المراقب لمجريات الحوار الوطني يجد ان هناك شبه أجماع بفكرة الأقاليم والتي أعلن عنها الرئيس هادي قبل بدء الحوار وأن هذه الفكرة سوف تترجم إلى قرارات في نهاية هذا الحوار ، ولكن دعونا نقف امام أهم ماقد سيتمخض عنه هذا الحوار ألا وهو فكرة الأقاليم ، فهل هذه الفكرة سديدة وترضي الجميع أم أنها بداية لمرحلة أخرى من العذاب اليمني المتواصل نتيجة للسياسات المرتجلة غير الواعية لمعطيات الحاضر ومتطلبات المستقبل ... لماذا الأقاليم ؟؟ بأعتقادي أننا في طور التجارب اللامتناهية بحثاً عن النجاح المفقود فمن تجربة التشطير إلى الوحدة الأندماجية إلى فكرة الأقاليم وكل ذلك مرده إلى الارتجالية والنظر إلى تجارب الآخرين دون البحث عن سبب تطور الآخرين وتخلفنا ، فمثلاً الدافع لطرح فكرة الأقاليم هو المركزية الشديدة التي عاشتها اليمن والتي خلقت فساداً كبيراً في كل مناح الحياة وبالتالي أدى ذلك إلى النظر إلى تجارب الآخرين فظهر جلياً أمام الساسة التجربة الأمارتية وهي تجربة ناجحة فيما يتعلق بتكوين الدولة وديمومتها ولكن الخبرة للاسف لما يدركوا أن حقيقة أستمرار فكرة الأقاليم في الأمارات وتطور الدولة هناك لايعود أساساً لشكل الحكم ( الأقاليم ) وأنما مرده إلى غنى تلك الدولة وتمسكها بأسباب التطور وحكمة حكامها وسيادة النظام والقانون بدلاً عن العرف القبلي والعادات البالية وعدم وجود الأطماع بالوصول إلى سدة الحكم لوجود حكام أصليين متوارثين أباً عن جد في تلك البلد ، ولكن هل فكرة الأقاليم في اليمن مجدية ؟؟؟؟ الجواب من وجهة نظري لا . والسبب يعود إلى أنه لاتوجد مؤهلات أقاليم حقيقيقة وبنية تحتية وأستقرار تنموي وسلم أهلي يؤدي إلى نجاح الفكرة بل ان العكس هو الحاصل فالمحافظات تعيش في فقر وحاجة وتخلف وأنعدام البنية التحتية أضافة إلى ظهور جيل مادي منهزم نفسياً غير مبال بالقيم والمبادئ مستعد للأنجرار وراء أي أفكار هدامة ، وأنتشار حمل السلاح ومعادة النظام والركون إلى الفوضى والمزاجية وصولاً إلى ظهور الجماعات المسلحة القابلة للتطور إلى قوى خارجة عن القانون وظهور أمراء الحرب وبالتالي فأن النتيجة الحتمية هي نشوء حروب بين الأقاليم وحلول الكارثة على هذا الشعب المسكين الذي يعيش مرحلة كساد العقول الراجحة ( رجال دولة ) والتي تنظر للمشكلة التي تعيشها بما لدى الآخرين بعيداً عن البحث عن أسباب هذه المشكلة، وهي كثيرة ومتعددة وبحاجة إلى بحث ومشاركة ذوو التخصصات العلمية المختلفة وأخلاص لله وحب لهذا الشعب المسكين والأرتضاء بسيادة القانون ومحاسبة الفاسدين وأنزال أشد العقاب بهم لأنه وراء كل المشاكل التي نعيشها فلا يعقل أن تكون العقول التي أوجدت المشكلة هي نفس العقول التي تبحث عن الحلول .. اللهم جنبنا الفتن وارزقنا قادة ربانيون يخشونك حق الخشية ويسعون لاسعاد هذا الشعب المغلوب على أمره .