللغة الإنجليزية بصرف النظر عن جنسيته او مكانه، وعند القراءة من الصعب ان يعرف القارئ إلى أي جنسية او مكان ينتمي الكاتب لأن المحتوى عالمي في معانيه. وأفادت باجرش بأن بنية سوق النشر تغيرت في السنوات الأخيرة في ظل التوسع الكبير في النشر الإلكتروني على مستوى العالم، حيث اصبح كثير من الكتاب يقوم بالنشر عبر المواقع الإلكترونية بدلاً من الطباعة الورقية وكلفتها ومشكلات التوزيع وغيرها، بالإضافة إلى ان النشر الإلكتروني أتاح فرصة واسعة للنشر امام الشباب، لافتة إلى اهمية ان تكون هناك جهات داعمة للمواهب الشابة التي تظهر وتحتاج إلى من يرشدها ويرعاها. كما اشارت إلى أن هناك العديد من المواقع المتخصصة في النشر الإلكتروني، التي تعمل وفق قواعد وقوانين تحترم الملكية الفكرية وحقوق النشر وتحافظ عليها، وهو ما يزيد الإقبال على هذا النوع من النشر، إلى جانب أن النشر الإلكتروني لا يحتاج إلى موافقات أو تصديقات رسمية قبل النشر.