اعتبر الإعلامي جاسم بن عثمان البنعلي أن خطوة تحويل وكالة الأنباء والإذاعة والتليفزيون إلى هيئتين مستقلتين بلا فائدة في ظل عدم وجود آلية واضحة للتفعيل، مؤكدًا أن كلا الهيئتين تحتاجان إلى بعض الوقت لوضع آلية ثم وضع خطط للقيام بالدور المطلوب، مطالبًا وكالة الأنباء بمواكبة الأحداث ومسايرة الإعلام الحديث حتى تكون حاضرة في المشهد، مشيرًا إلى أن اللوائح المالية المتواضعة في التليفزيون السعودي أسهمت بجانب عوامل أخرى في هجرة الكوادر الإعلامية السعودية الناجحة، مسيرة وعطاء * على أي صورة ترسم مراحل تدرجك الإعلامي؟ بدايتي مع الإعلام التلفزيوني كانت منذ عام 1400ه بالتعاون في مجال الإعداد والتقديم مع محطة تلفزيون الدمام، وعلى مدى 34 سنة قمت بإعداد وتقديم 10 برامج للتلفزيون السعودي وأحد منها ليس من إعدادي وهو برنامج قافلة الحياة الفطرية وقد تنوعت تلك البرامج في مضمونها ومحتواها، فبدأت بالمنوعات الحوارية، الإنسانية، التوعوية، الرياضية، الفنية، وأغلب برامجي غلب عليها الطابع الحواري وصولاً إلى برامج المسابقات الثقافية، ومن أبرز البرامج التي تركت أثرًا عند المشاهد، أول برنامج لي «مساء الخير»، ثم «تحت الأضواء»، ثم «قافلة الحياة الفطرية»، «ثم ليلة سعودية»، ثم «مستشارك»، ثم «دقت ساعتك».. ولكن هناك برامج تركت أثرًا عند بعض المشاهدين وعرضت على قنواتART مثل برنامج «ليلة عربية»، «جسر المحبة»، «يوم في حياتي»، «صندوق الخليج»، وكذلك برنامج «المريخ والزهرة»، و»جوانب» على قناة بداية، وبرنامج «المستشار» على القناة الاقتصادية الخاصة.. ولا يمكن أن أنسى برنامج باقة ورد، ونجوم على الهواء، وحديث المجالس على التلفزيون السعودي، إن عدد البرامج التي قدمتها يزيد عن 20 برنامج على مدى 34 سنة وعلى قنوات مختلفة ويكفيني شرفًا وفخرًا أنني وجدت الدعم والإشادة من كبار المسؤولين في الدولة والقيادات الإدارية والفنية في التلفزيون ومن الأخوة والزملاء الأفاضل في الصحافة المحلية ومن نسبة كبيرة من المشاهدين في بلادي الحبيبة، بل إن بعض برامجي كان لها متابعون في بعض الدول الخليجية والعربية وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى، فالشكر لكل من ساندي ودعمني وشجعني. آلية مفقودة * في ضوء هذه المسيرة الطويلة.. كيف تقرأ تحويل وكالة الأنباء السعودية والإذاعة والتلفزيون إلى هيئتين مستقلتين؟ هذه الخطوة تأخرت كثيرًا، مع أن قرار مجلس الوزراء الموقر قد صدر في مسألة التحويل منذ مدة طويلة، ولكنه مع الأسف لم يفعّل حينه، وحتى عندما تم التحويل لم تتضح آلية التنفيذ، فما الفائدة من التحويل إلى هيئة دون آلية للتفعيل، وهذا يعني أن كلا الهيئتين سوف تحتاجان إلى بعض الوقت لوضع آلية ثم وضع خطط للقيام بالدور المطلوب منهما، وعلى وكالة الأنباء السعودية مواكبة الجديد والحديث في نقل الخبر والمعلومة قبل أي وسيلة إعلانية أخرى، فالأعلام الحديث قد يتفوق على الإعلام التقليدي من حيث سرعة الانتشار والانتقال والتواصل، وقد يكون في ذلك جانب سلبي وعلى وكالة الأنباء المحلية الوصول إلى المتلقي بأسرع وقت ممكن، أما هيئة الإذاعة والتلفزيون فعليها مسؤولية كبيرة وتحمل تركة إعلامية مرئية ثقيلة والتنافس بين القنوات للاستحواذ على المشاهدين والمعلنين والرعاة كبير وخطير ونلاحظ هذا التنافس بين كثير من القنوات المشهورة والمعروف عنها بجودة الإنتاج وقوة الطرح وتنوع البرامج فهل يمكن للتلفزيون السعودي ممثلا ً في الهيئة من اللحاق والدخول في المنافسة.. هذا السؤال تحكمه عدة عوامل وعلى رأسها القيادات التي تدير الهيئة والإمكانات المالية والكوادر البشرية والتجهيزات الحديثة ثم الجدية في إحداث تغيير جذري وملموس والاستعانة بالقدرات الإعلامية المتميزة والقادرة على الأداء والعطاء.. وأعتقد أن رئيس الهيئة قادر -بإذن الله- على إحداث تغيير ولكن يحتاج إلى بعض الوقت، ولو أن هذا الوقت سيكون لصالح قنوات أخرى منافسة، وعلينا أن نضع في الاعتبار والحسبان بأن لكل قناة رؤيتها وخططها الإعلامية والتي تختلف من قناة إلى أخرى فتكون المنافسة غير متكافئة أبدًا. لوائح متواضعة * هل هناك إقصاء وتهجير مقصود أو غير مقصود للإعلاميين السعوديين؟ منذ فترة طويلة والإعلامي السعودي موجود في القنوات المحلية، وقد برزت أسماء إعلامية كثيرة ومتميزة مع تواضع العائد المادي، فالإعلامي السعودي في التلفزيون السعودي، إما أن يكون موظفًا على درجة حكومية محددة يعاني حتى يتم ترقيته أو أن يكون متعاونًا مثل حالتي وحال بعض الزملاء المتعاونين وهذه الحالة تربطها لوائح مالية متواضعة مقارنة بما يتحصل عليه الإعلامي المتفرغ أو المتعاون في القنوات الخاصة.. وهذا كان واحدًا من أسباب هجرة بعض الإعلاميين السعوديين وعلى فترات متقطعة.. ومن الأسباب عدم إعطاء الفرصة أو تحقيق الرغبات أو الفرض والإملاءات أو الرفض والاعتذارات أو المحاربة من جانب أعداء النجاح.. لكن كثير من الإعلاميين في التلفزيون فرض نفسه فوجد الدعم والمساندة من بعض المسؤولين فوصل إلى ما وصل إليه. بروز وتميز * وفقًا لما تقول هل أخفق التلفزيون السعودي في إيجاد صف ثاني من الإعلاميين السعوديين؟ يجب الاعتراف بفضل التلفزيون السعودي على كثير من الإعلاميين السعوديين وأنا واحد منهم والفضل قبل كل شيء لله سبحانه وتعالى، لقد برز في التلفزيون السعودي إعلاميون متميزون جدًا وعلى فترات وكان هناك تنوعًا في الأداء والقدرات والإنتاج، بل تألق بعض الإعلاميين السعوديين في عدد من القنوات الفضائية مع أن البعض منهم لم يتخرج من مدرسة التلفزيون السعودي، وقد يكون لنشاطهم الصحفي سببًا في نجاحهم التلفزيوني والأمثلة على ذلك موجودة وحاضرة.. وعلى شاشة التلفزيون السعودي حاليًا كوادر إعلامية مشهود لها بالنجاح والتألق والبعض الآخر يبذل الجهد للوصول إلى التألق بالمزيد من الممارسة لكسب المزيد من الخبرة والمهارة.. لكن على التلفزيون السعودي أن يتيح المزيد من الفرص لكل الجنسين بين السعوديين الراغبين في العمل التلفزيوني وخصوصًا ممن لديهم الحضور والقبول والتمكن في الأداء والحوار ثم أيضًا تقديم الحوافز المالية الجيدة والدعم المعنوي المشجع على الإبداع والتألق، وفي نظري فإن التلفزيون قد أوجد صفًا ثانيًا يجب أن نعطيه حقه من الدعم والتشجيع وصدقني فإنهم أفضل حضورًا وقبولاً من بعض المذيعين والمذيعات الذين نشاهدهم في كثير من القنوات، فلا حضور ولا قبول ولا ثقافة. الشاشة الأولى * هل تلمس أي أزمة عدم ثقة بين المشاهد السعودي والتلفزيون؟ للتلفزيون السعودي مكانه لدى المشاهد السعودي وعلاقة قديمه منذ بدايته وهو بالنسبة لهم الشاشة الإعلامية الأولى بين كل القنوات الفضائية وإن حدثت فجوة بينه وبين المشاهدين فعلى المسؤولين تضييق هذه الفجوة وبأسرع وقت ممكن لأن القنوات الفضائية الخاصة مازالت تتسابق لكسب المزيد من المشاهدين والمعلنين ورعاة البرامج من السوق السعودي، وأعتقد أن المسؤول الأول عن هيئة الإذاعة والتلفزيون يحاول أن يصنع شيء ولكن بإمكانات مالية لا أعتقد أنها سوف تساعده على تحقيق ما يتمناه بالسرعة المطلوبة فالأمر يحتاج الى عوامل كثيرة تساعده على تنفيذ مهمته بنجاح.. لقد استغلت بعض القنوات الاحترافية تراجع التلفزيون السعودي برامجيًا في فترة من الفترات فقدمت للمشاهد السعودي حزمت من البرامج من بينها برامج تلامس قضاياه ومشاكله وطرحتها بأسلوب واقعي وشفاف من دون محاباة أو مجاملة علمًا بأنها لا تقدم حلول بل تطرح القضايا وتترك الأمر للجهات المختصة وهذا دور البرامج الحوارية من هذا النوع تطرح ولا تعالج.. المهم أن تصل الرسالة إلى من يهمه الأمر.. هذه القنوات الخاصة استطاعت أن تسحب البساط من تحت التلفزيون السعودي، واللحاق بها والدخول معها في المنافسة يحتاج إلى جهود كبيرة.. من بينها اختيار الأنسب من الإعلاميين ومن ذوي الحضور والقبول وأسلوب العرض والطرح.. التنوع في البرامج والتركيز على المحتوى والجودة في الإنتاج والتنفيذ والإعلان والتسويق للبرامج في الصحافة والمواقع والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وبذل المزيد من الحوافز المالية والمعنوية لاستقطاب الكوادر الإعلامية، وتجديد الهوية والتنوع في المواضيع والتخصصات والشخصيات والالتزام بالمواعيد البرامجية، فإن لم يحدث تغيير ملموس وسريع وإلا فإن الفجوة سوف تزداد وستكون الفرصة للقنوات الأخرى لكسب السباق بمراحل طويلة، مع الأخذ بالاعتبار فارق الرؤية الإعلامية بين التلفزيون السعودي والقنوات الفضائية.