د. عبد العزيز حسين الصويغ كيف يمكن أن يُعتبر موقفا سياسيًا صحيحًا إذا ما قامت به دولة ما. وغير صحيح إذا ما قامت به دولة أخرى؟! الحكم على نفس العمل من منطلق السياسة لا يعتمد هنا على الموقف نفسه.. ولكن على العلاقة التي تحكم دولة بدولة أخرى، وما يجمع بينهم من مصالح، فرغم ما تدّعيه بعض الدول من الالتزام بالمبادئ والأخلاق في سياستها، فإن الواقع العملي يُشير إلى أنه "لا أخلاق في السياسة ولا سياسة في الأخلاق". كما أن ليس في السياسة صداقة كاملة ولكن هناك مصالح تربط بين الدول لها الأولوية على كل المبادئ والمثل. فالدول تجمعها المصالح وتفرقها المصالح. *** ويُعبِّر كتاب (الأمير) لنيكولو مكيافيللي عن هذا المنطق في العمل السياسي، ويُعتبر "الروشتة" التي وضعها لفلسفة الحكم والتي انتهى فيها إلى ما أصبح يُسمى بالمكيافيللية السياسية التي كانت صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية. وكلا السياسة والأخلاق تستهدفان تمليك الناس رؤية مسبّقة تجعل لحياتهم هدفًا ومعنى، وبالتالي تلتقيان على الدعوة لبناء نمط معين من المبادئ والعلاقات الإنسانية والذود عنهما، لكن تفترقان في أن طابع المبادئ والعلاقات التي تعالجها السياسة تختلف نوعيًا عن تلك التي تتناولها الأخلاق تصل إلى حد التعارض عند مكيافيللي الذي يغلّب السياسة على الأخلاق، ليظهر السلوك المكيافيللي كما لو أنه يتنكر صراحة لجميع الفضائل الأخلاقية حين يبرر استعمال كل الوسائل لتحقيق الغايات السياسية!!.. *** والثابت أن الفلسفات الكبرى، كل الفلسفات تتكشف عن أنها فلسفات قيمة، ما دام كل واحدة منها تدعي تقديم قواعد للفكر وللعمل وللسلوك؛ فهي تسعى لتحديد صيغة الحقيقة وخاصة الحكمة، وتمّيز الواقع عن ظاهر الواقع أي تحدد الأمرين معًا. لكن عادة ما يكون التطبيق العملي بعيدًا عن كل ما يُقال من مبادئ وقيم. لذا فلقد كان غزو الولاياتالمتحدة للعراق، من وجهة نظر الرئيس "جورج دبليو بوش" تكليفًا إلهيًا له ليقود الناس إلى طريق الحق. وقد أكد في خطاب حفل تنصيبه الثاني في 20 يناير 2005 أن "سياسة الولاياتالمتحدة هي السعي إلى تحقيق الديمقراطية، ودعم نمو الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل أمة وثقافة، وأن الهدف النهائي هو وضع حد للطغيان في العالم". وربما كان "بوش" يؤمن بما يقوله.. لكن كان قليلون، حتى من العاملين معه، يعرفون أنه واهم.. وأن أي حديث عن رسالة أمريكية لصالح الأخلاق أو الديمقراطية هو مجرد هراء. *** ولن نتوغل كثيرًا في هذه المسألة وسأنهي ببعض أقوال جاءت على لسان بعض الكتاب ورجال الفكر، اقتبستها من مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية: - (الاستبداد يتصرف في أكثر الأميال الطبيعية والأخلاق الحسنة، فيضعفها أو يفسدها أو يمحوها.. هو يقلب القيم الأخلاقية رأسًا على عقب ليغدو طالب الحق فاجر وتارك حقه مطيع، والمشتكي المتظلم مفسد، والنبيه المدقق ملحد، والخامل المسكين صالح أمين).. عبدالرحمن الكواكبي. - (إن الشر لا يقتل الشر كما النار لا تطفئ النار).. تولستوي. - (الموت هو الوجه الآخرُ للسياسة. كل من ساس خاطر. وكل من خاطر نجا لأجل ما، أو فقد روحه في مصطدم المناورة والعداء).. الحاكم بأمر الله الفاطمي. - (من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك).. مكيافيللي. - (إن سلوك الإنسان هو أكثر ما يدل على سياسته).. محمد الغزالي. - (إن الاخلاق إذا فسدت فسدت الأمة).. كنفوشيوس - (إذا كان العلم دون ضمير خراب الروح. فإن السياسة بلا أخلاق خراب الأمة).. مالك بن نبي. - (في عصرنا لا يوجد شيء اسمه بعيدًا عن السياسة، كل القضايا هي قضايا سياسية).. جورج اورويل. * نافذة صغيرة: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. القلم/ 4. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain