ذكريات كثيرة تحتفظ بها السيدة «قمر» عن زوجها الراحل الفنان الكبير لطفي زيني، وفي حوارها اليوم مع «الأربعاء» اعترفت فعلا بأنه ترك لها ذكريات لا تُنسى، وقالت إنها لا تنسى أبدًا الأغنيات التي كتبها لطفي زيني عنها ومن أشهرها أغنية «يا قمر تونس حنانك» التي كتبها لها وباسمها بالإضافة إلى أغنيات أخرى كان آخرها «ما دام معايا القمر مالي ومال النجوم» وجميع هذه الأغنيات غناها المبدع الكبير طلال مداح يرحمه الله.. في حوارنا التالي مع السيدة «قمر»، كان فرصة للتعرّف على بعض من هذه الذكريات، وعلى حياة ورحلة الفنان لطفي زيني، فكان الحوار التالي.. * السيدة قمر الإعلامية السابقة بتونس وزوجة الفنان الراحل لطفي زيني.. عاصرتِ المراحل الأولى للفن بالسعودية.. كيف تصفين الفن قديمًا في تلك الفترة؟. - قبل قدومي إلى السعودية كان الصوت الوحيد الذي وصلنا في تونس هو صوت طلال مداح الله يرحمه وكان من أجمل وأرق الأصوات التي سمعتها في حياتي، وعند حلولي بجدة تعرّفت على أصوات فنانين اخرين أمثال فوزي محسون وعبدالله محمد ومحمد عبده وعبادي الجوهر وكانوا كلهم متميزين كل في لونه، وأما الممثلون الكوميديون فقد كانوا مجموعة رائعة أبرزهم كان حسن دردير وعبدالعزيز الهزاع وأبو مسامح ولطفي زيني طبعًا، كان هؤلاء إلى جانب مجموعة أخرى هم رواد الفن السعودي في ستينيات القرن الميلادي الماضي من بدايات التلفزيون، وكانوا يتميزون بالصدق والتلقائية وخفة الظل وكانوا مثابرين ومخلصين للفن ولأنفسهم، فنجحوا وصنعوا تاريخًا للفن في السعودية، وقد زاد في بروزهم ورسوخهم إقبال الجماهير وانبهارها بالتلفزيون وما يقدمه، حيث كان الراديو والتلفزيون هما المصدر الوحيد للترفيه آنذاك. * ضمن ماراثون القنوات والفنانين في التحضير والإعداد لبرامج رمضان اليوم.. ما هي النقاط التي كان يحرص الراحل لطفي زيني على أن تتوفر في اختياراته للبرامج التي يقدمها في رمضان؟. - أجابت مبتسمة وهي تستعيد الذكريات: حقيقة كان لطفي زيني شعلة متقدة لا يهدأ ولا يكل، كان دائمًا قلقًا باحثًا عن أفكار جديدة، كانت اهتماماته دائمًا مركزة على السلوكيات الخاطئة في المجتمع، فكان يتناولها بالنقد الناعم في قالب كوميدي خفيف يتقبّله المتلقي بصدر رحب ويتفاعل معه بدون أن يشعر بحرج، واما بالنسبة للأطفال فقد كان يختار لهم موضوعات خيالية يقدم خلالها التشويق بطريقة سلسة فيها رسالة تتوافق مع فكرهم ومخيلتهم. * اختلفت المعطيات والتوجهات الإعلامية فيما يتعلق ببرامج الأطفال، وتغيّرت معها اهتمامات الطفل.. من وجهة نظركِ ما هي الاختلافات التي لاحظتيها بين البرامج الرمضانية الموجهة للأطفال قديمًا واليوم؟. - أجابت اسفة: قديمًا -أي في الستينيات وإلى نهاية السبعينيات تقريبًا- كانت البرامج التلفزيونية تُنجز بطرق بسيطة جدًا وبإمكانات متواضعة ولكنها كانت ناجحة وكان إقبال الاْطفال عليها كبيرًا، واليوم ومع التكنولوجيا الحديثة وتعدّد الوسائل والأدوات أصبح هناك جمالية وإبهار وإبداع، وهناك إقبال لا بأس به من الطفل، ولكن للأسف طفل اليوم يختلف كثيرًا عن طفل الأمس، إذ تشتت فكره وقل تركيزه ولم يعد يشدّه أو يسعده أي شيء، وذلك يرجع لعدة أسباب وعوامل شوّهت طفولة الطفل أهمها احتباس طاقته وتوجيهها وجهة غير صحيحة، إضافة إلى عدم ترشيده في التعاطي مع التكنولوجيا وأدواتها، فتعامل معها بطريقة خاطئة أضرت به أكثر ما نفعته. * تعددت البرامج في عصرنا الحالي ما بين ترفيهية ودرامية وغيرها الكثير.. في رأيكِ هل هناك شخصية سعودية اليوم استطاعت ان تحل محل لطفي زيني؟. - بكل صدق هناك ثلة من الفنانين السعوديين الذين فرضوا وجودهم على الساحة واستحقوا التقدير والإعجاب ونالوا رضى الجماهير العربية في كل مكان، أذكر منهم الان عبدالله السدحان وناصر القصبي ويوسف الجراح، وقد تأسفت كثيرا لانفصال ناصر القصبي وعبدالله السدحان وأتمنى لهما العودة بقوة مع اْفكار جديدة، وهناك الكثير ممن يستطيع أن يحل محل لطفي بلونه الخاص طبعًا، ولكن الفرق بين جيل لطفي زيني وجيل اليوم من الفنانين أن الفنان اليوم أمامه ألف منافس وألف قناة تبث الاف الأعمال الجيد منها والرديء، بينما في أيام لطفي وجيله كانت الساحة الفنية لهم لوحدهم وهناك قناة واحدة والجماهير كانت كلها متفرغة لهذه القناة فقط. * «بابا صابر» الشخصية التي قدمها الراحل لطفي زيني.. كانت شخصية يقلدها الأطفال الصغار ويقتدون بها، بل كثير من الأطفال اليتامى كانوا يعتبرون «بابا صابر» أبًا لهم.. هل يوجد اليوم شخصية ك «بابا صابر» قادرة على توجيه الأطفال ولها مكانة كمكانة «بابا صابر» في نفس الطفل؟. - على حد علمى لا يوجد اليوم مثل هذه الشخصية، وحتى وإن وجدت أو وُجد لها بديل فلابد من مراعاة ظروف طفل اليوم الفكرية والنفسية، والتعامل معه بحذر لما يعانيه من تشتت وارتباك بسبب ما يدور حوله من مشاكل الكبار وحروبهم وصراعاتهم، وبسبب ما يفرضه عليه الإعلام (المبرمج) لإنشاء طفل تائه لا يستطيع التمييز بين الحق والباطل. * كيف كان استقبال السعوديين والمجتمع السعودي لكِ كتونسية؟. - نظرًا لطبيعتي المرنة وصدق مشاعري وتلقائيتي فقد تقبّلتني عائلة زوجي وهي عريقة وكريمة، تقبّلتني بكل حب وتقدير وترحاب، واحتضنتني ووجدت فيها السعادة العائلية الحقيقية، واندمحت بسرعة في المجتمع السعودي وتعزّز انتمائي إليه بإنجابي لأبنائي الثلاثة. * هل تشعرين أن لطفي زيني نال بعد وفاته نصيبه من الإشادة الفنية والإعلامية كأول ممثل سعودي قدم للتلفزيون السعودي العديد من الأعمال الزاخرة؟. - اعتقد ذلك.. اعتقد انه نال حظًا وافيًا من اهتمام الإعلام بعد وفاته، وأنا شخصيًا تلقيت العديد من الاتصالات من الإخوان الإعلاميين الذين كانوا يودون إجراء مقابلات معي للتحدث عن مسيرة لطفي زيني، وأنا في الحقيقة بصدد كتابة هذه السيرة من منظوري أنا الخاص، كما أن هذا اللقاء الذي تجرينه معي الان أكبر دليل على أن ذكره ما زال حيًا في الوسط الفني والإعلامي. * ما هي أحلى الذكريات لديكِ مع لطفي زيني؟. - ما زلت أذكر الظروف التي جمعتنا بدون موعد والمواقف والمفارقات التي حصلت أثناء تعارفنا والطريقة التي تقدم بها لخطبتي وزواجنا السريع، كل ذلك ترك لديّ ذكريات لا تُمحى، كذلك ذكريات شهر العسل الذي قضيناه في بيروت وزيارتي لجدة أول مرة وسكني في فندق البحر الأحمر ثم انتقالي للسكن في شقتنا، ثم تعرّفي على أهله وأصدقائه، ثم بعد ذلك حصلت في حياتنا أحداث سعيدة جدا، مثل إنجاب أولادنا ونجاح مشروعاتنا وسفراتنا في الإجازات للعديد من البلدان العربية والأوروبية، ولا أنسى كذلك أنه ترك لي مجموعة من الأغاني التي كتبها من أجلي مثل أغنية: «يا قمر تونس حنانك.. بالقلوب العاطفية.. كمّلك ربي وزانك.. بالعيون التونسية». وأيضًا أغنيات: «اليوم يمكن تقولي»، و»مرحبا بك يا هلا» و»ابتدت أيامي تحلى» واخرها أغنية «ما دام معايا القمر مالي ومال النجوم» وجميع هذه الأغنيات غناها الفنان طلال مداح يرحمه الله، ولقد كان الجانب العاطفي في شخصيته في منتهى الرقة والجمال وكاد زواجنا أنا ولطفي يكون مثاليًا، وقد ترك لي فعلا ذكريات لا تنسى محت كل ما كان سيئا في حياتنا. المزيد من الصور :