الشهادة منحة إلهية    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    إعلانات قضائية    في وقفات شعبية وفاءً لدماء الشهداء واستمرارًا في التعبئة والجهوزية..قبائل اليمن تؤكد الوقوف في وجه قوى الطاغوت والاستكبار العالمي    فيما الضامنون يطالبون بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية .. كيان الاحتلال يواصل انتهاكاته وخروقاته لوقف إطلاق النار في غزة    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    تيجان المجد    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استراتيجية للثقافة الوطنية
نشر في الجنوب ميديا يوم 26 - 11 - 2012

أربعة عقود ونيف قد مضت من عمر دولة الإمارات العربية المتحدة شهدت خلالها الكثير من الإنجازات على صعيد الإنسان والمجتمع، وعلى صعيد الداخل والخارج، وخلال تلك العقود شهد الحراك الثقافي والفني والعلمي الكثير من الإنجازات كما شهد العديد من الإخفاقات . . أصبح المشهد الثقافي في الدولة بين مد وجزر، تقاس الإنجازات بمعايير كمية لا نوعية، ومع تلك العقود شهدت الحالة الثقافية نوعاً من الضحالة والاضمحلال بعد أن تراجع الدور المؤسسي للثقافة، وأصبح المثقف الإماراتي محاصراً بالكثير من الهموم والإشكاليات تراجع على إثرها عن القيام بدوره الريادي ومساهمته التنويرية المنتظرة .
لما كان العطاء الثقافي والإبداعي قد تراجع، وحيث إن الرصيد الثقافي والإبداعي إنما يمثل الضمان في استمرار الإنجازات المادية التي تحققت باعتبار أن صيانة تلك الإنجازات مرهون بمدى تحقيق إنتاج إبداعي وفكري وثقافي، والعمل بشكل جاد وحقيقي لتوليد الفكر والإبداع، وحيث إن الثقافة بمفهومها الواسع والثقافة الوطنية على وجه الخصوص إنما تمثل أحد أهم مفاصل التنمية والنهضة والتطور والتقدم لمجتمع الإمارات، ومن خلالها تستطيع الدولة تحقيق حضورها الفاعل والحقيقي في الساحة الدولية وفي مختلف ميادين التنمية .
فإن كل هذا يستوجب من مختلف المؤسسات المعنية رسمية كانت أم أهلية ثقافية كانت أم اجتماعية، حكومية كانت أم خاصة، اقتصادية كانت أم إبداعية أن تضطلع بدورها وتتحمل مسؤولياتها بالتعاون مع شريحة المثقفين والمبدعين من كتاب وأدباء ومحللين، من مواطنين ومقيمين حتى يمسكوا ببعضهم ويعملوا على تشخيص حالة الثقافة والفن والإبداع في دولة تنشد التطور والحضور والتنمية والازدهار .
وهنا نؤكد أن القراءة الأمينة والموضوعية والدقيقة لمسيرة الإبداع والثقافة سوف توصلنا حتماً إلى التبصر لحقيقة تلك الإنجازات وتأكيد حضورها ومعرفة الاختلالات في مسيرة العمل التنموي والإبداعي والعمل على معالجتها لضمان المحافظة على ما تم إنجازه، واستشفاف آفاق المستقبل في ضوء الثوابت الثقافية والرؤية العلمية والاستراتيجية الوطنية لا سيما في ظل ما يشهده عالم اليوم من متغيرات سريعة، وثورات علمية، وتقنية، ونقلة كبيرة في وسائل الاتصال والتواصل والمواصلات، ثم في ظل فكر جديد تفرضه معطيات العولمة الثقافية وحوار الفكر الجديد .
إذا كان العقدان الأولان من عمر الدولة قد شهدا ثقافة نوعية حقيقية كان لها تأثير مباشر على مسيرة التنمية والتطور وكانت المؤسسات الرسمية والأهلية وأعداد كبيرة من المثقفين شركاء في صياغة منظومة ثقافية كان لها عظيم الأثر في مسيرة الدولة، فإننا لا نستطيع أن ننكر أن العقدين الأخيرين قد شهدا مظاهر ثقافية سلبية اعتمدت على معايير كمية، واتسمت بأنها ثقافة استهلاكية، وشهدت معها تغييباً للثقافة الوطنية ذات الامتداد الحضاري الإنساني الأصيل، وتمددت على ساحتنا الثقافية ثقافات متداخلة ومتباينة الأهداف، ومتناقضة في الآليات والأدوات، وفقيرة في المضمون والمحتويات، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على تعزيز مسيرة الثقافة والتنمية وعلى النسيج الاجتماعي والاقتصادي في الإمارات .
وفي ضوء الأزمات التي يشهدها عالم اليوم فإن صياغة رؤية تنموية أو وضع استراتيجية ثقافية تراعي الخصوصية وتحافظ على الثوابت وتحصن الهوية إنما تشكل غاية المنظمون لهذا المؤتمر ومن خلالها نستطيع استعادة دور الثقافة والمثقفين ليمارسوا دورهم كقيادات تنويرية .
وإذا كان العنصر الإماراتي من أهل الفكر التنموي والثقافة الجادة والفاعلة ولا سيما الكتاب والأدباء والفنانين من موسيقيين وتشكيليين ومن صحفيين وبقية قيادات الفكر والتنمية الثقافية هم الطرف المعني الأول في مواجهة كل تلك التحديات والضبابية في الرؤى والاستراتيجيات، فإننا نتوجه إليهم في مؤتمرنا الأول الذي يعقد قصداً لتشخيص تلك التحديات والخروج بالتوصيات لصياغة ذاتنا الثقافية، والبحث عن هويتنا الوطنية، علنا نحقق ما نصبو إليه ونستعيد ما فقدناه ونتمكن من ترميم ذاتنا الثقافية وهويتنا الوطنية وشخصية مجتمعنا العربية .
في ضوء تلك المعطيات والمسوغات انصب تفكيرنا - نحن أعضاء اتحاد الكتّاب والأدباء - في كيفية الخروج من هذا المأزق الثقافي الذي كنا أحد أطرافه، والاتحاد أحد الأطراف المسؤولة عنه، فكان هذا المؤتمر الذي نسعى من خلاله إلى تحقيق حزمة من الأهداف، منها تشخيص الواقع الثقافي والفني والعلمي في الدولة وتحديد أسباب تراجعه خلال العقدين الأخيرين مقارنة بالعقدين الأوليين من عمر دولة الإمارات، ومن ثم تحديد رؤية (استراتيجية للتنمية الثقافة والعلمية والفنية) للنهوض بالمجتمع الإماراتي تشارك فيها مختلف الأطراف المعنية . وأخيراً تحديد أدوار المؤسسات المعنية بالفعل الثقافي الحكومية المحلية منها والاتحادية والأهلية، وصولاً إلى وضع رؤية أو استراتيجية للتنمية الثقافية تحقق أهدافنا الوطنية في بناء مجتمع محصن ووطن قوي ومستقبل زاهر .
لم يكن هدف اتحاد الكتّاب والأدباء في موسمه الثقافي هذا أن يضع في برنامج نشاطه هذا المؤتمر لإحراز صفقة إعلامية، وإنما يسعى إلى وضع رؤية استراتيجية للتنمية الثقافية، من خلال دعوة كافة الأطراف المعنية من مؤسسات حكومية اتحادية ومحلية، وجمعيات أهلية أدبية وفنية وإعلامية، ومشاركة مؤسسات القطاع الخاص من إنتاجية وخدمية إلى الجلوس على طاولة واحدة وفي وقت واحد لوضع تلك الرؤية لتكون جزءاً أو محوراً مهماً وأسياسياً ضمن رؤية التنمية الشاملة على مختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي نحن في أمس الحاجة لبناء مستقبل هذه الدولة، وتحصين المجتمع من تحديات داخلية صعبة، وأزمات خارجية مستفحلة . وأعتقد أن هذا هو أقل ما يمكن القيام به كمثقفين في الدولة للذّود عن هويتنا والمشاركة في بناء مستقبل وطننا .
في ضوء ذلك فإن محاور المؤتمر سوف تكون شاملة بدءاً من المحور المؤسساتي ويقصد به الوزارات والدوائر والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية، وقد قمنا بالفعل دعوة كل من وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ثم وزير التربية والتعليم، ثم وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في جلسة حوارية تعقب الجلسة الافتتاحية مباشرة، أما المحور الأهلي والذي يشمل الأندية الثقافية، والجمعيات الثقافية والفنية والشعبية، فإن هذا المحور يشكل أهمية كبيرة في مناقشات وفعاليات المؤتمر، وذلك لأهمية هذه المؤسسات في صياغة الرؤية ووضع الاستراتيجية بمشاركة الاطراف المعنية الأخرى ثم لأهمية هذه المؤسسات في فعاليات هذا المؤتمر، أما المحور الاعلامي فإنه يشكل حجر الزاوية في عملية البناء الثقافي، ومفصلاً حيوياً في فعاليات هذا المؤتمر، ونظراً لما للمؤسسات الإعلامية من قنوات فضائية، وصحافة محلية وإذاعات وطنية من دور فاعل في تأهيل الثقافة وصياغة مستقبل الوطن وبناء المجتمع .
ولما كان للقطاع الاقتصادي وخاصة مؤسسات القطاع الخاص ورجال الأعمال والفعاليات الاقتصادية من دور منتظر وأساسي في دعم الحراك الثقافي، وإحداث التنمية الثقافية فإن هذا القطاع الخاص أصبح طرفاً مهماً في صياغة استراتيجية التنمية ودعمها مالياً بعد أن ظل يستفيد من كل الوفورات والمزايا والتسهيلات التي قدمتها الدولة وحكوماتها الاتحادية والمحلية لأكثر من أربعة عقود من الزمن .
إضافة إلى الأهداف التي رسمها اتحاد الكتّاب لهذا المؤتمر، فإن هناك جملة من العوامل والأسباب تؤكد أهمية هذا المؤتمر والتي تجعل منه فرصة تاريخية للمثقفين الطبيعيين والاعتباريين والإسهام في بناء مستقبل هذا الوطن والمشاركة في صياغة مستقبل الأجيال المتعاقبة .
تأتي أهمية هذا المؤتمر من كونه يحمل اسم مؤسس الدولة والخالد في أفئدتنا ونفوسنا وعقولنا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الرئيس المؤسس والباني الأول والداعم لكل ما من شأنه وطني، إنساناً كان أم مؤسسة، واختيار مجلس الأمناء اسم "زايد" ليرصع به المؤتمر الأول لم يأت من فراغ بعد أن كان لزايد دور بارز في بناء الإنسان والوطن، وقد أعطى الكثير من جهده ووقته وماله لدعم الإنسان والثقافة وتنمية المجتمع، ومن الطبيعي أن يحظى هذا المؤتمر باهتمام كبير من مختلف الأوساط الرسمية والأهلية والخاصة، ومن مختلف الهيئات والمؤسسات الثقافية والعلمية والفنية، وأن يشهد هذا المؤتمر حضوراً كثيفاً من مؤسسات المجتمع المدني ومنظماته، ومن مختلف شرائح المثقفين مواطنين كانوا أم عرب، وذلك وفاء لزايد الباني والمؤسس، وليترجموا رؤية زايد وحلمه في بناء صرح دولة عصرية قوامها الإنسان الواعي والمحصن ضد محاولات التشويه والتقزيم .
إن أهمية هذا المؤتمر إنما تنبع أيضاً من رعاية كريمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المؤمن بحتمية الثقافة كإحدى ضرورات ومتطلبات إحداث التنمية المنشودة، وبدور المثقف الإماراتي في بناء مستقبل هذه الدولة والمساهمة في بناء جيل من المثقفين، إن سلطان الثقافة الذي احتضن الثقافة والمثقفين عبر عقود من الزمن وفي مختلف إمارات الدولة حيث قدم لهم الكبير من الاهتمام، والكثير من المال والطويل من الوقت، ووظف علمه وماله ووقته من أجل تحقيق النهضة الثقافية المنشودة، فمن الطبيعي أن يكون لرعاية سلطان الثقافة وحضوره ومشاركته المنتظرة في فعاليات المؤتمر دور مباشر وعامل مهم في نجاح هذا المؤتمر، ومن الطبيعي أن يشهد هذا المؤتمر حضوراً كثيفاً من المثقفين من مختلف أطيافهم ومشاربهم الأدبية والمسرحية والفنية والإعلامية والاجتماعية، لا سيما أن هذا المؤتمر يمثل فرصة سانحة وتاريخية للمثقفين بلقاء سموه والحوار معه لتحديد عوامل النهضة الثقافية الذي يسعى سموه لتحقيقها على أرض الدولة، وأن يتمخض عن هذا الحوار وضع رؤية استراتيجية لثقافة إماراتية وطنية تكون أحد مفاصل التنمية في الدولة .
إن عقد هذا المؤتمر وتأمين نجاحه والمشاركة في مناقشاته وحواراته والمساهمة في صياغة توصياته، إنما يعكس شعوراً بالولاء للوطن والانتماء لجذوره الثقافية والحضارية والإنسانية حيث بات الأمر صعباً والواقع يمثل تحدياً للإنسان الإماراتي والوطن أن يكون للمثقفين على مختلف انتماءاتهم الدور الفاعل والصوت المسموع يسهمون من خلاله في معالجة الترهل الذي أصاب المفاصل الثقافية لدولتهم، وأن يعبر هؤلاء الكتّاب والأدباء والمثقفين رؤيتهم كقادة تنوير في تشخيص مجتمع الحاضر وبناء المستقبل، من هنا فإن هؤلاء المثقفين مطالبون بالاستفادة من هذه الفرصة التاريخية للتعبير عن ولائهم وانتمائهم لوطنهم باعتبار أن الولاء مسؤولية والانتماء وطن .
تأتي أهمية هذا المؤتمر من كونه قد جاء بعد أكثر من مضي أربعة عقود ونيف من عمر الدولة، وأكثر من ثلاثة عقود من تأسيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ليعقد الكتاب والأدباء وشرائح المثقفين مؤتمرهم الأول لتقييم مسيرة العمل الثقافي والفني والعلمي، وتحديد الأهداف ووضع الرؤى والاستراتيجيات بعد أن أصاب مفاصل الثقافة الكثير من الوهن والضعف، وأصبحت مسيرة العمل الثقافي تعاني الكثير من العثرات وتواجه العديد من التحديات، وبالتالي كان لا مناص أن تجتمع الأطراف المعنية في مؤتمر عام للبحث في أسباب الضعف، ومكامن الاختلال، ودراسة سبل المعالجة والمواجهة وتحديد أسباب ومصادر القوة في مفاصل الثقافة وسبل تنميتها، سواء كانت مادية أم مالية، وسواء كانت ثقافية أو اجتماعية، وسواء كانت تشريعية أم قانونية، وسواء كانت بشرية أو مادية، وسواء كانت إدارية أم بشرية، وتوظيف تلك المصادر والإمكانات من أجل تحقيق النهضة الثقافية، ودفع الحراك الثقافي للخروج من حالة الوهن، وسبل دعم الجمعيات الثقافية وبقية مؤسسات المجتمع المدني الأهلية والرسمية للقيام بدورها في معالجة الخلل في العلاقة، وتحقيق إصلاحات جذرية في البنية الثقافية، وكذلك من أجل تصحيح العلاقة بين المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية من ناحية، والمؤسسات الثقافية المحلية والاتحادية من ناحية أخرى، ثم المؤسسات الثقافية وعلاقتها مع المؤسسات العلمية والتعليمية، ثم المؤسسات الثقافية وعلاقتها بالمؤسسات الإعلامية، كذلك تحديد دور ومسؤوليات مؤسسات القطاع الخاص والفعاليات الاقتصادية في تبني المشروعات والبرامج الثقافية ودعم مؤسساتها ومنها اتحاد الكتاب والأدباء وبقية الجمعيات الثقافية .
تأتي أهمية انعقاد هذا المؤتمر في السعي نحو وضع صيغة مناسبة وآليات علمية من أجل ترميم العلاقة بين الكتاب والأدباء أنفسهم وخاصة الأعضاء في اتحاد الأدباء واتحادهم، بعد أن شهدت العلاقة خلال السنوات الماضية الكثير من الفتور، وأصبح الاختلال في الرأي مفسدة للعلاقة الإنسانية وقد تجسد في هجرة الأعضاء لاتحادهم والبعد عن المشاركة في فعالياته وبرامجه ونشاطاته، ووضح جلياً في إحجامهم عن المشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية التي في كثير من الأحيان يتمخض عنها فوز أعضاء المجلس بالتزكية، بسبب الحضور المؤلم والتفاعل الخجول لأعضاء الجمعية العمومية، على عكس ما كنا قد شهدناه في سبعينات وثمانينات القرن الماضي من تفاعل كبير، حيث كانت اجتماعات الجمعية العمومية السنوية تشهد مناقشات ساخنة وحضوراً مكثفاً من قبل الأعضاء، رغم محدودية عددهم آنذاك .
من هنا فإن هذا المؤتمر إنما يمثل فرصة تاريخية للبحث في أسباب ضعف العلاقة بين الطرفين، وسبل معالجته وترميم وتصحيح العلاقة بما يخدم أهداف الاتحاد التي صاغها ووضعها نفر من الكتاب والأدباء من رواد العمل الاجتماعي والثقافي عند تأسيس الاتحاد، والتي آمنت بدورها وتحملت مسؤولياتها وربما يشهد هذا المؤتمر دعوتهم وتكريمهم بما يليق والدور الذي قاموا به خلال سنوات التأسيس .
يمثل هذا المؤتمر فرصة مؤاتية لفتح حوار مباشر ومناقشات علمية بين شرائح المثقفين المشاركين في المؤتمر والمسؤولين عن الحراك الثقافي في الدولة، بدءاً من وزارة التربية والتعليم المعنية بوضع اللبنة الأولى لثقافة الفرد والمسؤولة الأولى عن صياغة وعيه وتهيئته لتحمل دوره ومسؤولياته تجاه وطنه، ثم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي باعتبارها المسؤولة عن تعزيز الوعي لدى الإنسان الإماراتي وهو في مرحلة تعليمية متقدمة وتحديد مسؤولياته في بناء مستقبل وطنه، ثم وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع التي يفترض أن تكون ومعها المؤسسات الثقافية المحلية المظلة الأم للثقافة والمثقفين في الدولة، وتلك فرصة لاستماع المسؤولين إلى رؤى وأفكار المثقفين لهمومهم ومرئياتهم ورؤاهم وتطلعاتهم للمشاركة في بناء مستقبل الوطن وتنميته .
يعتبر هذا المؤتمر، وتنبع أهميته من كونه المؤتمر الأول لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ويمثل نقلة نوعية في برامج الاتحاد ومناشطه بعد أن ظل ولعقود من الزمن حبيس أنشطة تقليدية كانت أحد أسباب هجرة أعضائه عن فعاليات الاتحاد، وإحجام المثقفين من كتّاب وأدباء واعدين عن الانضمام إليه أو المشاركة في برامجه وحضور نشاطاته .
يشكل هذا المؤتمر الأول لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات - في دورة تحمل اسم الخالد "زايد" ويرعاه سلطان الثقافة - فرصة مهمة لشرائح المثقفين من أبناء الدولة والعروبة للقاء مع بعضهم البعض وتجديد العهد مع اتحادهم ومؤسساتهم الثقافية، ولقاء مثقفين آخرين من أعضاء الجمعيات والمؤسسات الثقافية الأخرى كالتشكيليين، والصحفيين، والمسرحيين، والموسيقيين، والسينمائيين، ثم لقاء هؤلاء المثقفين مع المسؤولين الرسميين في الدوائر والوزارات المعنية تحت مظلة هذا المؤتمر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.