اعتبر المجلس الأعلى للقضاء في مصر، أمس، أن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، الخميس الماضي، يتضمن «اعتداء غير مسبوق» على استقلال القضاء واحكامه، كما دعا نادي قضاة مصر المحاكم والنيابات إلى الإضراب لحين إلغاء الإعلان، وأعلن نادي قضاة الإسكندرية تعليق العمل بجميع محاكم ونيابات ثاني المدن المصرية احتجاجاً على الإعلان الدستوري، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع بشكل كثيف في محاولة لفض اعتصام عشرات المتظاهرين المعارضين للإعلان في ميدان التحرير وسط القاهرة، واستمرت الاشتباكات في شارع محمد محمود القريب من ميدان التحرير لليوم السادس على التوالي، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف للغاية، وسقطت قنابل الغاز على قلب الميدان، ما أدى إلى انسحاب عشرات المتظاهرين منه، وقالت أحزاب يسارية وليبرالية واشتراكية إن على انصارها الخروج في مسيرات الى ميدان التحرير بهدف «إسقاط الإعلان الدستوري الفاشي والاستبدادي»، ودعت أنصارها إلى الاحتجاج بعد غد. وتفصيلاً، وفي بيان أصدره المجلس الأعلى للقضاء، وهو أعلى سلطة قضائية في مصر، عقب اجتماع طارئ عقده أمس، قال إن «المجلس هو المعني بكل شؤون القضاء والقضاة»، مبدياً «أسفه» لصدور هذا الإعلان. وطالب المجلس الرئيس المصري ب«البعد بهذا الإعلان عن كل ما يمس السلطة القضائية واختصاصاتها، او التدخل في شؤون أعضائها أو ينال من جلال أحكامها». وكان الرئيس المصري أصدر رعلاناً دستورياً حصن به الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات التي أصدرها، وجعلها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة. كما نص على انه لا يجوز لأي جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور، وهو ما أنهى جميع الدعاوى المتعلقة بقرارات الجمعية والمجلس، المنظورة أمام القضاء. من جانبه، قال رئيس نادي قضاة الإسكندرية، المستشار محمد عزت عجوة، بعد اجتماع مغلق عقد أمس «إن القضاة قرروا تعليق العمل لحين انتهاء الأزمة التي أثارها ذلك الإعلان الدستوري المنعدم»، وأضاف «القضاة لن يرضوا بأقل من إلغاء هذا الإعلان لما سيتسبب فيه من إهدار للسلطة القضائية، والقضاء على مبدأ الفصل بين السلطات». وقرر القضاة تعليق العمل بالمحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها حتى يتم إلغاء الإعلان الدستوري. ويعد قرار نادي قضاة الإسكندرية أقوى خطوة تصعيدية ضد الإعلان الدستوري الذي أعلنه مرسي. وأعلن النائب العام المقال، عبدالمجيد محمود، أنه قرر اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة في ما يتعلق بقرار عزله من منصبه. وقال في بيان تلاه خلال اجتماع غير عادي للجمعية العمومية لنادي قضاة مصر، أمس، عُقد للرد على الإعلان الدستوري، إنه بغض النظر عن شرعية أو عدم شرعية الإعلان فإنه يترك هذا الأمر للجهات القضائية المختصة. وحذر من خطورة الحملة التي تستهدف القضاء واستقلاله وتسعى لتشويه سمعة قضاة مصر. وأقامت 25 منظمة حقوقية مصرية دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، للمطالبة بإلغاء قرار الرئيس الخاص بإصداره الإعلان الدستوري، وطالبت بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار وتحديد أقرب جلسة ممكنة لنظر الطعن. في السياق، قال محمد الجمل الذي ينتمي الى حركة «6 أبريل» المعارضة، وهو يهرول خارجاً من ميدان التحرير بسبب الغاز الكثيف، لوكالة «فرانس برس» «لن نرحل إلا بمحاكمات عادلة وفورية لقتلة المتظاهرين وحتى يتراجع مرسي عن الإعلان الدستوري الذي جعله فرعوناً». وأضاف الجمل الذي كسرت العدسة اليمنى لنظارته «الثورة الثانية ستندلع قريباً لأننا لن نرضى أن نبدل ديكتاتوراً بديكتاتور اخر». لكن المهندس كريم الزعيم (27 عاماً) قال ان «ثورة جديدة لن تنجح للأسف لأن الناس لن تدعمها»، وتابع «المصريون فقدوا الأمل في التغيير لأن احوالهم ساءت ولم تتحسن في العامين الماضيين». وقال المونتير حسام المصري (25 عاماً) ان «الشرطة تستخدم أساليبها القديمة نفسها، نظام (الإخوان) لا يفرق كثيراً عن نظام مبارك». وأصيب عشرات المعتصمين بالاختناق جراء الغاز الذي غطت سحابة كبيرة له معظم أرجاء المنطقة المحيطة بالتحرير. ونقل القائمون على المستشفى الميداني الى موقع ابعد عن مدخل شارع جانبي من التحرير بسبب رائحة الغاز. واستقبل مستشفى حكومي على مقربة من التحرير 32 اصابة في الاشتباكات التي وقعت صباح أمس، بينها خمس حالات لجرحى بطلقات نارية، وحالتهم حرجة، حسبما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية . وأغلق المتظاهرون الميدان والشوارع الجانبية له أمام حركة سير السيارات لليوم الثاني على التوالي. وفشل موظفون حكوميون في الوصول إلى مقر عملهم في مجمع المصالح في الميدان، بسبب رائحة الغاز النافذة. وكانت القوة السياسية المعارضة للرئيس المصرية، اعلنت، الليلة قبل الماضية، دخولها في اعتصام في ميدان التحرير اعتراضاً على قرارات مرسي الأخيرة التي وسعت من سلطاته وقوضت السلطة القضائية. ودعت القوى السياسية إلى تجمع حاشد في التحرير بعد غد. وجاء في بيان لحزب الدستور الليبرالي على صفحته على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي على الإنترنت «نحن امام لحظة تاريخية إما أن نكمل فيها ثورتنا أو نتركها فريسة لجماعة غلّبت مصالحها الحزبية الضيقة على مصلحة الوطن». وستبدأ المسيرات في الخامسة مساء بالتوقيت المحلي من مناطق حول العاصمة قبل التدفق على ميدان التحرير مركز الانتفاضة التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك من السلطة في 2011. وتراصت نحو 30 خيمة لمعتصمين في قلب الصينية الشهيرة للميدان، كتبت على كل منها أسماء الأحزاب التابعة لها. ودعت جماعة الإخوان المسلمين إلى مظاهرة حاشدة في اليوم نفسه (بعد غد) تأييداً للإعلان الدستوري، حيث ستجرى في ميدان عابدين الذي يبعد مئات الأمتار عن ميدان التحرير.