د. قيصر حامد مطاوع منذ الإعلان عن حملة 26 أكتوبر للمطالبة بحق المرأة في قيادة السيارة، ظهر على السطح مرة أخرى النقاش والجدل المحتدم بخصوص قيادة السيارة والسماح لها بذلك من عدمه. وهذا الموضوع قد قسم المجتمع منذ أمد بعيد ما بين مؤيد ومعارض، ولكل طرف وجهة نظره وما يراه من آثار ستترتب على قيادة المرأة، سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية وغيره. والواقع أن الجدل الحاصل يعطي انطباعاً بأن الموضوع لدى البعض ليس موضوع قيادة المرأة، وإنما موضوع الرفض التام لأي تغيير يحدث في المجتمع، ولذلك نجده يضع احتمالات غريبة بخصوص قيادة المرأة وما يمكن أن يحدث لها لو قادت السيارة، ولو سلمنا بالاحتمالات التي يضعها لما قمنا باستحداث أي أمر على الإطلاق. بالإضافة إلى أن تلك الاحتمالات تعطي انطباعاً سلبياً عن المجتمع السعودي، وكأنه مجتمع بدون قيم وأن كل امرأة ستخرج للشارع سيتم التحرش بها أو الاعتداء عليها من قبل الرجال. وحتى بالنسبة للبعض الذي يتظاهر بأنه ليس له اعتراض على قيادة المرأة، نجده يتحجج بأن موضوع قيادة المرأة سابق لأوانه الآن لأن لدينا أموراً أخرى أهم من قيادة المرأة يجب التركيز عليها. إلا أن هذا الموضوع لن يأتي أوانه أبداً بالنسبة لذلك الشخص لأنه ببساطة يخشى التغيير ويتحجج بأمور أخرى. إن موضوع قيادة المرأة هو موضوع يخص المرأة في المقام الأول وهي التي من المفترض أن تقرر إذا كانت ترغب في القيادة من عدمه. ولا داعي بأن نأخذ القرارات بالنيابة عنها واعتبارها بأنها شخص غير مؤهل لاتخاذ القرارات التي تخصها، وفرض الوصاية عليها في كل كبيرة وصغيرة. فشيء مخجل بأن تكون المرأة قد وصلت إلى أعلى المناصب لدينا وأثبتت نفسها بجدارة، ومع ذلك لا يثق البعض بأنها ستتخذ القرار الصائب بخصوص قيادتها للسيارة من عدمه. وعليه، بدلاً من إضاعة الوقت والنقاش لسنوات طويلة قادمة في موضوع قيادة المرأة من عدمه، فإنه من الأفضل أن يتم التفكير في وضع الإطار والضوابط المنظمة لقيادة المرأة، مع الأخذ في الاعتبار التخوفات المعقولة للفريق المعارض، وترك القرار للمرأة. وفي كل الأحوال، فإن القيادة لن تكون إلزامية، فمن أرادت أن تقود وفقاً للضوابط الشرعية فيمكنها القيام بذلك، أما التي لا ترغب فلن تكون مجبورة على ذلك. ولا داعي للتوجس والتهويل المبالغ فيه للأمور، كما يصوره البعض، فالعديد من الدول الخليجية والإسلامية تقود فيها المرأة بشكل سلس، حتى أن النساء السعوديات ذاتهن يقدن سيارات في الخارج ولديهن رخص قيادة في العديد من الدول. من الأفضل بدلاً من أن نستمر في الجدل لسنوات أخرى بخصوص قيادة المرأة، دون أن نصل إلى حل كعادتنا، أن نقوم بوضع الأطر العامة المنظمة لقيادة المرأة وترك القرار للمرأة لأن هذا الموضوع يخصها، وهي ستتخذ القرار الصائب. [email protected]