فقد العلماء خسارة فادحة في حق الأمة –أي أمة- لا تعوّض بثمن، ففي مكةالمكرمة انتقل إلى رحمة الله تعالى معالي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالملك بن عبدالله بن دهيش الرئيس العام لتعليم البنات سابقاً بعد معاناة مع المرض لم تمهله طويلاً، وصلي عليه بالمسجد الحرام ظهر يوم الجمعة 23/10/1434ه، وبرحيله تفقد المملكة العربية السعودية أحد علمائها الأفاضل ورجالاتها المخلصين المشهود لهم بالعلم والدين والورع والصلاح والتقوى. * والراحل عالم وباحث ومحقق وفقيه ومؤرخ: أثرى بمؤلفاته العديدة المكتبات ودور العلم.. نهل من معينها الثر طلبة العلم على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم وخاصة فيما يتعلق بحدود الحرم/ وحدود المشاعر المقدسة/ والقضاء في مكةالمكرمة قديماً وحديثاً، وعن أعلام الحرم/ وعن الصفا والمروة/ وعن مصادر تاريخ مكةالمكرمة/ وعرض مفصل لموارد الفاكهي في كتابه: "أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه"/ وعن رمي الجمرات تاريخ وشعائر... إلى غير ذلك من البحوث والمشاركات العديدة؛ التي لا تتسع لها مساحة المكان، والتي هي أكثر من أن تحصى.. إضافة إلى حصوله على العديد من الإجازات العلمية والشهادات التقديرية والفخرية. * عمل في التعليم ثم قاضياً بمحكمة مكة، فمساعداً ورئيساً لها.. ونائباً للرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين، ثم رئيساً لتعليم البنات بمرتبة وزير. * نهض بجهاز تعليم البنات نهضة تطويرية وتربوية رائدة في شتى مجالاته من تطوير في المناهج وفتح العديد من الكليات والجامعات والتوسع في فتح العديد من مدارس التعليم العام في المدن والقرى، وإنشاء المباني المدرسية وتوفير النقل المدرسي بأنواعه للطالبات في المدينة والقرية وفتح أقسام للدراسات العليا والحث على الابتعاث.. وقد شهد هذا الجهاز في عهده من التقدم والرقي ما لم يشهده من قبل، إضافة إلى تطور العمل الإداري (تقنية وروتيناً)، وتوفير الوظائف وتحريك الترقيات. * وللراحل رحمه الله إسهامات عديدة في وجوه البر والخير في الداخل والخارج، وداره العامرة مفتوحة أبوابها لكل قاصد ومحب، وأياديه البيضاء لا تكف عن البذل والعطاء، يُقدِّر الناس وينزلهم منازلهم، صاحب خلق رفيع وتواضع جم، وفيٌّ مع أصدقائه وزملائه ومعارفه، يتعهدهم بالسؤال الدائم.. يسأل عن غائبهم ويعود مريضهم. * ومهما استرسلت في ذكر مناقب الراحل الحميدة.. فلن آتي ولو على جزء يسير منها.. لأنها أكثر من أن تحصى.. وحسبنا أنه خدم أمته ووطنه وقيادته بجد وأمانة وإخلاص.. وسيظل صورة بارزة ووضيئة في سجل الخالدين من أبناء الوطن على امتداد التاريخ. * رحم الله (أبا عبدالمحسن) رحمة واسعة، وأسكنه جنات النعيم مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وجزاه بما عمل وأنجز لأمته ووطنه خير الجزاء، وجعله الله في ميزان حسناته. وألهم ذويه الصبر والسلون. (إنا لله وإنا إليه راجعون).