بعد مضي أكثر من عامين على انتصار الثورة المصرية بدأت موجة جديدة من الاعتراضات في الشارع المصري وهناك أخبار تشير إلى عودة النظام الدكتاتوري السابق ما يؤدي إلى حدوث نتائج وخيمة. القاهرة (فارس) في الأشهر المنصرمة بدأت موجة جديدة من الاضطرابات على الساحة المصرية وقد تمخض عنها سقوط مئات القتلى والجرحى واعتقال الآلاف بعد أن أطيح بالرئيس المنتخب محمد مرسي في "انقلاب عسكري" بدعم خارجي. يذكر أن غالبية العسكر الذين تزعموا هذا "الانقلاب" هم من رموز قادة الجيش في عهد الدكتاتور المخلوع حسني مبارك حيث تنصب مساعيهم في تأسيس نظام حاكم موال للغرب و"إسرائيل"، كما تم إطلاق سراح الدكتاتور مبارك من السجن ما أدى إلى إثارة قلق الثوار الذين أطاحوا بحكمه قبل عامين وقدموه للمحاكمة بعد توجيه تهم له بالفساد المالي وقتل الشعب المصري حيث كان الشعب ينتظر محاكمته بفارغ الصبر ويطالب بإعدامه لكن ذلك لم يحدث لأسباب مختلفة. لقد تولى العسكر زمام الأمور في مصر بعد الإطاحة بحكومة محمد مرسي القانونية وأسسوا حكومة مؤقتة ما زاد من نطاق الاعتراضات الشعبية فنزل الناس إلى الشوارع بين مؤيد ومعارض لتحدث نزاعات دامية راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح حيث استخدم الجيش مختلف أنواع الأسلحة لإقرار الأمن في البلاد وبالتالي سقط الكثير من القتلى من بين معارضي الحكومة المؤقتة الجديدة التي أقامها العسكر. وبكل تأكيد فإن أوضاع مزرية كهذه عندما تحدث في بلد كبير مثل مصر سوف تكون لها نتائج وخيمة على جميع البلدان الإسلامية في المنطقة، وهذا السيناريو قد خطط له محور عربي - غربي بهدف إعادة النظام الدكتاتوري السابق إلى دفة الحكم في القاهرة لتحقيق مصالح خاصة كما هو جلي في تصريحات بعض الساسة الأمريكان وكما هو مشهود من تصرفات بعض البلدان العربية كالسعودية وقطر، فهذه البلدان تعمل بشكل صريح على توفير الأمن للكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الفلسطينية إذ إن الرجعيين من الحكام العرب قد وقفوا جنباً إلى جنب مع أسيادهم الغربيين بعد إسقاط حكومة مرسي ودعموا قادة الانقلاب العسكري ولا زالوا يقدمون لهم مساعدات غير محدودة. إن نظام الدكتاتور المخلوع حسني مبارك قد قدم خدمات لا حدود لها للغرب طوال ثلاثة عقود من الزمن لذلك بعد عام 2011 إثر سقوطه واجه الصهاينة والغربيون في المنطقة صفعة قوية زعزعت مصالحهم ما حدا بهم لأن يخططوا بالتعاون مع حلفائهم من الحكام العرب طوال عامين لإعادة سلطة صديقهم الوفي مبارك من أجل تحقيق مطامعهم اللامشروعة. يذكر أن مصر هي أول بلد عربي اعترف رسمياً بالكيان الصهيوني الغاصب ما أثار سخط المسلمين آنذاك ولكن حكومة مبارك بقيت وفية لهذا الكيان اللقيط حتى آخر لحظة من حياتها وعلى هذا الأساس نلاحظ أن الصهاينة لعبوا دوراً أساسياً في الأحداث التي جرت مؤخراً في مصر. لقد حاول الشعب المصري في عام 2011 إقرار نظام سياسي مستقل عن الغرب فثار ضد الحكم الدكتاتوري إلا أن بعض القوى الأجنبية تحالفت ضده وأزمت أوضاعه، وبالطبع فإن هذا البلد له تأثير كبير على الساحة الإقليمية والإسلامية ويلعب دوراً بارزاً في التغييرات التي تطرأ في العالم الإسلامي لذلك لم تتركه القوى الغربية والعربية الرجعية وتدخلت فيه بشكل علني غير مبرر، ولكن السؤال الذي يطرح هنا هو: ما هو مصير الانجازات التي حققتها الثورة المصرية؟ فقد سقط الآلاف من الشعب المصري بين قتيل وجريح لإقرار حكم شعبي غير عميل للغرب والصهاينة، إلا أن القطريين والسعوديين الذين يعتبرون الممثلين الدائمين للأمريكان والصهاينة في المنطقة كانوا ولا زالوا أكثر حماساً من أربابهم في محاربة تطلعات الشعب المصري ولعبوا دوراً بارزاً في إجهاض الثورة المصرية ولا سيما بعد "الانقلاب" العسكري لدرجة أنهم فور قطع الاتحاد الأوروبي لمساعداته المالية لمصر أعربوا عن استعدادهم لتقديم مساعدات تسد هذا النقص! وهذا الأمر بالطبع يزيد من الطين بلة ويزيد من إراقة دماء أبناء الشعب المصري لا محالة. /2336/