أعطى تدخل الأتراك في الشأن الداخلي السوري لمعارضي حكومة اردوغان ذريعة جديدة للتظاهر ضده، والسبب هو فشل سياسته إزاء القضية السورية ونجاح الجيش السوري في تحقيق انتصارات ملحوظة وتطهير المدن السورية الواحدة تلو الاخرى من لوث الجماعات المسلحة. طهران (فارس) وتناول الخبير الايراني في شؤون الشرق الأوسط "محمد رضا مرادي" في مقال له تداعيات سياسة أنقرة الخارجية حيال الشأن السوري وتنامي استياء الشارع التركي والتحديات في الداخل، ذكر في مقدمته: "بعد عامين من حشد السعودية وقطر وتركيا ثم مصر لكل طاقاتهم لدعم المعارضة السورية والجماعات المسلحة لإسقاط "الأسد"، باتت الحقائق على الأرض مختلفة؛ فناهيك عن انتصارات الجيش السوري لاسيما بعد فتح "القصير" والمدن الاستراتيجية الواحدة تلو الاخرى، باتت جميع تلك الدول تصارع، بشكل مباشر أو غير مباشر، أزمات سياسية وأمنية حادة". وحول الشأن التركي الذي ركز عليه هذا الجزء من المقال لفت "مرادي" إلى دعوة تركيا للطرفين في بداية الأزمة إلى التهدئة وحض الرئيس السوري على إجراء الإصلاحات، ثم تدخلها في الشأن السوري عبر خطابات غير حيادية وأضاف: "أما في نهاية المطاف فقد نبذ الأتراك كل قواعد الدبلوماسية وحولوا حدودهم إلى ممر آمن للجماعات الإرهابية والتكفيرية والسلاح إلى داخل الأراضي السورية". وفي إشارة إلى أن الساسة الأتراك، وانطلاقا من تفاؤلهم بمشروع الإطاحة ببشار الأسد، عكفوا على عقد مؤتمرات تحت شعار "أصدقاء سوريا"[!] ودعموا ماديا ومعنويا ما يوصف ب"الجيش السوري الحر"، قال المقال: "أما على الصعيد العسكري واللوجستي فقد تحولت مطارات أنقرة واسطنبول إلى ممر لعبور الأسلحة والعتاد من السعودية وقطر واوربا إلى الجماعات المسلحة". وفيما لفت مرادي إلى وصف "كمال قليجدار اوغلو" زعيم الحزب الجمهوري الاشتراكي (أحد أبرز معارضي الحكومة التركية) لاردوغان بأنه "زعيم الإرهابيين في سوريا" والمسؤول المباشر عن تدريبهم على الأراضي التركية وإرسالهم إلى سوريا فقد أضاف: "اُعلن مؤخرا أن المقاتلات الإسرائيلية التي نفذت ضربة جوية على أهداف في اللاذقية في الخامس من تموز الجاري كانت قد حلقت من قواعد في تركيا". وأوضح أن تركيا ذهبت إلى حد المواجهة العسكرية ومطالبة "الناتو" بحمايتها ما قاد إلى نصب منظومة صواريخ "باتريوت" على حدودها مع سوريا وأردف: "معارضو حكومة اردوغان استغلوا مؤخرا قضية بسيطة تمثلت بقطع بعض الأشجار في حديقة "غيزي" العامة ليتهموا اردوغان بانتهاج سياسات خاطئة على صُعُد مختلفة منها السياسة الخارجية مطالبين بتنحيه عن السلطة". وذكّر مرادي بالنمو الاقتصادي الذي شهدته تركيا في العقد الأخير وتحولها إلى قطب للسياحة العالمية وانتهاجها لسياسة خارجية مسالمة أساسها حسن الجوار وخفض المشاكل مع الجيران إلى الصفر، وقال: "لكن بعد نشوب الأزمة السورية ومن خلال سياسة أنقرة الخاطئة المبنية على التدخل في الشأن السوري لم تضع تركيا علامات استفهام حول سمعتها في المنطقة فحسب، بل أسهمت في توسيع الهوة بين شرائح مجتمعها، ما أدى إلى موجة استياء عارمة في الشارع التركي". وعبر تأكيده على أن انضمام حكومة اردوغان لصف إيران وروسيا في الدعوة إلى الحل والدفع باتجاه المصالحة في سوريا كان سيعزز موقفها الداخلي أو يخفف من حدة الاستياء الشعبي منها، أضاف المقال: "لا يسعنا إنكار حقيقة أن فشل سياسة تركيا في سوريا أضعف موقفها داخليا، ما دفع بعض المراقبين للاعتقاد بأن التنازلات التي قدمها اردوغان لحزب العمال الكردي المعارض كانت على خلفية خشيته من تكرار السيناريو السوري في تركيا". ومنوها الباحث الاستراتيجي إلى أن بشار الأسد ليس أنه لم يتراجع أمام التدخلات الخارجية وعلى رأسها التركية فحسب، بل تمكن من إحباط العديد من مخططاتهم ختم بالقول: "ستخبرنا الأيام القادمة إن كان اردوغان سيقع في الفخ الذي نصبه لبشار الأسد أو أن تركيا ستسير نحو اضطرابات أعمق أم لا". يتبع ..