ينقل المصمم الإيطالي، كارلو بالميرو، حبه للطبيعة من خلال المجوهرات والساعات، فيجسد عناصرها عبر الأحجار الملونة التي تتيح له ابتكار تصاميم تنتهي بتقديم مشهد يشبه المنحوتة الفنية. وبعد رحلة طويلة في عالم المجوهرات، أطلق خلال زيارته الاخيرة إلى دبي مجموعته الأولى من الساعات، التي جسد فيها فصول السنة الأربعة، معتمدا على أوراق الشجر بشكل أساسي لترصيع الساعات، فتارة تتساقط في أسفل الساعة، وتارة تظهر خضراء على شجرة مزهرة، فيما الثلج الأبيض أبرز الشتاء، وحلّت الألوان الزاهية في وقت الربيع. ألوان تاريخ الساعات المرصّعة حتى القرن ال18 كانت الساعات الفاخرة ترتكز على الميكانيكية العالية الدقة التي تميزها عن غيرها، الى أن بدأت تظهر الساعات المرصعة مع دور الساعات العالمية الفاخرة، وأبرزها فان كليف وكارتييه. ومنذ ان ظهرت الساعات المرصعة في هذه الدور العالمية، بدأت النساء تقبل على شراء الساعات المرصعة، لاسيما مع تطور دور المرأة في المجتمع، حيث باتت قوة فاعلة ومنتجة. أما في القرن الحالي، فباتت الساعات المرصعة من المتطلبات الأساسية للمرأة التي تبحث عن التألق في السهرة، ولهذا تنافست الدور على تقديم الساعات المرصعة، حتى باتت دور المجوهرات تخصص قسماً خاصاً للساعات المرصعة، وبالتالي لم يعد الحصول على ساعة مرصعة بالألماس يتطلب شراءها من دور الساعات المتخصصة. إلى جانب ذلك أتاح التنافس بين دور المجوهرات والساعات الفرصة للحصول على ساعات بأسعار متباينة، وألوان وتصاميم مختلفة. تميزت ساعات الفصول الأربعة بألوانها المتباينة، وقد اعتمد المصمم الايطالي فيها على الشجرة في وسط الساعة، التي حملت التصميم نفسه تقريبا في الساعات التي تمثل الشتاء والخريف والربيع. وقد استخدم المصمم الأحجار البنية لتحديد اغصان الشجرة في هذه الفصول، فكانت محددة بأطرافها الحادة دون أوراق، فيما عمل على الأرضية بألوان متباينة، فاحتل الألماس الابيض ساعة الشتاء، فيما الأصفر والاحمر والقليل من الأزرق الداكن في سماء الخريف، وأخذ الربيع الكثير من الاخضر الى جانب الألوان الزاهية. أما ساعة فصل الصيف فقدم فيها بالميرو الشجرة بتصميم مختلف، حيث حدد أطرافها بالأحجار البينة، وعاد بعد ذلك ليملأ وسطها بالأحجار الخضراء، فيما تماوجت في وسط الساعة الألوان بين الاحمر والأزرق والأصفر. الى جانب الساعات تضم المجموعة التي قدمت في دبي تصاميماً كثيرة من المجوهرات المستوحاة من الطبيعة أيضاً، معتمداً على التدرج في الألوان التي يستخدمها، لتصبح القطعة تشبه في حلتها الختامية النسخ عن الطبيعة. وضمت المجموعة الأقراط والقلائد والخواتم، وأخذت أشكالاً متباينة تنوعت بين الزهور وأوراق الشجر الى جانب الحيوانات أو الطيور والحشرات، كالعنكبوت والفيل والتمساح. ساعات قال بالميرو عن تفاصيل دخوله عالم الساعات، إن هذا العالم «يرتبط بعالم المجوهرات بشكل كبير، فمن خلال الأحجار والعمل على الترصيع يمكن التأكيد على ان التفاصيل المهنية لا تختلف كثيرا، طالما ان الطبيعة تحدد مساراً عملياً في أغلب الاحيان». واعتبر أن الطبيعة هي المحفز الأول لعمله، الى جانب اهتمامه بتوافر النواحي الفنية، مشيرا الى انه استوحى المجموعة من الشاعر الياباني «هوكو»، الذي يحمل شعره الكثير من المعاني العاطفية الحالمة، والتي تأخذ صورها من الطبيعة. وبين بالميرو انعدام الاختلاف في العمل على الساعات والمجوهرات، مؤكداً ان الفن يتطلب تكوين الهوية الخاصة التي تشكل بصمته في عالمه الخاص الذي يعمل به، لافتاً الى ان الاعتماد على الطبيعة ميزة اكتسبها من خلال عمله عبر السنين. تتطلب الساعات الدقة الميكانيكية كي تستطيع ان تنافس الساعات الثمينة، وقد أكد بالميرو في هذا الاطار، أنه اعتمد على الميكانيكية السويسرية في الساعات، ليتمكن من تحقيق الموازنة الحقيقية بين الدقة في الناحية الميكانيكية، وكذلك التميز والإبهار في الناحية الفنية المتعلقة بالتصميم. واعتبر ان الحركة الداخلية للساعة تهم المرأة، لكن في الواقع تتعاطى معظم النساء مع الساعة على انها قطعة مجوهرات توفر للمرأة معرفة الوقت، ولهذا كمصمم مجوهرات، هي تشكل بالنسبة لي قطعة فنية تماماً كأي خاتم او قلادة أصممها. أما تفاصيل مجموعة الفصول الأربعة، فنوه بالميرو، بأنه بدأ بتنفيذها عبر قطع المجوهرات، فضمت المجموعة الخواتم والأقراط، ثم ما لبث ان نقلها الى الساعات، معتمدا على المساحات الخضراء في الطبيعة بشكل أساسي. وشدد على ان الطبيعة التي يحبها كثيراً لا ترتبط فقط بحبه لطبيعة ايطاليا حيث نشأ وعاش، لأن الكثير من المجموعات التي قدمها كانت مستوحاة من طبيعة البلدان التي زارها. ورأى ان الطبيعة والفن هما على تماس دائم، فالطبيعة هي مصدر مهم لمن يريد ان يقدم في عمله الإبداع الحقيقي. ورأى ان الاعتماد على الطبيعة يجعله يطبق الامور بشكلها الطبيعي، فهو لا يعتمد على الألوان فقط، بل ايضا يجب ان يقدم الشعور من خلال العوامل مجتمعة، بدءاً بألوان الاحجار ووصولاً الى الشكل والتجسيد في الصورة النهائية.