يبدو أن الولاياتالمتحدة الأميركية تستعد للقيام بهجمة عسكرية محدودة في سوريا لإرغام بشار الأسد على المشاركة في مؤتمر جنيف2 كي يقدم تنازلات ويتعهد بعدم التعرض للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة بهدف تمهيد الأرضية لسيناريو تقسيم سوريا والحفاظ على أمن الكيان الاسرائيلي. واشنطن (فارس) ويركز المحللون اهتمامهم اليوم على تقييم استراتيجية الولاياتالمتحدة الأميركية بالنسبة إلى سوريا ويترقبون ما ستؤول إليه الهجمة العسكرية المحتملة، ولكن لحد الآن لا يمكن التنبؤ بمستقبل هذا البلد في حين أنه هناك إصرار كبير من قبل الكيان الاسرائيلي وتركيا والسعودية على تدمير سوريا، وذلك بهدف ضمان أمن كيان الاحتلال داخلياً وإقليمياً. ويمكن تلخيص واقع الموقف الأميركي بما يلي: 1 - الهدف هو ليس تغيير النظام الحاكم في دمشق لأن هذا الأمر يتطلب هجمة واسعة وتدمير جميع التنظيمات الحكومية الموجودة حاليا وكذلك ليس هناك بديل للأسد حالياً ولا سيما أن واشنطن تتخوف من مخاطر التكفيريين الموالين لتنظيم القاعدة و"جبهة النصرة"، وما يزيد الطين بلة أن المعارضة السورية مشتتة وليست لديها أية قيادة موحدة. 2 -تسعى واشنطن لتغيير مواقف حكومة الأسد وإضعافها بذريعة ردعها عن استعمال الأسلحة الكيمياوية ومنعها من شن هجمات جوية ضد مقرات المعارضة عن طريق إيجاد منطقة حظر طيران في بعض محافظات البلاد. 3 -العمل على تحقيق الأهداف المنشودة التي جعلتها الإدراة الأميركية خطوطاً حمراء والحفاظ على هذه الاستراتيجية مقابل الجمهورية الإسلامية الإيرانية. 4 - إرغام الجمهورية الإسلامية وحزب الله على سحب قواتهما من سوريا. 5 - إيجاد منطقة حظر طيران في ثلاث محافظات محاذية للحدود التركية والأردنية وإجبار حكومة الأسد للموافقة على منح هذه المناطق حكماً ذاتياً تحت غطاء مؤتمر جنيف2. 6 - الاستجابة لمطالب اللوبي الصهيوني في واشنطن، حيث إن الصهاينة يعتقدون أن بشار الأسد قادر على اجتثاث القوات المعارضة وستصبح سوريا مصدر تهديد ل "إسرائيل" مرة أخرى. 7 - الحيلولة دون تقدم الجيش السوري على الأرض وتحقيق انتصارات أكثر والعمل على مساعدة الإرهابيين عبر توفير فرصة زمنية لهم كي ينظموا صفوفهم. 8 - تقوية روحية المعارضة التي فقدت الثقة بقدراتها. 9 -العمل على إقناع بعض المسؤولين في الحكومة السورية بأن ينشقوا وينضموا إلى المعارضة. 10 -تمهيد الأرضية لهروب أكبر عدد من الجيش السوري. 11 - تفعيل الموقف الأميركي في المنطقة وسوريا بالتحديد بعد أن شهد برود واضح. 12 - الحيلولة دون تنامي الثقة بالنفس من قبل إيران بعد أن بسطت نفوذها في المنطقة بشكل واسع. 13 -تلبية رغبات البلدان العربية الداعمة للإرهاب والممولة للحرب الطائفية السنية الشيعية. 14 -إشعار المعارضة السورية بأن الإدراة الأميركية صديق يمكن الاعتماد عليه لكي تكون حليفاً وفياً لها إذا ما تمكنت الاستئثار بالحكم في دمشق. 15 - إقناع الكيان الاسرائيلي بأن الولاياتالمتحدة داعمة لها دون قيد أو حد، وأنها لا تحتاج لأن تتخذ أي إجراء لوحدها، لذا عليها أن تثق بواشنطن كسند أمين. أما طبيعة الهجمة الأميركية المحتملة ضد سوريا فيمكن التنبؤ بأنها محدودة غير واسعة النطاق وذلك للأسباب التالية: 1 - الهجمة الواسعة تكلف واشنطن ملايين الدولارات. 2 - قد تؤدي إلى اتساع نطاق الحرب بشكل لا يطيقه الجيش والشعب الأميركي. 3 - وقوع خسائر بشرية كبيرة بين القوات الأميركية وهو أمر تخشاه واشنطن إلى حد كبير كونه يؤلب الرأي العام ضدها. 4 - تؤدي إلى دخول أطراف أخرى في النزاع لأن حكومة بشار الأسد ستكون مخيرة بين الزوال والمقاومة بأي شكل من الأشكال وبالتالي فإنه سيقحم القوات الأميركية في حرب شاملة خارج حسابات البيت الأبيض. أما الأهداف التي قد توجه القوات الأميركية نيرانها نحوها في عمق الأراضي السورية فهي عبارة عن: 1 -البنى التحتية 2 - القواعد الصاروخية 3 - القواعد العسكرية الهامة 4 -مقرات القوات الإيرانية وحزب الله لبنان 5 -المخازن التي يدعى أنها تشمل أسلحة كيمياوية 6 - المراكز الاستخبارية الحساسة ومن الجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة قد لا تستهدف جميع المراكز الحكومية كما فعلت في العراق، لأن ذلك يضعف الحكومة المستقبلية التي تعينها واشنطن لأن البلاد ستتحول إلى ساحة تصول فيها القوات الإرهابية. أما المشاكل الاستراتيجية التي تعترض طريق واشنطن في الهجوم على سوريا إذا ما شنت هجمة محدودة النطاق فيمكن تلخيصها بما يلي: 1 -الهجمة المحدودة بطبيعة الحال قد لا تحقق أية نتائج مفيدة لواشنطن وهذا ما تعرفه إيران وحزب الله بشكل جيد. 2 - الهجمة العسكرية من شأنها تعويض النقص الحاصل في موازنة القوى، ولكنها غير قادرة على حل الخلافات العقائدية المتجذرة. 3 - العسكريون الأميركان يرغبون بهجمة محدودة، لكن السياسيين يؤيدون شن هجمة واسعة النطاق. 4 -قد تواجه الهجمة المحدودة ردة فعل واسعة وتتحول إلى حرب شاملة. 5 -لا توجد خطة أميركية للهجمات التي يحتمل أن تعقب هذه الهجمة المحدودة. 6 - الهجمة المحدودة قد تزيد من وخامة الأوضاع في سوريا، وبالتالي فإن المعارضة السورية ستواجه خسائر فادحة جراء ردة فعل الجيش السوري. 7 - الهجمة المحدودة لا يمكن أن تكون سبباً لتغيير موازنة القوى في المنطقة أو العالم. 8 - الهجمة المحدودة قد لا تحقق أي هدف منشود وتحمل الشعب الأميركي نفقات اقتصادية كبيرة غير مبررة. 9 - على الحكومة الأميركية أن تحصل على تأييد من الكونغرس للقيام بحرب طويلة الأمد. 10 -الجمهوريون يدعون للقيام بهجمة واسعة النطاق ويعارضون الهجمة المحدودة. 11 - على أوباما منح الجمهوريين حوافز للحصول على تأييدهم. 12 -ليست هناك أية مصالح استراتيجية لواشنطن جراء أية هجمة عسكرية ضد سوريا. 13 -يجب أن تكون هذه الهجمة سبباً لتغيير مصير الحكم في سوريا وبالطبع فإن الهجمة المحدودة لا يمكن أن تحقق هذا الهدف. 14 -أية هجمة عسكرية ضد سوريا ستؤلب الرأي العام ضد الولاياتالمتحدة، وبالتالي فإن المخطط الأميركي في تقوية الصراع السني الشيعي قد يواجه الفشل. 15 -تغيير النظام في سوريا بالطبع سيؤدي إلى تغيير طبيعة الحكم في هذا البلد ولربما سيتصدى للحكم من لا يوالي واشنطن بالكامل وبالتالي تنتفي الفائدة من كل الجهود المبذولة. 16 -الهجمة العسكرية ستخلق صراعاً بين واشنطن من جهة وبين منظمة الأممالمتحدة والصين وروسيا من جهة أخرى. 17 -بعد انسحاب بريطانيا وألمانيا هناك مخاطر تهدد مستقبل استراتيجية الحروب الأميركية في العالم وبالتالي فإن الهجوم على سوريا قد يجعلها وحيدة في صراعاتها القادمة. 18 -فقدان التيار الديمقراطي في الولاياتالمتحدة لمكانته. 19 - عدم رغبة واشنطن بتكرار ما حدث في العراق ولا سيما أن حكومة بشار الأسد تحظى بدعم شعبي واسع. 20 - الولاياتالمتحدة لا تمتلك معلومات كافية لتعيين أهدافها بدقة في سوريا، لذا فإن أية هجمة قد لا تحقق الأهداف المنشودة. وهناك مسائل أخرى لا يسع المجال لذكرها، وخلاصة الكلام أن الولاياتالمتحدة قد تشن هجمة عسكرية محدودة لكنها شديدة من أجل تحقيق أكبر ما يمكن تحقيقه من نتائج مرتقبة ولتلبية طلبات حلفائها في المنطقة ولا سيما السعودية وتركيا و"إسرائيل" بغية توفير الدعم الكافي لكيان الاحتلال وضمان أمنه الداخلي والخارجي.