أ.د. نجاح أحمد الظهار بعد أن فرغت من مقالي السابق (ما أجمل المطبخ البيتي)، حتى أخذت أُفكر في ذلك الأمر الخطير الذي كشفته الحملات التفتيشية، وهو تَدَنِّي مُؤشر الأمانة إلى حَدِّ الخيانة ما يُنبئ عن انعدام الضمير والوازع الديني، إلى حد التضحية بحياة البشر. ما يُثبت أنَّ هناك خللاً في سلوكياتنا، وفي تطبيقنا لتعاليمنا الإسلامية، لماذا ينتشر بيننا الغش والخداع ونحن قومٌ تربينا على الدين وحفظِنا منذ الصِّغرلقوله تعالى: (ويلٌ للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)، فكيف إذا كان التطفيف بِصحة البَشر، وكذلك حفظنا لقوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ غشَّنا فليس مِنَّا). لماذا أصابنا هذا الخلل في التربية، ونحن نعلم قوله صلى الله عليه وسلم(كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه) أليس في هذا إهدار لدم المسلم؟ فكلمة(دمه) هي كناية عن القتل ليس بآلة حادة فقط، بل القتل بأي وسيلة التي منها إدخال الأوبئة إلى الأمعاء ما يؤدِّي إلى الموت. إذا لم يتنبه المجتمع بجميع وسائله ومؤسساته ويُعِد عُدَّته لمعالجة هذا الخلل السلوكي، وهو وجود هوة سحيقة بين ما نُؤمن به من تعاليم ومبادئ وقيم إسلامية، وبين تطبيقنا العملي لهذا السلوك، فإنَّ الأوضاع سوف تزداد تردياً. أين كانت هذه الحملات في السابق؟ لماذا تأخر ظهورها حتى استفحل أمر تلك المطاعم، وتفشَّى في مجتمعنا؟ في حين أنَّ ديننا الحنيف قد مَنَحنا علاجاً ناجعاً لأزمات موت الضمير، وهو أنَّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن . ولعل بعض أسباب انتشار أزمة موت الضميريقع على عاتق المؤسسات المجتمعية التي لم تُبق أمام أبنائنا مُتنفساً يُرِّوحُون به عن أنفسهم إلاَّ الذهاب إلى المطاعم، فإذا ما أردت أن تأخذ ابنك أو ابنتك في نُزهة أو احتفال، فلن تجد أمامك غير تلك المطاعم، حتى وإنَّ اضطرك بعضها إلى المكوث أمام أبوابها بالساعات انتظاراً لخلو طاولة، كل هذا العناء لتمتلئ معدتنا بالطَّعام الفاسد. لو وجد أبناؤنا متنفساً ترفيهياً غير المطاعم- وخاصة الفتيات- لَتقلَّص الطَّلب وتَقلَّص معه العَرض، لكن بعض التُّجار الجشعين علموا نقطة الضَّعف هذه في مجتمعنا، فبدلاً من خدمته وإنشاء مشاريع مفيدة، استغلوا هذا النَّقص، وسَخَّروا أموالهم لِتعبَث بِصِحة البَشَر رغبةً في الكسب المادي السريع. ما الذي نجنيه من حملات تفتيشية سنوية أو شهرية أو حتى يومية منظمة، مع عدم وجود رقابة حازمة وصارمة ومفاجئة؟ إنَّ إنشاء لجان تفتيشية من غير أن تكون هناك عقوبة رادعة لأصحاب المخالفات، سَيُعِيد الكِتَّان كما كان، لأنَّ من أمِن العقوبة أساء الأدب، فلا تكفي الحُسُومات المادية وحدها، لأنَّ من لا ضمير عنده سوف يسترجعها سريعاً من جيوب المواطنين بِحِيله التجارية. يجب التشهير بهذه المطاعم والفنادق مهما بلغت فخامتها، دون مجاملة أو مُحَاباة، حتى يحذر الناس منها. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (49) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain