حمل خبراء مصريون وعدد من القوى السياسية المصرية مسؤولية ما يحدث في البلاد حاليًا للحكومة والمعارضة، ولجميع القوي والتيارات والأحزاب الموجودة على الساحة، التي تسعي لتحقيق أهداف ومصالح شخصية فقط، دون النظر لمصلحة البلاد، متوقعين أن حالة الانقسام الموجودة سوف تؤدى إلى المزيد من الخراب والدمار في كافة النواحي، خاصة الوضع الاقتصادي وزيادة حدة الفوضى، محذرين من خطورة سعي كل طرف لفرض رأيه على الطرف الآخر، وطالبوا بضرورة إجراء مصالحة وطنية حقيقية بين كافة القوى، والتوافق على برنامج عمل وطني موحد تلتزم به جميع القوي والتيارات السياسية، على أن تكون جميع القوي طرفًا في تنفيذ هذا البرنامج. من جانبه، شدد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية الدكتور عمروهاشم على ضرورة إجراء مصالحة وطنية حقيقة بين كافة التيارات والقوى السياسية الموجودة في مصر، مع ضرورة احترام المؤسسة العسكرية والجهد الذي تبذله للحفاظ على أمن وسلامة الوطن، مستنكرًا محاولات البعض الإساءة للقوات المسلحة، مطالبًا من الحكومة الجديدة أن تكثف من دورها لجمع الشمل والقيام بعمل مصالحة وطنية حقيقية تضم كافة القوى فورًا، والاتجاه نحو خارطة المستقبل، وأن تقوم الأحزاب بإيجاد آلية لتحقيق هذا عن طريق الاتفاق بين جميع الأطراف، مؤكدًا أن المصالحة الوطنية هي الأهم هذه الأيام، حتى يتم التكاتف بين كل القوى السياسية للخروج من الأزمة المتواجدة حاليًا، إضافة إلى أن المصالحة ستجعل الحكومة الجديدة تعمل في مناخ سياسي مستقر، منوهًا أن إقصاء أي طرف من الأطراف السياسية في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، سيؤدى بالبلاد إلى العودة إلى المربع صفر. وطالب هاشم الجميع بما في ذلك الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، أن تسعى قدمًا في المضي نحو الاتجاه إلى خارطة طريق لبناء مستقبل الوطن، والعمل على إنهاء المسيرات والمظاهرات في كافة الميادين، ومحاولة إيجاد مخرج للتفاهم لإنهاء الاعتصامات، لأن ذلك سينعكس بالإيجاب على بقية الملفات التي تعانى منها مصر في الوقت الحالي، سواء الأمنية أو الاقتصادية، وسيساعد على دفع البلاد إلى الأمام. بدوره، يرى أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة الدكتور رأفت فودة، أن التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد حالياً، ومن المتوقع أن يكون هناك خلاف عليه، وهو إعداد دستور ديمقراطي بعد تعطل دستور الإخوان، عقب إسقاط نظام مرسي، مشيرًا إلى أنه يجب بناء دستور بعيداً عن التحزب، ويكون من فقهاء الدستور في مصر وهم كثيرون، (حسبما قال)، وعن حالة الانقسام الموجودة في الشارع المصري حاليًا، والتي من الممكن أن تعوق أي حركة إصلاح سياسي تتبناها الحكومة، قال فودة: «إنه بعد سقوط نظام الإخوان لابد من عمل مصالحة وطنية تكون مبنية على أسس وقواعد المصالحة، ومنع أي عناصر سياسية تدعو إلى العنف وتحرض على القتل وتمارس تكفير المعارضين السياسيين أو من يخالفونها في الدين أو المذاهب، ولابد من عدم إدخال الدين في السياسة». وأوضح فودة أن أهم متطلبات المصالحة الوطنية أن تكون الدولة مدنية، ولا تمس النسيج الوطني الواحد، ولا تحرك الفتنة الطائفية والمذهبية، وتضم كل الأحزاب والقوى الوطنية والفصائل السياسة والفكرية والثقافية، طبقًا لخارطة الطريق التي أعلن عنها الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، منوهًا إلى أن المصالحة الوطنية هي الأساس وهى حجر الزاوية في بناء مصر الجديدة، واختصار المرحلة الانتقالية الحالية، وحتى لا تتكرر أخطاء المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 يناير، مما أدى إلى فشلها، خاصة أن الفترة المقبلة في مصر تحتاج إلى مصالحة حقيقية ومصارحة، حتى نستطيع أن نلتفت إلى المستقبل، فنحن لا نريد أن نشهد صراعات بين القوى الموجودة الآن على الساحة، وليحل بدلاً منها الحوار البناء، لمواجهة كل المشاكل والأزمات التي تقف عائقًا أمام المستقبل. من جهته، طالب مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير أحمد أبو الخير من الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، أن تكون المصالحة الوطنية علي قائمة أولوياته، وتوحيد صفوف الشعب، والبدء في مصالحة وطنية شاملة مع جميع القوي والأطياف الفاعلة من أجل إقامة حياة ديمقراطية تجمع كل القوي السياسية، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة تحتاج إلي مصالحة حقيقية حتي نستطيع أن نلتفت إلي المستقبل، ومواجهة كل المشاكل والأزمات التي تقف عائقا أمام بناء الدولة، مؤكدًا أن الشعب بحاجة كبيرة إلي تحقيق المصالحة الوطنية في المرحلة الحالية لعبور الأزمة الحالية وتحقيق الاستقرار السياسي، بدلاً من التشتيت وعزلة كل جهة، كما طالب الأطياف الأخرى من المعارضة بضرورة العمل علي تقديم البديل والحلول الواقعية لهذه الأزمات، وضرورة الالتقاء عند نقاط مشتركة وإلا فالكل خاسر». وناشد أبو الخير كافة القوى أن ترحب بلقاء المصالحة الوطنية التي سوف تعلنها مؤسسة الرئاسة قريبًا، فالجلوس على مائدة الحوار مع رئيس الجمهورية يعد من الأمور المهمة التي لابد أن تحرص عليها جميع القوي، مشيراً إلي أن المصالحة الوطنية في مثل هذه الظروف تعد ضرورة وواجب لحقن الدماء وتحقيق طموحات المواطنين، ويجب علي المعارضة أن تستجيب لهذه الدعوة، وأن يضع كل طرف وجهة نظره التي قد تختلف مع الآخر، لكنها قد تتكامل مع وجهات نظر أخرى، وفي النهاية يصل الجميع إلي نقاط مشتركة، تكون بداية لانطلاق الوطن نحو المستقبل المشرق، معتبراً أن هناك قضايا داخلية وخارجية تواجه مصر في الوقت الحالي يجب العمل على إصلاحها، فعلى على المستوى الخارجي تسبب النظام السابق في حدوث خلاف بين مصر وعدد من الدول العربية، حيث شهدت مصر قطيعة سنة كاملة مع بعض الدول العربية، ويجب على الدولة إصلاح ما تم إفساده، وأيضا هناك قضية نهر النيل، والصراع بين مصر وإثيوبيا، كل هذه الخلافات وحالات الانشقاق تمثل تحديًا أساسيًا أمام الحكومة، أما على المستوى الداخلي تعد قضية الأمن القوى من أهم القضايا المصيرية، واستباحة الحدود وما يحدث في سيناء، كل ذلك يتطلب من الجميع مصالحة وطنية عامة توقع عليها الحكومة والجيش والداخلية.