د. قيصر حامد مطاوع يحتدم الجدل دوماً بين أطياف المجتمع كل ما حدثت واقعة، سواء كانت مطاردة أو غيرها، عندما يكون أحد أطرافها من الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فتجد البعض يشجب بعض تصرفات رجال الهيئة والبعض الآخر يؤيدها بشكل يصل إلى التشنج، لدرجة أن الأمر قد وصل إلى اعتبار أن توجيه أي نقد لهم هو بمثابة انتقاص من رجال الدين وهيبتهم. ولكن الحقيقة هي أن الهيئة تعتبر جهازاً حكومياً، كأي جهاز حكومي آخر في الدولة، قد يخطئ موظفوها أو يتجاوزوا صلاحياتهم أو يقصروا في أداء مهامهم الوظيفية. ومتى ما حدث ذلك، فإن الموظف المقصر يجب أن تتم معاقبته وعدم إضفاء صفة القدسية عليه واعتباره فوق القانون وأن المساس به هو مساس برجل دين. ولا شك بأن حوادث المطاردات من قبل بعض رجال الهيئة لبعض من يشتبه بهم بارتكاب المحرمات أو المنكر وما ينتج عنها من حوادث مأساوية في بعض الأحيان، قد أحدثت شبه احتقان في المجتمع من بعض أعمال أفراد الهيئة، والتي يعتبرها البعض تفتقد للحكمة في بعض الحالات. الأمر الذي استدعى إصدار تعميم من رئيس الهيئة الحكيم الدكتور/ عبد اللطيف آل الشيخ منذ أكثر من عام، بمنع مطاردة الأشخاص من قبل رجال الهيئة لما ينطوي عليه ذلك من مفاسد خطرة وعواقب وخيمة على الأرواح والممتلكات وإضرار عام بطرفي المطاردة والأبرياء من الناس. إلا أن المطاردات لم تتوقف من قبل بعض أفراد الهيئة، والتي أسفرت مع الأسف عن إزهاق العديد من الأرواح والإصابات. ويجدر التنويه أن الصلاحيات المخولة لأفراد الهيئة، وأهمها ضبط مرتكبي المحرمات أو المشتبه بهم، حسب المادة (8) من تنظيم الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والموافق عليه بقرار مجلس الوزراء رقم (73) وتاريخ 16/3/1434ه، هي التي أدت بشكل كبير إلى تصادم البعض من أفرادها مع العامة. وهذه الصلاحية قد أساء وتعسف البعض في استخدامها، بسبب نقص التدريب والخبرة وغيره. وحتى لا تخرج الهيئة عن الهدف الأسمى لها وهو النصح والإرشاد والدخول في إجراءات الضبط، والتي جعلتها تدخل في صدامات مع أفراد المجتمع، وهو ما لا نريده، فإنه من الأفضل أن يتم تعديل تنظيم الهيئة لتقتصر صلاحياتها فقط على النصح والإرشاد وما حوله، دون أن يكون لها صلاحية الضبط وترك ذلك للجهات الأخرى. إن اقتصار دور الهيئة على النصح والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة وهداية الناس، بإذن الله، قد يجعل دورها أكثر فعالية في المجتمع، ويجنبها الصدامات التي قد تؤدي إلى النفور من بعض أفرادها وعدم تقبل النصح منهم، وهو ما لا نريده. [email protected]