بينما أنا واقف في الدور في المطار ،تابعت حوارا سريعا دار بشكل علني مسموع بين اثنين ،قال فيه الأول للثاني ،هل أبناؤك يقرؤون ؟ فرد الثاني وهو يلوح برأسه (لا) وأضاف أبدا ..حاولت لكني فشلت ،وماذا عن أبنائك أنت ؟ فرد الأول : والله نفس الشيء،نفس المشكلة ، بل لقد سرقت التقنية كل أوقاتهم ،وأشغلتهم عن دراساتهم ومدارسهم ،وانشغلوا بها ،هذا الحوار كان فاتحة هذا المقال ومشعلا لسطوره ،لاسيما ونحن قد دخلنا موسم الصيف والعطلة الدراسية الطويلة التي تضيع هدرا على أبنائنا دون فائدة ،وتنعكس فيه أحوالهم حتى يصبح الليل نهارا ،والنهار ليلا ،فأقول بداية : لايتوقع أحدنا بأن يصنع من أولاده قراء ومثقفين ومحبين للمطالعة بين يوم وليلة ،ولايتوقع أحدنا أنه سينجح في دفعهم للقراءة وحب الكتاب وهو لايقرأ ،ولايطّلع ولايحفل بالكتب ،لهذا الأمر يحتاج إلى جملة من العوامل والأسباب ليصنع كل أحد من أولاده عشاقا للقراءة والمطالعة ،لأن فيها اكتساباً للخبرة والتجربة ،وفيها التسلية والمعرفة والمتعة وأنا لم أعرف في حياتي ساعات أحلى وأسعد من تلك التي أقضيها بين كتبي وفي مكتبتي الصغيرة والمتواضعة ،لكنها عندي بالدنيا أراها رحبة واسعة ،ولن ينجح الأب في حث أبنائه بالقوة ،أو بالكلام ،لكنه من خلال اصطحاب الأبناء إلى معارض الكتاب ،ومن خلال وضع ساعة عائلية ليقرأ فيها كتابا على أسماع العائلة ثم يفتح حوارا حوله ،ومن خلال استبدال الهدايا التي تقدم لهم بتقديم الكتب الرائعة بين وقت وآخر ،ومن خلال إنشاء ركن في البيت يجمع فيه الكتب النافعة ويزوده بما يراه مناسبا لأطفاله لقدراتهم العقلية والعمرية،وعلى رأسها الكتب الدينية ،شريطة الا يجبر أحدا من أبنائه على الجلوس إليه عنوة ،ولكن يضعهم أمام رغبات ذاتية ستدفعهم نحوه وهذا أجمل ،لأنه مع الوقت سيتحول هذا الركن لمكان جذب لهم ،بهذه الأساليب الخفيفة ،يمكن للأب أي أب أن يشجع أبناءه نحو القراءة ،لأنها ميول في البداية سرعان ماتتحول إلى عشق مع الأيام ،ولعلكم تلحظون أني لم أتطرق إلى دور المدرسة هنا بالرغم من أهميته، وأهمية تفعيل دور المكتبة المدرسية وتشجيع طلابها على القراءة والمطالعة وحب الكتب ،لرغبتي في جعل هذا لمقال آخر ،نتعرف من خلاله على دور المدرسة في صناعة جيل قاريء ،وماأجمل ماقاله المفكر ( مونتسيكو ) حب المطالعة هو استبدال ساعات السأم بساعات من المتعة .. وماأحوجنا إلى هذا في هذا الزمن الذي عج بأخبار القتل والحروب والدمار،خاصة إذا ماعرفنا بأن مقدار مايخصصه الطفل العربي للقراءة لايتجاوز في المتوسط العام في العام عن 6 دقائق مقابل 12 ألف دقيقة للطفل الياباني محمد إبراهيم فايع - خميس مشيط