الاغتصاب قمة الجرائم الأخلاقية، وأكثرها بشاعة من بين تلك الجرائم التي يرتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان والمجتمع. من أين أتى هؤلاء الأوغاد الذين يقتلون البراءة في مهدها؟! إنهم ذئاب يرتدون ثياب البشر، فلا ضمير ولا أخلاق ولا دين. جرائم بشعة تُرتكب بحق الأنثى تقتل شرفها، راح ضحيتها أطفال وفتيات في عمر الزهور، ذنبهم ضعفهم؛ فالذئاب لا تفرق؛ لأنها تفترس كل من يقابلها. هنا أتساءل عن مشاعر الضحية، ليس فقط تجاه من يغتال شرفها أو براءتها، ولكن تجاه مجتمعها، كيف ستكون حياتها في المستقبل؟ هل ستنسى هذا الموقف وتعبر إلى بر الأمان؟ أم أنه سيكون جرحاً غائراً في بنيان شخصيتها يلازمها مدى الحياة؟؟ وأي مستقبل ينتظر هؤلاء الضحايا؟ وكيف يمكن تأهيلهم ومساعدتهم على تخطي هذه المحنة، بعد أن أصبحوا بمفهوم المجتمع وصمة عار؟!! وعلى الرغم من أن جريمة الاغتصاب جريمة عالمية، ولا تقتصر على مجتمع دون آخر، ولا على فئة دون أخرى، إلا أنها تزداد بشاعة في مجتمعنا الذي يولي أهمية كبيرة للمحافظة على الأعراض، كما أنها من أشد الجرائم قبحاً، التي يمكن أن تتعرض لها الأنثى في العالم بشكل عام، وفي منطقتنا بصورة خاصة؛ لأن ذلك يلحق بالأنثى ضرراً جسدياً ونفسياً بالغاً. ومع أن الاغتصاب قد يبدو كلمة محرجة في مجتمعنا إلا أنه واقع يجب أن نتعلم الوقاية منه ومعالجته بالطريقة الحكيمة. وقد فندت استشارات ودراسات نفسية كثيرة الاعتقاد الخاطئ لدى الآباء والأمهات والمربين بأن التربية الجنسية تؤدي إلى التجريب والإفراط في السلوك الجنسي المتحرر من المسؤولية؛ فقد دعت تلك الدراسات الأهل إلى التحلي بالشجاعة لتعليم الأبناء الأمور الجنسية الطبيعية الفطرية؛ حتى لا يستقوا معلوماتهم من أقرانهم بطريقة خاطئة. ما شدني لكتابة هذا الموضوع ليس القصص التي نسمع بها أو نقرؤها في منتديات الشبكة العنكبوتية؛ لأنني كثيراً ما أسمع بتلك القصص، وأشعر بحزن مؤقت، وإنما السبب ما أثاره المسلسل التركي "فاطمة" من انتقادات كثيرة وغضب في الشارع التركي بسبب مشهد الاغتصاب الذي تتعرض له بطلة العمل الممثلة التركية (بيرين سات). وشخصياً أحيي ذلك الطرح الجريء الواعي الذي يشير إلى أمر واقع نغفل عنه، أو لا نحب أن نعترف به. بعد مشاهدة المقطع شعرت بخيبة أمل في جميع الذكور، لكن سرعان ما تراجعت؛ فليس كلهم بهذه الغريزة الحيوانية، ولكن ما أحزنني حال تلك الأنثى البريئة أو الأطفال الأنقياء بعد تعرضهم لتلك الجريمة، ومن يمد لهم يد العون ومن يعاقب ذلك المجرم الحيواني؟؟؟؟ إجابات أتركها للمجتمع.. ما نظرتكم للأنثى بعدما تُغتصب؟!