كان الوقت ظهراً يوم الاحد الماضي حين زيارتنا للنساء المصابات بالسرطان والفشل الكلوي المزمنان في هئية مستشفى الجمهورية بعدن، بعد موافقة ادارة الستشفى لنا بالدخول لرصد أنين المرضى الذين لم نرى في اعينهم سوى الحزن والالم، ماسي لنساء قدرهن العيش حياة لم تلتحف سوى الفقر ولم تأكل سوى الألم لسنوات طويلة.. مرض ، فقر ، عوز مادي ، ضيق العيش ، وغيرهاأفقدتهم معنى العيش بهناء، بعيدا عن اهتمام الجهات المعنية في الحكومة والجمعيات الخاصة بالمرضى ناهيك عن فاعلي الخير في شهر رمضان المبارك. حالات في مستشفى الجمهورية أبكت قلوبنا قبل أعيننا .. أردنا أن نسلط عليها الضوء من خلال هذا التحقيق الذي رافقتنا فيه الآم المرضى ومعاناتهم ، فخرجنا بهذه المحصلة من الآلام لنضعها أمام قرائنا الكرام وأصحاب القرار في هذا الشأن وفاعلي الخير في شهر رمضان الكريم لعلهم يخففون من تكاليف علاجهم إن لم يستطيعوا تخفيف آلامهم .. إلى ذلك : نساء السرطان والانتظار الطويل في كل دول العالم يذهب المرضى للمستشفيات أملاً في الشفاء ولكن مستشفياتنا ليس فيها أمل ولا شفاء لأن أغلب العمليات لا تنجح ، هذه العبارة لمسناها من خلال حديثنا مع إحدى مريضات قسم السرطان في مستشفى الجمهورية ، فقد بدأ عليهن الحزن واليأس بعد أن ضاق بهن الحال . فاطمة مصابه منذ 12 عاماً أثناء تواجدنا في قسم السرطان التقينا ببعض المرضى من النساء اللواتي لم يجدن ملاذا لعلاجهن سوى بتلك المستشفى الوحيدة في عدن التي تتوفر فيها أبسط الإمكانيات ليس للتخلص من العلاج نهائياً ، بل مؤقتاً ، حتى أن المستشفى لم تستطع توفر بعض الأدوية والفحوصات والجرعات السرطانية ، وفي داخل القسم وجدنا الحاجة فاطمة طالب من محافظة الضالع، مصابه بسرطان الثدي منذ 12 عاماً وقامت بعملية استئصال الثدي الأول ولكن المرض انتقل إلى الآخر ، بدأت الحاجة فاطمة رحلة العلاج في صنعاء ، لكن جو صنعاء لم يناسبها ، فانتقلت إلى عدن . ومنذ حوالي شهرين أصبحت طريحة الفراش بقسم السرطان في مستشفى الجمهورية . تحدثت بألم وحسرة : ( علاجي يتطلب مبالغ مالية كبيرة الإبرة الواحدة سعرها 70 ألف ريال كل عشرين يوم و80 ألف ريال قيمة إبرة أخرى شهرياً غير بقية الأدوية والفحوصات غير المتوفرة في المستشفى وأضطر لإجرائها خارج المستشفى ) ، وفي كلمة أخيرة وجهتها قالت فيها : ( أناشد أهل الخير لمعاونتنا ومن به الرحمة رحمنا ) ، وطالبت من فاعلي الخير أن يوجهوا التبرعات إلى المريض شخصيا وعدم تسليمها للإدارة ، ( إلى الآن جاء إلينا عدد من الصحفيين في الصحف والتلفزيون ووعدونا بالمساعدة لكن لم نرى منهم شيء إلى الآن ) . الممرضة هناء ضحية الاشعة لتكوّن الحاجة فاطمة بهذه الحالة سلسلة أخرى لا تقل ألماً وحزناً عن أوضاع زميلاتها الأخريات المرقدات في نفس القسم فهناء أحمد محمد 37 عام من عدن ممرضة في مستشفى الجمهورية بقسم الإنعاش، مصابة بسرطان الثدي والرحم تقول هناء : ( إن سبب إصابتي هو عملي في قسم الإنعاش وتعرضي للأشعة أثناء العمل ، لي أربع أشهر منذ إصابتي بالمرض وقرروا لي عملية في الخارج وحابه قبل كذا أعمل طفل أنابيب قبل استئصال الرحم لأنني أريد طفل ، الحكومة دعمتنا بتذكرتان و70 ألف والفيزه وإذا لم أسافر في الموعد المحدد 18 / 8 /2013م ستنتهي الفيزة ، وهذه ثالث مرة أأجل سفري لعدم قدرتي على توفير المبلغ المحدد للمتطلبات السفر والعلاج ، وهناك ابنة صاحب مسجد هي من تتكفل بعلاجي هنا وجمعت لي 200 ألف ولكن تكلفة العلاج بالكامل مليون وأربع ألف والمتوفرة لي إلى الآن 350 ألف وأني من فين باجيب اقتل ولا اسرق ..؟ اجلس أبكي أبكي وبعدين اجلس فوق هذا الفراش منتظرة الفرج من الله ) . وفي ختام حديثها قالت : ( الجرعة مميتة قليل كلمة مؤلمة وهي لوحدها تسبب مشاكل ومضاعفات كبيرة ) . نساء الفشل الكلوي يستنجدن في إحدى جوانب مستشفى الجمهورية ترقد السيدة الأربعينية إيمان على أحد أسرة قسم الفشل الكلوي بانتظار دورها في عملية الغسيل التي تقوم بها يومين في الأسبوع وتستمر العملية لمدة أربع ساعات . بدأ عليها الإنهاك والتعب ليس من شيء فمعاناتها مع الفشل الكلوي مستمرة منذ أثنى عشر عاما تأتي من منطقة لودر مرتين وهي أم لسبعة أولاد تقول إيمان : ( زوجي موظف وراتبه 65 ألف وكلها تذهب لمصاريف العلاج فاليوم الذي يكون في غسيل يكلفني حوالي 650 من مصاريف المواصلات والعلاج لأن حتى البالستر نحن نشتريه وأكثر شيء يتعبنا هو أن السكن بعيد ، وأولادي يعملون في الأجر اليومي ونمشي حالنا ولكن أن ادعوا فاعلين الخير وأصحاب الأموال أن يهديهم الله ويوقفوا جنبنا وينظروا إلى حالنا ) . إلى جوار الخالة إيمان ترقد نسوة أخريات على أسرة المستشفى لإجراء عملية الغسيل ، وبجانبها ترقد الخالة فاطمة هي الأخرى تقوم بعملية غسيل للكلى منذ 12 عام ، والخالة فاطمة أم ل 9 أولاد توفى زوجها دون أن يترك لهم أي دخل يعتمدون عليه ، قادمة من لحج لعدم توفر أجهزة الغسيل في مستشفى ابن خلدون . تقول : ( في عدن أحيانا اضطر للتنقل بين أكثر من مستشفى في حالة عطل أجهزة الغسيل في أحد المراكز ) . وعن تبرعات فاعلي الخير قالت : ( هذه السنة لا توجد أي تبرعات ) . رمضان والمرضى ... يُفطر المرضى المرقدون والذين تجرى لهم جرعات مجبرين لعذر مرضهم الذي يفرض عليهم تناول أدوية كثيرة طوال اليوم ، ذلك الإفطار ينعكس على بعضهم بالسوء ، فيشعر الكثير منهم بشعور سيئ لأنه لا يصوم رمضان ، وأنه ربما لن يتمكن من صيام الشهر بالكامل ، لكن جميع المرضى يعلم بأن لديهم رخصة سماوية للإفطار وأنه لا جناح عليهم إذا أفطروا . أخيراً .. هذا هو حال معظم المستشفيات الحكومية في عدن ولن تختلف الصورة كثيرا عن بقية مستشفيات اليمن .. أخيراً سؤال يطرح نفسه إلى متى يستمر الحال هكذا ، و وأمراضنا يعانون الألم والعوز المادي ؟