د. قيصر حامد مطاوع وافق مجلس الوزراء الموقر مؤخراً على نظام الرفق بالحيوان لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي يجرم الإضرار أو إلحاق الأذى بالحيوانات أو التسبب في ألمها أو معاناتها، سواء من قبل ملاك الحيوانات أو القائمين على رعايتها وغيرهم. وهذه الموافقة على النظام تعكس البعد الإنساني للمملكة وتمسكها بالشريعة الاسلامية الغراء التي أوصت بالرفق بالحيوان. وإن كان إقرار النظام المذكور يعتبر خطوة موفقة، فإننا نأمل إقرار وصدور نظام الحماية من الإيذاء -مشروع نظام لم يصدر بعد- والذي يهدف إلى حماية أفراد المجتمع من الإيذاء والعنف، سواء كبار السن وغيرهم،وخصوصاً النساء والأطفال والاعتداء بكافة صوره عليهم. ومشروع هذا النظام مازال يدرس منذ فترة طويلة من عدة جهات، سواء من مجلس الشورى لهيئة الخبراء بمجلس الوزراء واللجان المشكلة من عدة وزارات وجهات حكومية وحقوقية، وقد طال انتظار صدوره. وفي الحقيقة، نحن في أمس الحاجة في الوقت الراهن إلى صدور هذا النظام، لحماية النساء والأطفال على وجه الخصوص، بسبب زيادة حالات العنف ضدهم في الآونة الأخيرة لكونهم أكثر الفئات عرضة للإيذاء. حيث تطالعنا الصحف وبقية وسائل الإعلام على العديد من حالات العنف الأسري، من ضرب وتعذيب للزوجات والأطفال من قبل الرجال لحد بشع قد يصل إلى القتل. ووفقاً لإحصائيات الإدارة العامة للحماية الاجتماعية عن حالات العنف الأسري العام الماضي، فقد وصلت إلى (1049) حالة، بالإضافة إلى هروب (1400) فتاة من المنزل أيضاً بسبب العنف الأسري، وهذه فقط أعداد الحالات المعلنة، أما الحالات غير المعلنة فهي أكثر من ذلك، والمحاكم وأقسام الشرط لدينا مليئة بملفات مشابهة. إن ما يتعرض له العديد من النساء والأطفال في مجتمعنا من الإيذاء، سواء العنف الجسدي وغيره بشكل سادي وانتقامي في بعض الأحيان، لا يحتم علينا فقط إصدار نظام الحماية من الإيذاء لحمايتهم، ولكن أيضاً إيجاد أماكن إيواء عديدة مناسبة لهم لإقاماتهم حتى لا يكونوا مجبورين على تحمل العنف ضدهم بسبب عدم وجود أماكن تؤويهم، بالإضافة إلى توفير الرعاية والعناية الكافية لهم واحتوائهم، سواء كانت طبية أو نفسية وغيرها، وتخصيص الإعانات لهم لتوفير وضع كريم لهم. إن صدور النظام المذكور من المفترض أن يجرم ويضع عقوبات واضحة لكل من يمارس الإيذاء والعنف بكافة أشكاله ضد النساء والأطفال وغيرهم. كذلك، من شأن صدور النظام أن يزيد الوعي لدى المجتمع بخصوص الإيذاء والعنف، حيث سيعلم من يقترف تلك الجريمة أنه سيعاقب في حال إدانته. وفي المقابل سيعي من يقع عليه الإيذاء بأهمية التبليغ عن الجريمة التي وقعت عليه لدى الجهات الرسمية لتقوم باتخاذ اللازم ضد مرتكبها. ولزيادة الوعي لدى المجتمع أيضاً، يجب أن تلعب الجهات الحكومية والجمعيات وغيرها دوراً أكبر في تثقيف المجتمع عن الإيذاء والعنف الأسري وآلية التعامل معه، والذي نفتقده بشكل كبير لدينا. فعلى سبيل المثال، هناك نسبة كبيرة من السعوديين لا يعرفون شيئاً عن الرقم(1919)، والمخصص من وزارة الشؤون الاجتماعية لاستقبال البلاغات عن حالات العنف الأسري التي يتعرض لها أفراد المجتمع، وخاصة الأطفال والنساء، وهذا يدل على ضعف التوعية. إن زيادة الإيذاء والعنف في المجتمع بشكل مطرد، يحتم علينا الإسراع في إصدار نظام الحماية من الإيذاء،من أجل حماية النساء والأطفال وغيرهم من العنف المتزايد ضدهم. [email protected]