د. قيصر حامد مطاوع احتدم الجدل في الفترة الأخيرة حول حملة «الشريط الأبيض» التي تبناها بعض أفراد المجتمع السعودي حول حماية المرأة وإنهاء العنف ضدها بجميع أشكاله، وبين من يرى بأن هذه الحملة ما هي إلا مبادرة غربية لتنفيذ قرارات للأمم المتحدة، وأن وراءها أهدافاً أخرى وليس حماية المرأة كما هو ظاهر. إن احتدام الجدل بين التيارين، المؤيد والمعارض للحملة المذكورة، سلط الضوء على أمور ثانوية وترك الأمر المهم وهو حماية المرأة من العنف بجميع أشكاله. ولا يهمنا هنا التسمية أو أهداف الحملة الخفية كما يدعي البعض، ولكن إنهاء العنف ضد المرأة وزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع، بغض النظر عن التسمية، بحيث لا يكون هناك من ينظر إلى المرأة بنظرة دونية ويرى بأنها إنسان ضعيف تابع لا تستطيع أن تفكر بطريقة سليمة وغير قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها، ويجب التدخل في جميع شؤونها واتخاذ جميع القرارات الهامة نيابة عنها لعدم قدرتها على القيام بذلك بنفسها. ولا ننكر بأن هذه النظرة الدونية للمرأة من قبل البعض أدت إلى ممارسة العنف ضدها بالضرب والشتم وغيره من أشكال التعنيف، سواء من الأب أو الأخ أو الزوج. بالإضافة إلى حرمانها من التعليم وإجبارها على الزواج قسراً دون موافقتها أو عدم تزويجها من قبل الأب للحصول على راتبها الشهري أو حرمانها من الميراث، وكأننا عدنا إلى عصور الجاهلية، وغيرها من الممارسات والأمور الموجودة ضد المرأة في مجتمعنا. هذه الممارسات ضد المرأة يجب أن تتوقف، بغض النظر عن التسمية. فلا نتصادم بخصوص التسمية، ولنتعاون على محاربة العنف ضد المرأة بجميع أشكاله. وهذا ما أمرنا به ديننا الحنيف الذي رفع قدر المرأة وأعطاها حقوقها، ولنقف في وجه من يريد أن يسلبها بعض تلك الحقوق، بسبب وجود بعض العادات والتقاليد البائدة لدينا، وليس من تعاليم ديننا. فتاريخنا الإسلامي، بجميع مراحله، كانت المرأة حاضرة فيه وبشكل فعّال، ولم يتم تهميشها أو إقصاؤها كما يحاول البعض أن يفعل الآن أو النظر لها بنظرة دونية. لا أحد يدعو لتبرج المرأة أو التخلي عن عفافها، كما يصوره البعض، ولكن يجب أن ندرك بأن المرأة شخص مستقل يجب احترامه وليس تابعاً، فهي تستطيع التخطيط لمستقبلها وحياتها دون أن نتدخل في كل صغيرة أو كبيرة في شؤونها، واعتبارها بأنها شخص غير قادر على التفكير. واحترام المرأة وتقديرها ليست أفكاراً غربية، بل هي من صميم ديننا الحنيف. والمرأة السعودية ولله الحمد أثبتت نفسها بكل اقتدار ووقار ووصلت لمراكز مرموقة من الناحية العلمية والعملية على الصعيدين المحلي والدولي، فلا مجال لتهميشها في المجتمع والانتقاص من قدرها من قبل البعض. لا نتصارع على التسمية لإيقاف العنف ضد المرأة والدخول في جدل بيزنطي لا نهاية له بخصوصه، ولنضع أيدينا معاً لرفع ثقافة المجتمع ووعيه بخصوص محاربة العنف ضد المرأة بجميع أشكاله، سواء بسن القوانين أو عمل البرامج التوعوية المكثفة وغيرها، للحد من هذه الظاهرة. فهذا هو الهدف الأسمى لدينا، ولنسمِ ذلك ما نشاء. [email protected]