يخطئ من يعتقد بأن مشاكل مصر ستنتهي بنهاية جماعة الإخوان ، هذا إذا افترضنا جدلاً بأن الثورة الشعبية التي قضت على حكمهم الذي لم يتجاوز عاماً واحداً ، ستقتلع فكرهم الفاشي من جذوره . مصر أمامها تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي معاً . التحدي الأمني واستعادة ما تمت سرقته أو تهديمه من كيان الدولة ، ليسا أصعب التحديات رغم أهميتهما وربما أولويتهما . مصر الآن بحاجة إلى مشروع يتمثل أهداف الثورة ، ولعلي أكون أكثر دقة لو قلت : مشروع يعيد تعريف أهداف الثورة من جديد . السؤال الذي يجب أن تطرحه القوى السياسية في مصر على نفسها الآن هو : لماذا ثار الشعب في الخامس والعشرين من يناير ؟ ولماذا أصر على استكمال ثورته عندما تأكد من أنها سرقت منه ، فقام بثورة تصحيح مسار كانت أكبر من حيث المشاركة الشعبية ، من الثورة التي سبقتها ؟ الإجابة عن هذين السؤالين ، يجب أن تكون علمية . ولكي تكون الإجابة علمية فالواجب أن تبتعد عن الإنشاء والخطابة والتجريد ، وتطرح نفسها في سياق معرفي متكامل يحدد التالي : أولاً : شكل الدولة وما إذا كانت مدنية أم لا .. وبمعنى أكثر وضوحاً فهل المطلوب إقامة دولة تكون الحاكمية فيها للشعب وتكون الأمة فيها مصدر السلطات ، أم تترك المسألة لاجتهادات المجتهدين وتفسيرات المفسرين ليخرج علينا من يقول بمبدأ الحاكمية لله ثم يعين نفسه ممثلاً لله ومفوضاً لحكم البشر باسمه تعالى ؟ ثانياً : المشروع أو الرؤية الاستراتيجية التي تتحدد على أساسها ، مجموعة المواقف التي تريد مصر أن تتخذها من منطقتها ومن قارتها ومن العالم أجمع . ثالثا : الخيارات والرؤى الاقتصادية ، والاختيار ما بين اقتصاد السوق الذي يهدف إلى تحقيق النمو عن طريق الاقتصاد الريعي الذي يهدف إلى تحسين ظروف المعيشة بغض النظر عن تلبية الاحتياجات الوطنية ، وبين اقتصاد الانتاج الذي يهدف إلى تحقيق التنمية عن طريق توفير الاحتياجات الأساس للشعب . ولا يخفى على أحد مدى ارتباط اقتصاد الانتاج والتنمية بالسعي إلى تأكيد الاستقلال والدفاع عن السيادة الوطنية . المسألة لا يمكن تلخيصها في التخلص من حكم الإخوان الفاشي . صحيح أن تعرية الفاشية التي ترتدي مسوح الدين ، هي خطوة في أول الطريق ، لكنها ستظل مجرد خطوة ما لم تتبعها خطوات تتكفل باجتثاث أسباب اندلاع الثورات من جذورها : الفقر ، الافتقار إلى العدل ،زيادة حجم الهوة بين الطبقات ، غياب دولة القانون ، سوء توزيع الثروة ، الفشل في تحقيق السيادة الوطنية ، والاستمرار في الارتهان لمشاريع الهيمنة الأجنبية . للحديث بقية [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain