أ. د. عبدالله مصطفى مهرجي عالم عجيب غريب دخلناه تدريجياً شاء من شاء وأبى من أبى، منّا المتقدمون ومنّا المتأخرون، فينا السابقون وفينا اللاحقون، عالم يقرّب البعيد ويطوي المسافات، ويقصّر الدقائق والساعات، عالمٌ أصبحنا جزءاً منه وأصبح هو جزءاً منّا، تقنية عالية المستوى سُخّرت لخدمة المجتمع الإنساني، إنها مواقع التواصل الاجتماعي، عدِّد ولا حرج، فيس بوك وتويتر وواتس اب واليوتيوب وأخيراً وليس آخراً (كيك keek). لا يشك اثنان ولا يختلف عاقلان في أهمية تلك الوسائط الإلكترونية تواصلاً اجتماعياً وتقارباً معرفياً وتوثيقاً علمياً، ولكنها ككثير من التقنيات المعرفية أُسيء من البعض استخدامها في بداياتها، خذ مثلاً ما بدأ يُنشر على (الكيك) من إنتاج بعض الشباب من لقطات مخلةٍ بالآداب ومليئة بالعبارات البذيئة والألفاظ السوقية، بل وكثير من تلك اللقطات مسيء لمجتمعنا ولديننا على وجه العموم ومسيءٌ لأهل وعوائل أولئك الشباب على وجه الخصوص، لقطات فيها كثير من السلبية سواءً بالرقص أو الحركات التافهة وغيرها، والتي لا تمثل ديننا ولا خُلقنا ولا شريعتنا ولا مجتمعنا الفاضل الذي نعيش وتربينا فيه، مقاطع وسائط لا تمثل المجتمع أو تمثل مجتمعنا أبداً. وليتصور معي بعض أبنائنا الشباب هداهم الله من يصوّر نفسه في الحمام أو في مواقف وهو شبه عارٍ أو يقوم بحركاتٍ سخيفةٍ، ويتلفظ بألفاظٍ بذيئةٍ، كيف يرضى لنفسه ولأهله ولأسرته أن يشاهد ذلك الملايين، وهل يرضى أن يكون هو شخصياً أُضحوكةً للملايين، ومسخرةً المشاهدين من حول العالم، كيف سيكون مصيره بعد أن تذهب النزوة وتروح السكْرة وتأتي الفكرة كما يقولون، كيف ينظر لنفسه شخصياً وقد اهتزت كرامته، وستبقى اللقطة المسيئة في ذاكرة النت مسيئة له أولاً ووصمة خزيٍ عليه وعلى أهله وأسرته قبل أن تكون على غيره. فما هي الأسباب وراء هذا الانجراف نحو الهاوية واللهاث نحو الإساءة لأنفسنا وقبل ذلك لمجتمعنا وديننا ونصور أنفسنا ومجتمعنا بأننا سُذج وبسطاء وتافهين، وأن نتحول في (الكيك) إلى أضحوكة للأمم والشعوب والمجتمعات الإنسانية الأخرى. ربما شاهد الكثير منَّا ما هو غير منضبط من حالات الانفلات الأخلاقي والمنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وال(KeeK) تطبيق أو منصة اجتماعية تعتمد في المقام الأول على فكرة التدوين المرئي في مقطع فيديو لا يزيد طوله عن 36 ثانية لنشر المحتوى عبر حسابات في الشبكات الاجتماعية وغيرها وتحميل فيديوهات عن يومياتهم، وهو موقع يفتقد أبسط قواعد الخصوصية رغم شهرته بين أوساط العرب، بتوفيره بيئة تعارف بالصوت والصورة وهذا لا ينفي وجود من يستخدم هذه الخدمة بطرق مفيدة وإيجابية ولكنهم قلِّة مع الأسف. وقد أكدَّ بعض دعاتنا الفضلاء وعلمائنا الأجلاء على ضرورة حسن استخدام التقنيات الجميلة والرائعة وخاصةً الإنترنت ومنها برنامج (كيك) والذي يشهد حالياً إقبالاًً كبيراً في السعودية ودول الخليج، حيث أن بعض شبابنا يندفع ويغريه زيادة عدد المتابعين بوضع تسجيلات لهم ومقاطع فيديو دون أي ضبط إضافة لكل من يقوم بتصوير إقامة الحدود وما يتعلق بتطبيق عقوبات، مثل الجلد وقطع الرأس، التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب هو تشهير وفضيحة وأمرٌ من أمور الفوضى، وقد حُذَّر من ذلك فكثيرٌ من الناس لا يفهمون ما يحصل ويُخشى أن يكون صدّاً عن دين الله, فأعداؤنا يستغلونها في الترهيب من الدين. ولا يمنع أن نبدي إعجابنا ببعض شبابنا المثقف والواعي الذين استغلوا تقنية (الكيك) في إيصال صورة حسنة ورسالة هادفة أيَّاً كانت طريقة إيصالها، وساهمت بعض تلك المقاطع في توعية البعض مع رسم ضحكة جميلة أوصلت الرسالة بالشكل المطلوب وفي ذلك إيصال للرسالة التوعوية بالتقنية المتقدمة المغلفة بالفن الراقي. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (63) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain